عدنان سمور: تاريخ التربية والتعليم في الخيام
لئلا تضيع
هي ذكريات أسست لنشوء مدينة جميلة إسمها الخيام بناها الأجداد والآباء بجهد وعذابات مضنية وجبلوا أعمارهم بدمهم وعرقهم وتعبهم وسهرهم وعبروا محطات وتحديات وأزمات كانت في كثير من المراحل تهدد وجودهم ومستقبل أبنائهم وأسرهم ورغم كثرة الصعاب والمخاطر انتصروا بإرادة الحياة التي تمتعوا بها وتركوا لنا إرثا وذكريات جميلة هي مدعاة للفخر والإعتزاز وهذه الذكريات تمثل مخزونا ومعينا لا ينضب من التجارب والخبرات والحكمة التي حرام علينا أن نسمح بأن يطويها النسيان والضياع .
من هنا وعرفانا منا بأهمية الكنز التراثي الذي تحويه الخيام سنبدأ عرض سلسلة من الأبحاث والمقالات التي تتحدث عن تاريخ الخيام في كافة مجالات الحياة وسنبدأ بمقال يتحدث عن التربية والتعليم (وهو الجزء الأول من هذه السلسلة).
وأرجو من كل من لديه قدرة من ابناء الخيام الأحبة وهم كثر ولله الحمد أن يشارك بتقديم إضافة أو ملاحظة أو صور أن يمد لنا يد العون لنقدم عملا متكاملا لائقا بالخيام وأهلها الطيبن.
مع الشكر الجزيل والإمتنان سلفا لكل من ينصحنا ويهدي الينا عيوبنا ويتكامل معنا في هذا المسعى النبيل.
النظام التعليمي الذي ورثته منطقتنا
تشتهر الخيام في محيطها بأنها كانت سباقة في إطلاق مشروع تطوير أساليب التعليم التقليدية والتي كانت تتمثل بالدراسة في الكتاتيب وبيوت العلماء وعلى يد مشايخ وطلاب العلوم الدينية وقراء العزاء من أبناء البلدة منذ نهايات القرن التاسع عشر .
وكانت الدراسة التقليدية متوارثة في عالمنا العربي والإسلامي من العصر العباسي الذي انتشرت واشتهرت فيه العلوم بكافة أنواعها وتفرعاتها وذلك بسبب تشجيع الملوك والخلفاء العباسيين للمفكرين والكتاب والشعراء والعلماء وقد إمتاز امتاز من الخلفاء العباسيين المأمون العباسي الذي دعم وحفز عمليات الترجمة والتأليف والإنتاج المعرفي بشكل عام على امتداد العالم الإسلامي وفي شتى ميادين المعرفة وكان العالم الإسلامي يومها ممتدا من الأندلس غربا الى الهند شرقا .
ولقد كان الأسلوب المتوارث والمعتمد في التعليم يعتبر أن الأستاذ هو محور العملية التعليمية ومحط الإهتمام والإحترام والتبجيل من قبل التلاميذ وأهلهم وعموم الناس وقد ألفت الكتب التي تشرح كيفية التعامل مع الأستاذ وكيفية إحترامه وتوقيره وكيفية مرافقته ومخاطبته بالكلمات المنتقاة التي تراعي خصوصيته وتعلي شأنه وتؤكد على مركزيته. ومن هذه الكتب “منية المريد في آداب المفيد والمستفيد . لزين الدين الجبعي العاملي المعروف بالشهيد الثاني”.
وكان المعلم يعتمد مع طلبته في هذه المرحلة التقليدية أسلوب التلقين تلقين وما على الطلاب إلا أن يحفظوا ويسجلوا ما يملي عليهم أساتذتهم ومشايخهم الذين يعلمونهم قراءة القرآن وقواعد النحو والصرف وبعض العمليات الحسابية في حال كان الأستاذ له اهتمام ومعرفة بهذا النوع من العلوم.
وضع منطقتنا في نهايات القرن التاسع عشر
كانت نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين فترة ضعف وأزمات معيشية خانقة عاشتها منطقتنا نتيجة الأوضاع المزرية التي وصلت إليها السلطنة العثمانية في تلك المرحلة وبسبب الضعف البنويوي الذي وصلت اليه بعد اربع مئة سنة من الحكم المليء بالثورات والحروب والفتن والتدخلات الأجنبية من كل حدب وصوب وبسبب تعديات الدول الأوروبية الطامعة بغزو المنطقة ونهب ثرواتها وتقاسمها فيما بينها . كل ذلك من أجل تحويل المنطقة الى مستعمرات واسواق لمنتجاتها . ولا شك أن منطقتنا العربية كانت مهملة من قبل السلطنة العثمانية المركزية ومتروكة لقدرها. خاصة في مجال التربية والتعليم نظرا لما يمثله التعليم من مصدر وعي للناس الذين إذا زاد وعيهم ومعرفتهم بتاريخهم وواقعهم وإمكاناتهم فإنهم حتما سيثورون على آليات وأجهزة الإقطاع المتوارث والمعتمد من قبل السلطات العثمانية في إدارة شؤون البلاد والعباد . والذي كان يمثل ظلما وقهرا وعقما لأي مشروع نهضوي وتحرري للناس في ذلك الزمان.
وقد مثلت الحوزات العلمية وكليات الشريعة والأديرة المنتشرة في العالم العربي والإسلامي واحات منيرة للعلم والمعرفة التي حفظت الحد الأدنى الممكن من وعي الناس وثقافتهم في أمور دينهم ودنياهم. ولا شك انه كان هناك فرق كبير بين الحياة العلمية في المدينة والحياة العلمية في القرى النائية التي كات الخيام تمثل إحداها.
بداية نشوء المدرسة الكتاب في الخيام
من أوائل العلماء الذين عملوا على وضع حجر الأساس لأول مؤسسة تليمية في الخيام في تلك المرحلة الشيخ عبد الحسين إبراهيم صادق الذي تحدر من أسرة من بلدة الطيبة . ولد الشيخ عبد الحسين عام 1862م. ودرس النحو والصرف والمعاني والبيان والمنطق في حوزة مجدل سلم ثم هاجر بعد ذلك الى النجف الأشرف سنة 1881م . وبقي متفرغا لتحصيل العلوم الدينية مدة سبعة عشر عاما. رجع على أثرها في عام 1898م. حاصلا على إجازة في الإجتهاد وأقام في الخيام في منزل قريب من مسجد البلدة الذي بناه بالتعاون مع الخيرين من أبناء البلدة الذين كان يعمل معظمهم في الزراعة وتربية الماشية وكانت رائجة بينهم أيضا مهنة المكارية التي تعني مهنة التجارة المتنقلة بواسطة الدواب التي كانت تمثل وسائل النقل السائدة والمعتمدة في ذلك الزمان .
وقد أسس الشيخ عبد الحسين صادق مدرسة دينية في بيت الشيخ حسن قرب بيت كاظم عطية كان يدرس فيها ابناء البلدة الراغبين بالتعلم والتفقه في أمور دينهم ومعرفة القراءة والكتابة.
ولكن الشيخ عبد الحسين ونتيجة ظروف معينة غادر الخيام الى النبطية وكان إماما لمسجدها ومشاركا في تأسيس المدرسة الحميدية فيها الى جانب السيد حسن يوسف الذي كان يمثل زعامة ومرجعية لسكان جبل عامل في زمنه. وقام الشيخ عبد الحسين صادق بتوسعة مسجد النبطية لاحقا وقضى بقية عمره هناك حيث توفي عام 1945 ودفن في النبطية . وقد ترك مؤلفات منها :”سقط المتاع – عرف الولا – النظرات والمناظرات”.
وكان من ابنائه الشيخ محمد تقي والشيخ حسن المولود عام 1892 اللذان عادا مع والدهما الى الخيام وترعرعا فيها وتتلمذا على يديه وتابعا دراستهما في الحوزات العلمية في لبنان وفي النجف الأشرف لاحقا وكانا دائما التردد إلى الخيام حيث شغل الشيخ حسن منصب مفتي صيدا مدة من الزمن وكان شاعرا ومشرعا وفقيها. توفي عام 1966.
متابعة وتطوير المدرسة الأولى بعد غياب المؤسس
خلف الشيخ عبد الحسين صادق في إمامة مسجد الخيام إبن أخته الشيخ عبد الكريم صادق الذي تتلمذ في بداية مراحله الدراسية على يدي خاله في الخيام . ثم تابع بعد ذلك تحصيله العلمي في الحوزات العلمية في النجف الأشرف . وكان يدرس المهتمين والراغبين من أبناء الخيام في التعلم في المسجد الذي كان يمثل مكانا للصلاة والعبادة والدعاء كما كان يمثل مدرسة للمتعطشين الى النهل من العلوم المتاحة يومها.
بنى الشيخ عبد الكريم صادق الحسينية معتمدا على الخيرين من أبناء الخيام ليتمكن الخياميون من إقامة مناسباتهم الإجتماعية والدينية والوطنية بشكل لائق وفي كافة فصول السنة.
وكان من أوائل الأساتذة الذين علموا في المدرسة (الكتاب) التي أسسها الشيخ عبد الحسين صادق قارئ العزاء الشيخ خليل ن ص را ل ل ه . وكان الكتاب المعتمد في التدريس هو القرآن الكريم وأجزاء منه مثل جزء عما وغيره من الأجزاء ولم يكن هناك لوح أو قرطاسية أو أقلام أو مقاعد بل كان جلوس التلاميذ على الأرض بمحاذاة الحائط على إمتداد محيط الغرفة وكانت أداة التأديب المعتمدة من قبل الأستاذ عبارة عن حزمة من قضبان الرمان المختلفة الأطوال التي يضعها الأستاذ بجانبه ويتمكن بواسطتها أن يطال أي مقصر أو مشاغب من التلاميذ مهما كان بعيدا عنه بدون بذل أدنى عناء أو جهد يذكران. وكانت تمثل المشافهة والتسميع والتهجئة الوسائل التعليمية الوحيدة المعتمدة. وكان يقال ” للكسرة والفتحة والسكون والضمة ”
” خفضة – نصبة – جزمة – رفعة.” وكان على التلميذ أن يقرأ جزء عما محركا والأستاذ جالس بوقار مصغيا إليه ويصحح له إذا أخطأ. ومن الطرف التي كان يتناقلها جيل ذلك الزمان أنه عندما سأل ولد بسيط زميله في الكتاب من أين نأتي بنسخة من القرآن الكريم ؟ أجابه صديقه أن أفضل وأرخص طريقة هي أن تزرع ورقة من المصحف الذي عندكم في البيت في حديقة المنزل ثم تسقيها يوميا حتى يفرخ منها كتاب قرآن كامل الأجزاء وبعد إكتماله تقوم بقطفه وحفظه في المنزل وإحضاره الى الكتاب لتتعلم فيه.
تبع الشيخ خليل ن ص ر ا ل ل ه في مهنة التعليم ابناه حسين الشيخ خليل وجعفر الشيخ خليل. اللذن علما في المدرسة التي اسسها الشيخ عبد الكريم صادق إضافة لمدرسة أسست في بيت محمد سليمان أبو عباس للتعليم . لأن صاحب البيت كان متوفيا وتزوجت أرملته التي كان لها منه إبنة وحيدة. وسكنت مع أسرتها الجديدة في سهل الحولة. فقام أقارب المرحوم بتأجير المنزل ليكون مدرسة (كتابا) يتعلم فيه الصبية الذين يجب أن تكون أعمارهم فوق الثماني سنوات وكانت تحضر الدرس أحيانا فتيات . وكان إيجار المنزل الشهري خمسة وعشرون قرشا.
طبيعة الأقساط الدراسية وكيفية تحصيلها
كان مطلوب من التلاميذ أن يحضر كل واحد منهم معه في نهاية كل أسبوع رغيف أو رغيفي خبز مرقوق وعود حطب للتدفئة في فصل الشتاء يكون مناسبا لزند التلميذ من حيث القطر . وكان الصبية الأشقيا يأتون بعود الحطب من سياج حواكير جيرانهم أثناء ذهابهم الى المدرسة (الكتاب) لأن الناس في تلك المرحلة الزمنية كانوا يسيجون حواكيرهم بخشب السدر . كما كان بعض الصبية يحضرون معهم ثلاث بيضات ويسلموها للأستاذ . أو يأتون ببعض الحبوب أو اللبن وغيرها كل حسب إستطاعته وكانت هذه التقديمات من قبل الطلاب تمثل القسط المدرسي الذي يدفعه الأهالي على مراحل بطريقة المقايضة نظرا لفقر الناس في تلك المرحلة من الزمن وعدم قدرتهم على دفع النقود الى المعلم الذي كانت هذه العطايا تمثل أهم مصادر رزقه ومعيشته مع أسرته.
طقوس التخرج التي كانت تحمل براءة طفولية ساحرة
ومن الطقوس التي كان يمارسها الصبية في الكتاب هي أنه عندما ينهي التلميذ مرحلة حفظ القرآن الكريم أي قراءة كافة أجزاء القرآن وتجويدها يقوم زملاؤه بإختطاف قبعته التي يرتديها ويركضون مسرعين الى منزله ويبشرون والدته بتخرجه فتفرح بهم وتشكرهم وتدعوا لهم بأن يوفقهم الله إلى ما وفق إبنها وتملأ لهم قبعته من التين اليابس والزبيب والقضامة وإذا توفر الجوز واللوز فإنها لم تكن تبخل بهما على الصبية الفرحين بتخرج زميلهم فيأخذون هديتهم ويخرجون حيث يبدؤون بتخاطف ما في القبعة وهم يتمازحون ويضحكون ويلعبون .
مميزات الأستاذ أبو عبدو وأسرته
بعد مرحلة من الزمن بدأ التطور في أساليب ومناهج التعليم خاصة على يد المعلم إبراهيم محمد عواضة (أبو عبدو) الذي ولد عام 1841 . وتعلم اللغة العربية على يد محمد حسن عبدالله التنوخي الذي كان درس في تركيا لأنه كان إبن أسرة ميسورة الحال حيث كان أبناء الأسر الميسورة والنافذة يسافرون الى اسطنبول أو إلى القدس الشريف لتعلم العلوم العصرية التي كانت تمثل مقدمة ضرورية للحصول على وظائف لائقة من حيث الموقع الإجتماعي ومن حيث المداخيل المترتبة على من يحضى بتلك الوظائف . وكان إبراهيم عواضة صديقا لإبن أستاذه . ولما لاحظ الأستاذ ذكاء وفطنة صديق ولده . ارسل الإثنان على نفقته الى القدس ليتعلما في المدرسة السلطانية التي بناها السلطان عبد الحميد وليستفيد ولده من ذكاء صديقه عندما يرافقه في رحلة التعلم والتحصيل هذه . وحصل التلميذان بعد سنوات الدراسة على شهادة معتبرة في الحساب(الرياضيات). ويروي حفيد أبو عبدو المرحوم علي عبد الحسن ابراهيم محمد عواضة عن جده وجدته حكاية يجدر بنا ذكرها هنا وهي موثقة بصورته وصوته ومفاد الحكاية هو أن قائممقام مرجعيون أرسل يوما عملية حسابية معقدة الى مدير مدرسة الخيام الرسمية الأستاذ علي حسين عبدالله الذي قصد الأستاذ أبو عبدو المتخصص بالحساب ليستفيد من خبرته في حل المسألة فجلس الضيف والمضيف قرب نافذة مطلة على الدار في منزل أبو عبدو حيث كانت أم عبدو (فاطمة ضاهر غريب) تجلي الأواني من ماء البرميل الموجود في الدار وكانت أم عبدو أمية وكان عمرها يومها إثنان وتسعون عاما . وبدأ الضيف يشرح المسألة الحسابية للأستاذ أبو عبدو وكانت أم عبدو تنصت جيدا وتعمل فكرها الفطري المتوقد حتى إذا إنتهى الأستاذ علي عبدالله من شرح المسألة للأستاذ أبو عبدو سمع فجأة صوت أم عبدو يأتي من الخارج قائلة المسألة بسيطة وجوابها كذا وكذا فتفاجأ الصيف والمضيف بسرعة بديهتها . ولما عرف القائممقام بالقصة من خلال الأستاذ علي عبدالله طلب أن يلتقي بأبو عبدو وسأله أثناء اللقاء عن حاجته فطلب منه أبو عبدو اعطاءه تصريحا أو رخصة رسمية للتعليم في المدرسة التي أنشأها في بيته لأن الدرك كانوا يضايقونه نضرا لأنه يدرس دون ترخيص رسمي من قبل وزارة التربية والتعليم في بيروت وهكذا تحقق مطلب أبو عبدو وحلمه ولكنه ظل لا يتقاضى مرتب من وزارة التربية والتعليم.
أساليب التعليم تشهد عملية تطور غير مسبوقة
دخل أبو عبدو مجال التعليم بعد أن كانت المدرسة التي أنشأها الشيخ عبد الحسين صادق قد مرت بمرحلة من التوقف بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي مر بها الخياميون في فترة الحرب العالمية الأولى التي ترافقت بأمراض ومجاعة وهجرات . حيث فضل الأهالي الإستفادة من عمل أبنائهم في الزراعة والرعي والمكارية وغيرها . وبعد مدة من توقف المدرسة بدأت ظروف الناس بالتحسن وبدؤا يطالبون بوجود مدرسة يتعلم فيها أبناءهم . فما كان من الأستاذ أبو عبدو إلا أن بادر للتصدي لهذه المهمة الحيوية والمؤثرة في واقع ومستقبل أبناء الخيام المتطلعين الى التعلم والتقدم في مجالات الحياة. وقد أحدث أبو عبدو في المدرسة التي أنشأها تطورا في الأساليب والمناهج التعليمية وأشرك الفتاة في عملية التعليم مع الصبية على حد سواء وكانت هذه الخطوة تمثل خطوة منفتحة ومتسامحة وحضارية قياسا للعادات والتقاليد التي كانت سائدة ومهيمنة في تلك الأيام.
ومن الوسائل التي تم استحداثها في عملية التعليم إستخدام دفتر يقال له مجلد يحتوي مئة نصف من الورق يكتب التلميذ على الورق جملة مثل:” إذا رمت النجاة فزر حسينا تلقى الإله قرير عين”. ثم يكرر كتابتها ماءة مرة . فيتعلم بذلك الخط والكتابة ويحفظ العبارة عن ظهر قلب.
أما الحبر فكان عبارة عن حبوب ناعمة بحجم حبوب السكر يتم شراء كمية منها من الدكان مقابل مبلغ مقداره (قرش) وتكفي هذه الكمية من الحبر أن يكتب بواسطتها التلميذ لمدة سنة. وكان التلميذ يقوم بإذابة الحبر الجاف بواسطة الماء . وإذا لم يكن لبقا في إذابته فمن المحتمل أن يلوث ملابسه ويعرض نفسه الى تقريع والدته وتعنيفها له كحد أدنى من العقاب.
أما القلم فهو عبارة عن ريشة تشترى أيضا من الدكان ولها غطاء يحمي رأسها وكانت الريشة تغمس بالحبر الذائب قبل الكتابة .
كان أبو عبدو يمتاز بحدة الذكاء وكان يعيش من ما يدفعه له الطلاب من مال بسيط أو مؤن مختلفة الأنواع . وإذا قصر أحد أولياء التلاميذ في دفع ما استحق عليه فإنه كان سمح النفس ورقيق القلب ولا يطرد أحدا وكان في فصل الصيف ينشىء مدرسة في سهل الخيام حيث كان معظم أهالي الخيام ينتقلون للعيش وسط بساتين التين المنتشرة بكثرة في السهل حيث كان لأبي عبدو هناك قطعة أرض فيها شجرة تين معمرة وارفة الظلال كان يدرس أبو تلاميذ تحتها وكان القرآن الكريم هو كتاب التدريس الأساسي لأن من يتقن قراءة القرآن يسهل عليه قراءة ما عداه من الكتب. وكان يدرس الحساب وقد إعتمد دوامين للتعليم واحد للصبيان وآخر للبنات وكان من تلامذته . ” علي عبدالله (نائب عن قضاء مرجعيون) – حسين عبدالله (المفتي الثاني) – الشاعر امين مخزوم – الشاعر سليمان داوود عبدالله – حسين إبراهيم إدريس الذي كانت له محاولات إختراع طائرة “.
ومن تلامذته البنات ” ابنة الشيخ عبد الكريم صادق – رحمة أسعد مهنا – زينب خليل حسين عبدالله – زينب محمد حسن عواضة “.
أبو عبدو أستاذ الأجيال
علم أبو عبدو سبعين عاما واستفاد من علمه ثلاثة أجيال من الخياميين والخياميات وكانت له أياد بيضاء مشهود له فيها من قبل الجميع حيث وافته المنية عن عمر يناهز الماءة وثلاث سنوات في عام 1944.
مصادر البحث
1 – علي عبد الحسن إبراهيم عواضة. (حفيد الأستاذ أبو عبدو).
2 – ابراهيم خليل سمور. (والدي رحمه الله).
3 – الأستاذ عبد الأمير علي مهنا get (رحمه الله).
4 – أبو أسعد هيثم(رحمه الله) .
5 – حيدر حب الله.
المصدر : موقع خيامكم