صحن الحمّص أغلى من تنكة البنزين وأصحاب المطاعم “مخنوقين”
صدى وادي التيم – إقتصاد /
يقولون إن “شم الهوا أحلى دوا”، لكن في لبنان أصبح “الهوا غالي” والدواء بات مقطوعاً، وكما في السوبرماركت كذلك في المطاعم التي أعادت فتح أبوابها، أمس. فالدولار ألهب الأسعار، ولحقت المطاعم بكافة أنواعها بموجة الغلاء، في الوقت الذي يشكو فيه روادها من عدم تدخل الجهات المعنية للحد من التكلفة الباهظة، وبالذات حماية المستهلك التي تبدو غائبة عما يحدث، والبعض يستغل الغلاء لتحقيق الأرباح بعد اقفال طويل بسبب أزمة “كورونا”.
ماذا يفعل المواطن، خصوصاً أن “كورونا” حبس أنفاسه وسجنه لفترة طويلة بين جدران منزله، لكن يبدو أن “تغيير الجو” والذهاب إلى المطعم أصبح من الأمور الصعبة والمستحيلة وتكلفته عالية جداً، خصوصاً لدى الطبقة الوسطى التي لجم الدولار قدرتها الشرائية، علماً أن هذه الطبقة هي التي تحرك عجلة الاقتصاد اللبناني.
المواطن لا يطلب الكثير، وهو يدرك مدى الخسارة التي مني بها قطاع المطاعم، لكن على قاعدة “لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم”، إذ لا يجوز بأن تصبح المطاعم مسلخاً لجيوب المواطنين الباحثين عن مساحة تمويه في ظل طريقة عيش مذلة وخانقة، وبات صحن الحمص أغلى من تنكة البنزين.
في المقابل، قطاع المطاعم يرزح تحت أعباء كبيرة وحاله يشبه البلد المنهار، إذ إن أصحاب المطاعم أطلقوا صرختهم تجاه وزارة السياحة لتعديل قرار إعادة الفتح وتمديده لغاية الـ10 ليلاً بدلاً من الساعة 7، إلا ان هذا النداء لم يلق آذاناً صاغية وقوبل بالرفض.
ويجمع أصحاب المطاعم على أن القطاع مهدد بالزوال، والبعض لم يعد قادراً على إعادة فتح مطعمه خصوصاً الذين يعتمدون على الطبقة الوسطى التي لم تعد موجودة في ظل ارتفاع الدولار.
صاحب مطعم عبد الوهاب ستيف عطيه، يصر على إعادة الفتح لأن مصير أرزاقهم بات يهدد اعناقهم والاستمرارية فوق كل اعتبار، على الرغم من ارتفاع الأسعار.
ويوضح، عبر موقع “القوات”، إلى أن أسعار المواد الغذائية تخطت المعقول، ولم يعد بمقدور الزبون دفع مبلغ كبير على صحن حمص صغير، وبالتالي مضطرون إلى الذهاب نحو تخفيض عدد الموظفين، أو التوسل لدى صاحب الملك لخفض إيجار المحل، لأننا لم نعد قادرين على التسعير وفقاً لدولار الـ10000 ليرة.
ويؤكد أن قطاع المطاعم لم يعد يجني الأرباح، لأننا نعمل لغاية الساعة السابعة وبالتالي خسرنا فترة الليل، لكننا قمنا بالتعويض من خلال الدليفري، مشيراً إلى أن غالبية الزبائن هم من الطبقة الغنية وبعض الأجانب الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار، وباتت الـ10$ تساوي 100 ألف ليرة، وهذا الامر استفاد منه كل من لا يزال يتقاضى بالدولار أو من خلال التحويلات الخارجية.
ويشكو عطية من انهيار قطاع المطاعم في لبنان، معرباً عن أسفه حيال بعض المطاعم التي لم تعد قادرة على الاستمرار، وهي فضلت الاقفال التام، والاتجاه إلى خارج لبنان.
بدوره، صاحب مطعم “لوريس”، جان ماري رياشي، يؤكد أنه ليس بمقدوره إعادة فتح المطعم، كون مطعمه يعتمد على الغداء والعشاء، والقرار يحتم عليهم الاقفال عند الساعة السابعة مساءً، وهذا غير كاف لإعادة فتح المطعم وجلب الموظفين من أجل بضع ساعات والتحضير للغداء فقط.
ويملك رياشي مطعماً آخر يعتمد على خدمة الدليفري، وهنا الوضع مختلف كون التكلفة أقل، لكنه يشكو من شح المواد الغذائية والأولية، وبعض التجار لا يقومون بعملية التسليم بسبب ارتفاع الدولار، وإذا وجدت البضاعة فالتاجر يريد ثمنها بالدولار، ونحن كأصحاب مطاعم نقوم بالتسعير على الليرة، فمن أين سنأتي بالدولار؟
ويلفت إلى أن قرار إعادة فتح المطاعم سيفيد بعض المقاهي التي تعتمد على النرجيلة والقهوة والمشروبات الخفيفة، لكن هناك صعوبة كبيرة لدى المطاعم في تنفيذ هذا القرار الذي يلزم بالإقفال باكراً.
وبرأي رياشي، تتخذ وزارة السياحة القرارات بعيداً عن التنسيق مع المطاعم، وعلى الرغم من محاولات نقابة أصحاب المطاعم الضغط باتجاه تعديل القرار إلا ان المحاولة باءت بالفشل ورفضت لجنة إدارة “كورونا” أي تعديلات على القرار.
ويرفع الصوت عالياً، قائلاً، قطاع المطاعم يعاني منذ 17 تشرين الأول 2019، وكل ما نقوم به هو تمرير الوقت والحد من الخسائر الفادحة التي لحقت بنا.
لم اعد قادر على الاستمرار، يقول ديفيد سابيلا، وهو صاحب أحد المطاعم في منطقة الجميزة، ولم اعد املك ما يكفي من المال، وللأسف لا يمكنني اعادة فتح المطعم، وبعدما قمت بالاستثمار في لبنان ووضعت أموالاً طائلة، أنهى انفجار 4 آب كل الأحلام التي بنيتها.
يتأسف سابيلا، عبر موقع “القوات” من الحال الذي وصل إليه قطاع المطاعم في لبنان جراء الأزمة الاقتصادية وكورونا، إلا أن انفجار المرفأ أجهز على بعض المطاعم في الجميزة، إذ إن الضرر الذي لحق بمطعمه كبير جداً وهو لم يعد قادراً على إعادة مزاولة مهنته في ظل هذه الأزمة، فلا الدولار يشجع ولا أحوال المواطنين الذين باتوا يبحثون عن لقمة عيشهم بصعوبة، تعطي أملاً.
الرأي