يحيى جابر: مفتاح النبطية صحن ” مجدرة “
يحيى جابر: مفتاح النبطية صحن ” مجدرة ”
عبد الرحمن … – الاخبار
تخوض أنجو ريحان التجربة وحيدةً على الخشبة
«إنها مسرحية كوميدية شهية؛ لأنّ فيها الكثير من الطعام» هكذا علّق المخرج والكاتب المسرحي يحيى جابر على عمله الجديد «مجدّرة حمرا» الذي انطلق في «تياترو فردان». يأتي اسم المسرحية من الطبق الشعبي الشهير في الوسط الجنوبي وتحديداً الشيعي. تخوض الممثلة المعروفة تلفزيونياً أنجو ريحان تلك التجربة وحيدةً على الخشبة، فالمسرحية مونودراما، وهو أمرٌ ليس بجديدٍ عليهما، فقد خاضا التجربة سابقاً من خلال «اسمي جوليا» التي قدمت أكثر من 50 عرضاً وستعود قريباً.
تحكي المسرحية التي استغرقت قرابة عام من التحضير، حكاية ثلاث صديقات «مريم» و«سعاد» و«فطم» القادمات من جنوب لبنان وتحديداً من مدينة النبطية. تلتقي الصديقات ليحكين كل شيء، في حياتهن، يومياتهن وتفاصيل الحياة كما يرينها. يشير جابر إلى أنَّ أهمية العمل تكمن في أنها «ستكون مفاجأة، لأنها المرة الأولى التي يقارب أحد هذه البيئة بشفافية وموضوعية وبهذه الطريقة العميقة من دون أي نوازع».
جابر الذي يعتبر واحداً من مجددي فن «المونودراما»، يخلطه مع فنونٍ أخرى، يؤكد أنَّ «فكرة البطل الواحد أو الـone man show أو one woman show في حالتنا هنا لها اعتباراتها. الاعتبار الأول أني أحب أن أتعب وأبذل جهدي على شخص واحد، ومن خلاله أحكي قصة فرد أو مجتمع أو طبقة أو ناس من ناحية فنية. الاعتبار الثاني عائد لأسباب انتاجية، ذلك أن قدرتي الإنتاجية محدودة؛ فليس لدي أي داعمين أو ممولين. فقط شباك التذاكر هو المصدر الوحيد». يحكي أيضاً عن الديكور البسيط الذي يستخدمه في أعماله المونودرامية، مضيفاً «هو على أي حال اسمه المسرح الفقير، معروف وقديم، ولادته كانت بهذه الطريقة عبر ممثل واحد على الخشبة يروي قصة. إذا أصل المسرح هو هكذا، بدأ منذ عصور المسرح الأولى أيام المسرح الإغريقي في مدينة طيبة.
يطل على البيئة المسيحية
من خلال مسرحية يعمل عليها مع ناتالي نعّوم
هذا هو الأصل وله جذور مسرحية في كافة المناطق أكان في الغابة أو الحي أو الشارع أو سواه». وبالعودة إلى المونودراما التي يعتمدها المخرج المخضرم، هناك نوعٌ من الخلط لا بين أنواعٍ متعددة من الفنون فحسب، بل بين كل ما يتعلّق بالفرد عموماً: «أمزج كل ما يتعلق بالفرد أكان حكواتياً أو One man show أو «ستاند آب كوميدي». يمكنني أن أمزج بين كل هؤلاء، بالإضافة إلى الشخص الغائب وأعني به الشاعر. الشاعر الذي كان يلقي شعره في سوق عكاظ أيام الجاهلية، وكان الحكواتي والراوي الأول ولسان القبيلة يمدح ويهجي ويحكي حكاياته. كل ذلك بات يصب في خانة Stand Up أو One man show، أو الحكواتي». ولا ينسى الإشارة أيضاً إلى خروجه عن «الثيمة» المعتادة لمثل هذا النوع من الفنون، فهو أيضاً يمزج كل شيء: «لا شيء اسمه مدرسة مسرحية تعمل على أساسها، يجب أن تعمل حسب النص وتسير معه. لا أتقيد بثيمة واحدة. مثلاً في الـ «ستاند آب» هناك ثلاث ثيمات الجنس، السياسة، والدين. وأنا لستُ مقيداً بهذه المواضيع فقط».
ماذا عن اختيار أنجو ريحان؟ يجيب جابر: «اكتشفت منجماً كبيراً ورائعاً هو أنجو. يمكنك استخراج الفحم الحجري منه ويمكنك استخراج الذهب أو الماس أو الخشب، «إنت وشطارتك». نحن عملنا سابقاً معاً، وقد كانت التجربة شديدة الأهمية في «اسمي جوليا»، وكانت منعطفاً في عملي المسرحي، فانتقلت من المسرح البيروتي إلى مكان آخر، إلى موضوع الشخص والأنا، فـ «اسمي جوليا» تحكي عن امرأة مصابة بسرطان الثدي، لعبتها «أنجو» بطريقة رائعة جداً».
في هذا السياق، نسأل أنجو ريحان عن مدى تشابهها مع بطلتها في العرض الجديد، فتجيب: «مريم تشبهني أكثر من فطم وسعاد. أتماهى مع مريم لأن هناك الكثير من الأشياء المشتركة بيننا، لكن هذا لا يعني أنهما لا تشبهانني أو أنني لا أعاني ما تعانيانه. هن مختلفات عن بعضهن رغم تشابههن، وإن عشن سوياً. كذلك هناك اختلاف في اللهجة كون إحداهن ليست جنوبية كثيراً، إذ سافرت ثم عادت إلى مدينتها. يظهر الاختلاف على الأقل بين مريم والشخصيتين الأخريين». ريحان التي يعرفها الجمهور من خلال برنامج «ما في متلو» الكوميدي، تجد أن هناك هامشاً كبيراً بين العالمين: «أعتبر أن المسرح في مكان والسينما والتلفزيون في مكان آخر. في المسرح كمية التعب الذي تبذله أكبر بكثير، فأنت تحضر شيئاً ستعرضه مباشرة باللحم الحي من دون إعادات أو تأثيرات مونتاج. لكن فيه اللذة الكبيرة التي تأخذها بعدما تفرغ طاقتك وترى ردة فعل الناس إن كانت إيجابية، إضافة إلى أني أنفصل وأصبح الشخصيات التي أؤديها. عندما عرضنا «مجدرة حمرا» أثناء التجارب في منزل يحيى بحضور حوالى ١٥ شخصاً، قالوا إنّنا أثرنا فيهم رغم أننا نؤدي عن مسافة قريبة وبدون ديكور. أحب هذا الغوص والتنقل بين الشخصيات المختلفة: بين واحدة تبكي وأخرى تضحك وتحكي النكات وتدخل الثالثة من محل آخر والأحاسيس تتلاعب طوال الوقت».
في الختام هل تعتبر «مجدرة حمرا» مصالحة بين جابر والمجتمع الجنوبي-الشيعي عموماً؟ يشير جابر ضاحكاً: «هي ليست مصالحة، فالمصالحة تمت مسبقاً لكن بسبب كثافة الغبار لم تظهر بوضوح. أريد أن أتقرب من مجتمعي وبيئتي وحياتي في لبنان وأطل على البيئة التي تربيت فيها»، ويختم: «وسأطل لاحقاً على البيئة المسيحية من خلال مسرحية أعمل عليها حالياً مع ناتالي نعّوم، سأحكي عنها قريباً».
عبدالرحمن…