المعلومة الأمريكية التي هزت بيروت … موعد الإنتخابات في خطر

المعلومة الأمريكية التي هزت بيروت … موعد الإنتخابات في خطر

كتب عبدالله قمح في موقع  ليبانون ديبايت  :  قبل أيّام جرى تناقل معلومات على نطاقٍ ضيّق حُصرت في صالونات سياسيّة، تتصلّ بمصير الإستحقاق الإنتخابي ومدى الإمكانيّة المتوفّرة لإجرائه. طرح هذا التداول تسبّبَ بنقزة لدى أرباب تلك الصالونات، سيما وأنه يُطرح في وقتٍ كنّا نظن أنّنا قد تجاوزنا فيه الجدل حول إجراء الإنتخابات من عدمه، وأتى في ظل الفترة الفاصلة بأقل من شهر عن موعد الإستحقاق.

يستوطن هذا الكلام غايات غير محمودة، ربّما يذهب الظن للاعتقاد أنها معلومات غير جادة، لكون أكثر من مرجعية سياسيّة رسميّة جَزمت حد التأكيد من أن الإنتخابات النيابيّة ستجرى ولا شيء يمكن أن يمنع إجراءها.

 

لكن وفي ظلّ هكذا أجواء، لا يمكن تجاهل أي معلومة تَرد أو يجري تناقلها، لذا أخذَ البحث يدور عن مدى صوابيتها ومصدرها وسرّ التوقيت الذي تُطرح به، فوجِدَ أن مصدرها واشنطن، ممّا جعلَ من يبحث يرتاب خاصة بعدما تبيّن أن أصحابها من المحسوبين على إدارة الصقور.

وأتى تداول هذه المعلومات في وقتٍ كان المسؤول السابق في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الإبن، البرلماني الجمهوري إيليوت أبرامز، يقول برسالة إلى موقع بوليتيكو الأميركي المتخصّص أن “لبنان يغلي، والمواجهة بين لبنان واسرائيل لا مفر منها، لذا على الإدارة السياسيّة الأميركيّة أن تُفعّل الخِطط من أجل تنفيذ عمليّات إجلاء شاملة لمواطنيها في لبنان”.

هَرع هؤلاء إلى مسؤوليهم يزفّون إليهم ما توفّر من معطيات عسى أن تُسهم في تِبيان ما خفيَ من أسباب هذا التداول. وبينما هم كذلك، شدّد رؤسائهم التأكيد أمام زوّارهم على حتميّة إجراء الإنتخابات في موعدها، وكأنهم يشهرون بذلك سيوف التحدّي بوجه من يُطلق المعلومات.

في تلك الأحاديث الجارية لا يخلو الأمر من الحرص والتنبّه على البلاد في ضوء ما يجري عند الحدود الجنوبيّة، وعلى الحدود في الجولان أو ما يحصل في غزّة. ثمّة أجواء توحي بأن حدثاً ما قد يحصل في الفترة القادمة، ورغم ذلك يُعيد أصحاب البيوت الجزم بأن “الأمور هادئة ولا شيء يدعو للقلق” لكن ليس صعباً التنبّه أن في كلامهم ثغرات تكتَنز أموراً تسشبهُ عليك، ربّما يسعون لإزاحة التركيز عنها.

ومن العوامل التي ترفع هذا الشعور، إقترابنا من لحظة الحسم المتوقعّة عربياً لما بات يعرف بـ”صفقة القرن” إذ يُنتَظر أن تحصل السعوديّة على جواباً نهائياً من السلطة الفلسطينيّة حول سؤال كان قد وجهه الأمير محمّد بن سلمان للرئيس محمود عبّاس، يدعوه فيه للموافقة على “الصفقة” قبل لقاء القمّة العربيّة المتوقّعة الشهر الجاري بعد تأخير إنعقادها الشهر المنصرم، لأن الصفقة “باتت أمراً واقعاً”.

بالعودة إلى الخط اللبناني، يقودنا الظن للسير عكس مجرى الزمن، تحديداً بإتجاه عام 2005، يوم اُجريت الإنتخابات النيابيّة فحازت قوى 14 آذار على الغالبيّة وتشكّلت حكومة محسوبة عليها. بعدها بعام، أي 2006 وقعت الحرب في الجنوب، معنى ذلك أن نية العدوان كانت موجودة لدى تل أبيب ولم يكن أحد في جوّها، ما يدلّ على أن إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة على وزن هويّة المُسيطر على البرلمان اللبناني كي تُقدم على حرب.

نفس الأجزاء تتجمّع اليوم، ثمّة أجواء لا تُطمئن، وثمّة طَفرة في حِراك الممثّلين الغربيين في بيروت، وهناك عربدة إسرائيليّة غير محدودة عند الحدود، وإنفلات وهياجان وتهوّر أميركي جنوني لا حدود له، وسط كل ذلك حلّت شخصيّة دبلوماسيّة أمميّة ضيفةً على مرجعيّة سياسيّة رئيسيّة في البلاد.

سَردت الشخصيّة الوضع العام في المنطقة لتصل إلى لبنان محاولةً إستشراف المرحلة، ما أوحى للمرجعيّة أن الشخصيّة الضيفة تحاول إستفهام موقفها من أي حدث قد يطرأ، فلتفّت المرجعيّة ببارغمتيّتها من السؤال بالإشارة الى أن لبنان “غير معني بالتصعيد”.

وقبل أن تتنفّس الشخصيّة الضيفة الصُعداء، باغتتها المرجعيّة بنقلها إلى جنوب لبنان ملمّحةً أن “إسرائيل هي من تُصعّد وبخاصةً عند إعلان إستعدادها للعودة إلى أعمال الحفر (وقتذاك) المتّصلة ببناء الجدار الإسمنتي بعدما كانت قد تراجعت عنها في السابق”.

وقد أعادت لفت نظر الشخصيّة الضيفة إلى إن إسرائيل ستُمارس أعمال الحفر على الحدود وقد تصل لنقاط متنازع عليها، ما يعتبر خرقاً للسيادة اللبنانيّة، لذا على إسرائيل أن تخفّف من إستفزازاتها، ثمّ على الأمم المتّحدة أن تضطلع بدورها ومسؤوليتها في خفض التوتّر الناجم عن التصرّفات الإسرائيليّة، وأن تُفهم تلّ أبيب أن لبنان لن يَسكت عن التعرّض لسيادته عند الحدود البرّية، وهو يتمتع بأدوات كافية للدفاع عن سيادته”.

على ما يبدو كان موقف المرجعيّة صادماً بحيثُ حاولت الشخصيّة إنتزاع أي توضيح حول ما يقصد دون أن تُفلح، لينتهي اللقاء على إسداء نصيحة بـ”منع إسرائيل من التذرّع بحُجج للاقدام على إعتداء جديد”.

وفي البحث عن سبب نصيحة المرجع بما خص الذرائع، يتبيّن أن إسرائيل تعمّدت نقل رسالة تحذير إلى بيروت عبر وسائط دبلوماسيّة قبل أيّام، تَدّعي فيها أن حزب الله يُنفّذ تحرّكات عسكريّة، ويستقدم تعزيزات تحت جناح الجيش السوري مقابل خط وقف النار في الجولان، من بينها قيامه بتقدم نحوه، وهو ما تعتبره تل أبيب موجّهاً ضدّها، وكأنها تريد القاء اللوم على الجانب اللبناني.

لم تمرّ أيام قليلة حتّى إستخدم سلاح الجو الإسرائيلي الأجواء اللبنانيّة للإغارة على مطار الـ”تي-فور” العسكري السوري بريف حمص من فوق منطقة البقاع، والذي يُعتقد أن قوات إيرانية وأخرى من حزب الله تتخذهُ موقعاً خلفيّاً لها ذات وضعيات متقدّمة.

أتى ذلك في ظل حديث مطوّل للرئيس ميشال عون عبر برنامج “إنترناشونالز” الفرنسي رافضاً خلاله توصيف حزب الله بأنه “”حليف ثَقيل” معتبراً أن “أفراده لبنانيون يعيشون في قراهم على الحدود مع إسرائيل للدفاع عنها وعن لبنان، ولم يهاجموا أبداّ إسرائيل بل حرّروا جنوب لبنان من الإحتلال الإسرائيلي”.

توازياً كانت طائرات الإستطلاع وعلى مدى أسابيع طويلة، لا تبرح سماء جنوب لبنان، مترافقة مع تمشيطها بطلعات جويّة حربيّة، ما جعلَ من هُم على الأرض يترصّدون التغيّيرات الواضحة في السماء، فترك لديهم حرّية تَفسير كلام الرئيس عون وربطه بتحذير المرجع الذي وضعه في عهدة ضيفته الأماميّة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى