أميركا تبتز خلدة و أرسلان

رفع “المير طلال” كأس المواجهة. في الداخل، يقود معركة “الدروز” الحكومية تحت شعار “عدالة التمثيل” حتى ولو كلف ذلك قلب الطاولة على صيغة الإتفاق الـ١٨ لصالح ٢٠. “لن يخرب البلد” قالها أرسلان من على منبر بعبدا، ومشى!

داخلياً، أيضاً يتموضع إلى جانب ا ل ح ز ب  في نفس الخندق السياسي، وما حاد عن ذلك يوماً. في الشق الخارجي ينعم بعلاقة مثالية مع “الشام” التي تبادله نفس النظرة، وإستراتيجياً لا يخرج عن خطوط طول وعرض “محور ا ل م ق ا و م ة”. أنها قضايا لا ترضي واشنطن بطبيعة الحال، الساعية إلى إبتزاز مكونات الثامن من آذار وحلفاء سوريا وا ل م ق ا و م ة بشتى صنوف الابتزاز، بنيّة تفكيك روابط الصلة بينهم!

منتصف تشرين ثاني الماضي، حضرت السفيرة الاميركية في بيروت دورثي شيا إلى خلدة كضيف “إستثنائي”. كلمة إستثنائي هنا تأتي في مقام توصيف زيارات المسؤولين الاميركيين إلى شخصيات غالباً لا تتقاطع معها في المواقف السياسية. استبقاها “المير” على طاولة مطلة على البحر. المنظر في خلدة “خلال العصرونية” جذاب، ويفتح الشهية على الحديث.

تناول الجانبان اطراف الحديث، كان واضحاً ان “شيا” حضرت إلى خلدة على رأس مهمة بحث عن اجوبة لاسئلة حيوية على صلة بالشق السوري، تحديداً المشاركة اللبنانية الفاعلة في مؤتمر “النازحين” الذي استضافته دمشق ورعته موسكو بين ١١ و ١٢ نوفمبر الماضي، وكان من بين المسوقين لفكرته –وفق النظرة الاميركية- وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الاعمال المحسوب على المير “رمزي مشرفية”.

فهم في خلدة ان شيا تعطي اهمية استثنائية وقصوى إلى مشاركة لبنان في المؤتمر. وبحسب تعبير مواكبين للنشاط الاميركي في بيروت، فإن مشاركة لبنان بشكل رسمي وفاعل في فعاليات مؤتمر مدعوم من موسكو في سوريا، استفزت الجانب الاميركي الذي يُدرج لبنان “نزوحتياً” تحت خانته السياسية، إلى حدود دفعته لترويج ونشر معلومات مضللة على صلة بالمؤتمر.

خرجت شيا من خلدة بصفر نتيجة في ما له علاقة بهذا الملف. لم تلقَ اجوبة شافية حول أسئلة عميقة طرحتها، مع ذلك لم تنقطع “شعرة معاوية” بين خلدة وعوكر. بطبيعة الحال، تولت شيا نقل خلاصاتها إلى واشنطن، في ظل تقدير أميركي يؤمن أن مشرفية حظيَ بموقع بارز خلال المؤتمر، ويتمتع بدور “يخدم النظرة السورية/الروسية إلى ملف النازحين على المستوى اللبناني، ويعمل وفق مندرجات خطة “الثنائي” غير المطابقة للمواصفات الاميركية حيال الملف، وهنا لا يمكن بأي حال من الاحوال إعفاء خلدة من العلاقة، والمسؤولية!

رغم مرور ما يقارب الشهرين على إنتهاء فعاليات المؤتمر الذي أضحت نتائجه واقعة تحت أسر تفلّت وباء كورونا من عقله، ما غادرَ الملف العقل الأميركي إطلاقاً. معظم المسؤولين الأميركيين ممن هم على صلة بالملف اللبناني او السوري، لا يدعون مناسبة إلا ويعلقون فيها على المشاركة اللبنانية، وقسم منهم نصّب نفسه مقام “الناصح” للجانب اللبناني، كمثل المبعوث الخاص إلى سوريا جويل رايبرن، الذي ذكر بخطورة أدوار “بعض اللبنانيين” في ظل سريان مفعول قانون قيصر، وانعكاسات ذلك على لبنان الرسمي.

يلمح رايبرن هنا إلى عواقب محتملة بشكل صريح ومباشر حين يتناول “قانون العقوبات” المسمى “قيصر”. يتطور التلميح إلى تلويح حين يركز أكثر من مسؤول أميركي وفي أكثر من مناسبة على نفس النقطة “طبيعة المشاركة اللبنانية في المؤتمر”، التي تندرج وفق النظرة الاميركية إلى كونها “مخالفة لمندرجات قانون قيصر” الذي يبدو أن الأميركيين بدأوا بتطبيق بنوده وبفعالية في الفضاء الرسمي اللبناني.

تذهب الصورة بشكل أبعد حين بدأ يسري الحديث عن قائمة عقوبات أميركية جديدة سيجري الإعلان عنها خلال الفترة القصيرة المقبلة، ومن المتوقع أن يحدث ذلك قبل مغادرة دونالد ترامب البيت الابيض. ويتردّد أنها مبنية على مندرجات قانون قيصر على أن تطال شخصيات قريبة من سوريا ومتحالفة معها ومع ا ل ح ز ب . وفي حال صح ذلك، تصبح المرة الاولى التي تُدرج فيها عقوبات على جهات لبنانية تحت بنود هذا القانون.

عملياً، تتحول مندرجات “قيصر” إلى “مسائل خاضعة لمنطق الابتزاز” أو بالاحرى أدوات للي أذرع بعض حلفاء سوريا داخل لبنان. خلال الفترة الماضية ابتزَ المسؤولون الاميركيون نظراءهم اللبنانيين بإستخدام مندرجات القانون ذاته حين طرحت قضايا على صلة بالتهريب، اي القضايا التي افتعلها البعض في الداخل اللبناني، والآن يعود من بوابة أدوار حلفاء ا ل ح ز ب  إلى جانب سوريا من بوابة حضورهم الرسمي اللبناني. وهنا، لا يُمكن إستبعاد “خلدة” من قوائم الاستهداف سيما مع نطق أكثر من مسؤول أميركي بتعلقيات حيال طبيعة المشاركة اللبنانية في “مؤتمر دمشق للنازحين”.

الجانب القريب من المستوى السياسي في خلدة يقلّل من إمكانية إدراج أحد المقربين من “دار الامارة الارسلانية” على لوائح عقوبات قيصر. فـ”مستحيل أن يفكر الاميركيون بهذه الخفّة السياسية، بل هم يجنحون في الوقت الراهن صوب بنود القوانين ذات الصلة بمكافحة الفساد!”، وإذا كان ولا بد، “قد يشير ذلك في حال حدوثه إلى ضحالة سياسية في مكان”.

مع ذلك، لا يمكن إعفاء الاميركيين من الخوض في مشروع الابتزاز ومحاولة جني الثمار من ورائه. هناك تجربة طازجة تجسدت في رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، حليف النائب طلال أرسلان وا ل ح ز ب ، الذي خضع تقريباً لنفس تجربة الابتزاز، وحين لم يفلح الاميركيون في مسعى حرفه عن سكته السياسية، اخضعوه لعقوبات “ماغنيتسكي”.

المصدر: ليبانون ديبات

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!