ا ل ح ز ب يريد رأس أحزاب 17 تشرين
بعد حرب تموز عام 2006، شهدت مناطق الجنوب هجمة كبيرة للمنظمات والجمعيات الدولية غير الحكومية، بهدف تقديم المساعدات لأهالي القرى والمناطق المتضررة جراء العدوان الاسرائيلي. تنبه ا ل ح ز ب لهذا الموضوع، وبشيء من السرعة والانضباط اتخذ قرار التصدي لعمل تلك الجمعيات التي حاولت التغلغل داخل البيئة الشيعية والاستثمار ببعض الكوادر الحزبية، الا أن الاموال التي تدفقت بسرعة لقيادة الحزب والعمل الممنهج لقيادته حالت دون ذلك وقطعت بشكل سريع الطريق على عمل أي منظمة داخل “الاراضي المحرّرة”. أخذ الحرس الثوري الايراني على عاتقه هذه المسألة وسرعان ما نشر الجمعيات والمنظمات الرديفة للمؤسسة الحزبية لتكون بديلاً عنها في المناطق وعملت على تقديم المساعدات واحتواء أي نقمة أو اعتراض على أداء هذا المسؤول الحزبي أو ذاك.
وخارج البيئة الجنوبية، كان ا ل ح ز ب يعمل مع تلك المنظمات ويتقاضى منها وجند آلاف العناصر في محاولة لمعرفة نوع الاعمال التي تقوم بها تلك المنظمات، فيما تعاون بعض رجال الاعمال التابعين للحزب مع تلك المنظمات، من خلال الدخول في مناقصات لبيعها مواد تحتاجها في عملها عبر تجار مسيحيين، وهي تختلف بحسب اختلاف طبيعة تلك الاعمال.
كان همّ الحزب ابعاد شبح المنظمات عن بيئته، لأن دخولها قد يكسر الكثير من الحواجز التي وضعتها القيادة وعملت على تثبيتها طوال أكثر من ثلاثة عقود من الزمن داخل المنظومة الحزبية. اليوم، قرأ الحزب جيداً المتغيرات التي ظهرت بعد 17 تشرين مع دخول تلك المنظمات المعترك السياسي عبر خلق احزاب ولدت من رحم ما يسمى المجتمع المدني وجمعياته، وإشتم بين طيّات تلك الاحزاب رائحة تطويقه داخل القاعدة الشعبية اللبنانية وتحديداً السُنية والمسيحية، ومن هنا جاء كلام رئيس كتلة الحزب النيابية “الوفاء ل ل م ق ا و م ة” النائب محمد ر ع د الذي تحدث عن “أعداء يحضرون كل العتاد والعدة للضغط بشكل كبيرة على المرشحين من الذين يؤيدون نهج ا ل م ق ا و م ة، لمنعهم اذا استطاعوا أن تكون هناك تحالفات والضغط عليهم لسحب عدد من المرشحين الذين يمكن أن ينجحوا ويكونوا في صف ا ل م ق ا و م ة. من خلال التهديد بمصالحهم خارج البلاد أو بتهديدهم بعقوبات ستفرض عليهم، وبخاصة إذا كانوا يعملون ولهم مصالح خارج البلاد، وسيحاولون شراء الذمم ودفع أموال باهظة من أجل ان يعِّدلوا موازين القوى ويسيطروا على الأكثرية المقبلة في المجلس النيابي”.
كلام رعد، جاء بعد دراسات أعدها الحزب عبر مراكزه الاستشارية تشير الى نية احزاب المجتمع المدني الدخول بقوة على الساحتين المسيحية والسنيّة والعمل على تطويق الاحزاب التي تؤيد مشروع “ا ل م ق ا و م ة”، كما ان بعض الاحزاب المؤيدة والحليفة قد تدخل في تحالفات مناطقية ضد لوائح يؤيدها حا ل ح ز ب ، ومن شأن هذا الأمر أن يسقط الكثير من الشخصيات السنيّة أو المسيحية التي يراهن الحزب على نجاحها في الانتخابات النيابية المرتقبة.
فشل المجتمع المدني والاحزاب السياسية المنبثقة عنه في التغلغل داخل بيئة ا ل ح ز ب ، دفعها الى العمل على تطويقه عبر اضعاف حلفائه، فكما تمكن الحزب من الفوز بالانتخابات قبل أربع سنوات، من خلال حلفائه في الشارعين المسيحي والسني، تسعى أحزاب المجتمع المدني الى الفوز بهذه المقاعد لإفقاد الحزب الأكثرية النيابية، ومن هنا تبرز المنافسة الانتخابية والتي بدأت حماوتها تظهر عبر المواقف والتصريحات من الاطراف كافة، لا سيما وأن الجميع يسعى بكل طاقاته للفوز ويحسبها على “البكلة” لأن أي هفوة قد تكون مكلفة. فالاكثرية النيابية من “الثنائي الوطني” الى التيار الوطني الحر والمردة وحلفائهم يسعون الى تثبيت زعامتهم على الشارع اللبناني، ويريدون ان يؤكدوا ان ثورة 17 تشرين لم تؤثر على قواعدهم الشعبية التي ستصرف هذا التأييد في الانتخابات النيابية. في المقابل يريد المجتمع المدني عبر أحزابه السياسية الجديدة القول انه أصبح ضمن المعادلة اللبنانية، ولديه كل الامكانات المادية للهجوم على الاحزاب التقليدية ويسعى الى انتقاء الشخصيات التي تحاكي تطلعات الجيل الجديد لجذبهم. وفي هذا الإطار يمكن لهذا الفريق تسجيل هدف في مرمى السلطة إن تمكن من توحيد مشروعه بلائحة واحدة وتقديم مشروع اصلاحي مقنع وبوجوه لا تكون امتداداً لوجوه السلطة أو صورة طبق الاصل عنها.
أما حا ل ح ز ب ، فلن يترك الساحة لخصومه وقد يقلبها على رأس الجميع، خصوصاً إذا وجد نفسه في “أزمة” حقيقية لم تستطع “قوافل المازوت” إنقاذه منها.
ليبانون فايلز