الرئيس نبيه برّي إلى ولاية سابعة… باقٍ
صدى وادي التيم – لبنانيات/
لا زالت الحكومة ضائعة في زواريب التسابق السياسي، بعيدة المنال، ولو أنّ الأمين العام لـ” ل ح ز ب ” ، قد فوّضَ نفسه، وبناءً على تفويضات متبادلة بين الخصوم – الحلفاء، لمهمة البحث عن أرضية التقاء مشتركة. السيد ن ص را ل ل ه يُدرك في سرّه أن لا حكومة في الأفق، أقلّه لا تشير المعطيات إلى أي احتمال. كذلك يعلم رئيس مجلس النواب نبيه برّي، أن رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، أضحى في موقعٍ آخر، ويبحث عن فوائد خروجه من المضمار. مع ذلك، يراهن ن ص ر ا ل ل ه ويستمر مرتكزاً إلى مسلسل تعويم الإيجابيات والتنقيب عن فجوة. في أثناء ذلك، ينبري الأقطاب إلى التلهّي بأمور جانبية، كمثل البحث والتنقيب عن المستقبل السياسي للرئيس نبيه بري.
لم يعد الحدث الحالي يدور حول تأليف الحكومة، إنما استطلاع مصير بعض الزعامات السياسية وموقعهم في تركيبة الإستحقاق النيابي المقبل، وسط طغيان الحديث عن دخول رجال الأمن والعسكر الحقل السياسي. بالأمس كان التركيز على قائد الجيش، واليوم يحلّ مدير عام الأمن العام ضيفاً على المسلسل.. ما يعنيه كل ذلك أن موسم الإنتخابات قد افتُتح، مع كل ما فيه من خبريات وترفيع حكايا على أخرى.
ومن زاوية “خلافة” الرئيس برّي، سرى الحديث عن احتمال ولوج المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إلى ساحة النجمة عبر الترشّح للإنتخابات. وتردّد في هذا السياق، أن إبراهيم ينوي الإستقالة من موقعه الحالي الذي يشغله كمدني منذ عام 2017، وقد طرح الفكرة على “ا ل ح ز ب “، لكن الأخير لم يقدم جواباً أو يعلّق على المسألة. في المقابل، راج حديث مُعاكس، مفاده أن الحزب سمع همساً أن اللواء إبراهيم يفكر بالترشّح، وحين بلغه الجواب، طلب إلى إبراهيم إحالة نفسه إلى عين التينة ومفاتحة برّي بالأمر، لكن اللواء فضّل تجنّب الخطوة. كل هذا، يؤشّر إلى وجود فئة ما، تُريد إقحام الحزب باشتباك مع حركة “أمل” من زاوية زجّه في القضية، وأصابع الإتهام توجّه راهناً إلى بعض “التيارين” الذين لعبوا على فكرة خلق جو من “عدم الثقة” بين الطرفين حين عمدَ النائب جبران باسيل إلى توكيل السيد ن ص ر ا ل ل ه أمره حكومياً عقب إسقاطه لمبادرة برّي.
وعلى نقيض ذلك تماماً، هناك من ينفي الفرضيات أعلاه من أصلها، أو وجود أي “طموح نيابي” لدى المدير العام للأمن العام في الوقت الراهن، ولو أن الطموحات السياسية لأيٍ كان مشروعة طالما أنها تسري تحت سقف القانون والأعراف. ومصطلح “الوقت الراهن” يدفع إلى التأمل، ولكنه لا يُسقط احتمال أن يكون لدى ابراهيم صاحب العلاقات المتشعّبة، محلياً ودولياً، مصلحةً أو طموحاً ما.
في الواقع، لم يعد سراً أن نزاعاً ما يدور من خلف الكواليس على وراثة “حالة برّي” بعد عمرٍ طويل، أو حين يُقرّر رئيس المجلس الإعتزال أو التنحّي (وهو أمر غير متوقّع طبعاً) والساعون إلى ذلك كثر. وفي المناسبة، هذا التسابق يتجاوز الإطار التنظيمي السياسي لحركة “أمل” نحو شخصيات رئيسية تنشط ضمن البيئة الشيعية، ولو أن الإعتقاد السائد أن أحداً من هؤلاء لا يقدر أو يمتلك الأهلية السياسية على سدّ الفراغ الذي قد يُحدثه “تنحّي” برّي في حال حصل، ذلك باعتراف كثر.
ولعل التسابق، بالإضافة إلى رمزية برّي والضرورات العظام لاستمراره في وجوده “شيعياً” على رأس مركزه، هي أسباب تحيل برّي إلى عدم التفكير بخيار التنحّي، إلى حين. أضف إلى ذلك، أن مسألة “التنحّي” ليست خياراً يخصّ الرئيس برّي وحده، بمعنى أن ذلك يحتاج إلى نقاش عميق، لا سيما مع ا ل ح ز ب ، إنما بري ليس مطلق التصرّف بهذا الخيار، ما دام أن رئيس المجلس يمثّل عملياً خياراً يتعدى حركة “أمل”، وصولاً إلى خيار طائفة بأسرها تحظى بتمثيل نيابي مئة في المئة من أصل عدد المقاعد المخصّصة لها، أي أن بري يمثل حلفاً شيعياً، وليس شخصاً يمثل طرفاً شيعياً فقط. وثمة من يذهب أبعد، حين يمنح الرئيس بري صفة الإمتداد السياسي الشيعي وبكافة تشعّباته المحلية والإقليمية. كل ذلك يُحيلنا إلى رواية مختلفة عن التي ساقها موقع إلكتروني مقّرب من الوزير السابق وئام وهّاب يُتهم من قبل محيطين بـ”الثنائي الشيعي” عادةً بـ”الحرتقة” على عين التينة نتيجة تراكمات سابقة. كل هذا يوصل إلى رفض الحزب والحركة في آنٍ معاً، إعتبار أن الحاجة إلى بري في موقعه الحالي قد انتفت، إنما، وفي تقدير الحزب، وهذا يعكس توجهه أيضاً، أن الرئيس برّي باقٍ، ومُقبل على تدشين فترة ولاية نيابية ورئاسية سابعة، وربما لن تكون الأخيرة، وإن غلب على ظن البعض أن برّي لم يعد يمثّل تقاطعاً إقليمياً أو دولياً.
عملياً، يمثل ” ا ل ح ز ب ” بالنسبة إلى الرئيس برّي خطاً أحمراً، والعكس صحيح. تجلّى ذلك في الكثير من المواقف. النزاع الأخير بين “التيار الوطني الحر” وحركة “أمل”، ومحاولة العونيين إقحام الحزب ضمن الإشتباك، مؤشّر إلى وضعية الحزب حيال بري. آنذاك، ثمة مِن بين العونيين من عمّم على الحزب دعوات للمفاضلة بين بري و”التيار”، كيف ردّ عليها الحزب؟ زاد من تموضعه إلى جانب رئيس المجلس إنما رفّعه. في المقابل، عمل على طمأنة العونيين من أن حلفه مع برّي لن يؤثر على تفاهمه مع التيار. هكذا، الحزب ينجح في جمع الأضداد.
وعلى النهج نفسه، ثمة من يشدّد على إمكانية أن يجمع الحزب الأضداد حين يدخل حديث رئاسة مجلس النواب إلى المضمار السياسي جدياً، لكن ذلك لن يُحدث فرقاً، بمعزل عن قرار الرئيس برّي، الذي، وفي نهاية المطاف، ستكون له الكلمة الفصل حيال هوية الطرف الذي سيستأنف مسار “الحركة” ضمن اللعبة السياسية.
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح