هل دخلنا سيناريو الـ 75؟
صدى وادي التيم – لبنانيات/
استبق الشارع الطبقة السياسية اللاهثة خلف الاجتماعات المالية والاقتصادية علَّها تستطيع وقف هذا الانهيار، وانتقل من مرحلة اقفال الطرقات والمطالبة بتأمين كل ما يتصل بأمنه الاجتماعي والحياتي، الى اعلان العصيان لتأمين لقمة عيشه بنفسه والاستيلاء على صهاريج البنزين والشاحنات المحملة بالمواد الغذائية لتلبية حاجته بعد ان فشلت الطبقة السياسية بمهمتها.
المشهد الذي ظهر شمالاً في عكار، حيث تم توقيف صهريجين من البنزين من قبل المحتجين الذين استولوا على الكمية الموجودة في كل من المحمرة والبيرة، يشكل سابقة خطيرة لا سيما وأنه استُكمل بتوقيف شاحنة محملة بالحليب وتوزيعها على المارّة في منطقة ديردلوم العكارية، وتعكس هذه الظاهرة “التحول الكبير” في الشارع الذي يذكرنا بمظاهر عاشها جيل الحرب الاهلية في بداياتها، حين كان يتم توقيف صاحب الشاحنة من قبل اهالي المنطقة أو البلدة ويجبروه على تركها او السماح للمسلحين في الشارع أخذ الحمولة تحت تهديد القتل، ما يمنع ايصال تلك الحمولة الى المناطق المجاورة التي تخرج بسلاحها لاسترداد شحنتها، فتندلع الاشتباكات بين المنطقتين ويسقط القتلى والجرحى ويتم اقفال الشريان الحياتي عن المنطقة.
تزدحم ذاكرة الحرب الاهلية بحوادث مشابهة لبعض الذين ذهبوا بمهمة نقل بضائع ولم يعودوا الى منازلهم قبل ان تجدهم عائلاتهم جثثاً مقطعة مرمية في الشارع، وهذا السيناريو كاد أن يترجم على الارض قبل أيام بين منطقتي البيرة ووادي خالد على خلفية توقيف صهريج من قبل أهالي البيرة كان متوجهاً الى الوادي، كما أكد اهالي البلدة، وقد سارعت القوى والفعاليات الى لملمة الموضوع وترك الصهريج، لأن الامور كادت تنفجر من قبل أهالي وادي خالد الذين ينتظرون مع اهالي منطقة أكروم تفريغ الحمولة في مناطقهم وفق ما أكدوا.
ومع تكرار حوادث مشابهة، كان آخرها في منطقة دير دلوم، سارع نواب منطقة عكار بمختلف انتماءاتهم السياسية الى رفع الصوت ومناشدة القوى الامنية منع هكذا تصرفات، نظراً لخطورتها على المنطقة المعروفة بالتنوع الطائفي، قد تؤدي الى اشكالات ذات طابع مذهبي تعيد تجربة الحرب الاهلية في المنطقة.
دعوة النواب لم تؤخذ بعين الاعتبار من قبل المواطنين الرافضين في الاساس لفكرة وجود دولة، وهم مصرون على المضي بهذه السياسة، طالما ان الامور الى مزيد من التأزم مع قرار المحطات والسوبر ماركت الاقفال في حال لم تسدد الدولة المستحقات الواجبة عليها، من هنا أبدت مصادر أمنية خشيتها من تدهور الوضع بين المناطق والقرى لا سيما ان لم تُحَل أزمة البنزين في اليومين المقبلين، عندها قد نشهد فوضى كبيرة تأخذ أشكالا مختلفة في بيروت والمناطق، وثمة خشية أمنية من الاقتتال الدموي في القرى المتداخلة على المستويين الحزبي والطائفي.
المصادر الامنية تُبدي خشيتها من انسحاب هذا الوضع على العناصر المولجين في الاساس حماية المواطنين، فهم يعانون مثلهم، وفي حال اقفلت محطات الوقود ولم يعد هناك من وسائل نقل متاحة عندها لن يجد العسكري اي وسيلة للتوجه الى عمله أو الالتحاق بثكنته لا سيما في المناطق البعيدة.
وتشير المصادر الامنية الى أن سيناريو الانفجار الاجتماعي الذي نتلمَّسه اليوم، سيكون أكثر خطورة من سيناريو 17 تشرين. فالوضع الاقتصادي والمالي، اضافة الى الاحتقان السياسي، سيدفع الامور نحو انزلاق خطير يُدخل لبنان في اقتتال داخلي خطير.
علاء الخوري – ليبانون فايلز