لبنان يزداد عزلةً… وقرف دولي من سلوك مسؤوليه

 

صدى وادي التيم – من الصحافة العالمية/

توّج الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أمس، «التقريعَ» الخارجي المتدحْرجَ الذي تتعرّض له الطبقةُ السياسية اللبنانية في العلن والسرّ، معاوداً باسم المجتمع الدولي تكريسَ «خريطة الطريق» التي ارتكزتْ عليها مبادرتُه كبابٍ وحيدٍ لتعبئة أصدقاء «بلاد الأرز» الضرورية من «أجل تفادي انهيار البلد ومساعدته على اعتماد الإصلاحات التي لا مفرّ منها لنهوضه من جديد».ولم يتوانَ ماكرون في رسالة مطوّلة للرئيس ميشال عون، لتهنئته بعيد الاستقلال، عن مخاطبة نظيره اللبناني بلغةٍ غير مألوفة ذكّره فيها بـ «واجباته» و«مسؤولياته» في ملف تشكيل حكومةٍ على عجل «من شخصيات مؤهلة، تكون موضع ثقة وقادرة على تطبيق كافة الإجراءات (الإصلاحية)»، معتبراً «أنّ لبنان يواجه اليوم خيارات جسام، وأنتم (عون)، بصفتكم فاعلاً في تاريخه، تدركون هذا الأمر»، ولافتاً إلى «أنّ ما طالب به الشعب اللبناني منذ قرابة سنة في انتفاضته لا يزال ممكن التحقيق، وإنه، لمن واجبكم كرئيس للدولة، أن تستجيبوا له، وتدْعوا بقوة كل القوى السياسية لأن تضع جانباً مصالحها الشخصية، والطائفية والفئوية من أجل تحقيق مصلحة لبنان العليا وحدها ومصلحة الشعب اللبناني».

وفي رأي أوساط سياسية أن «الرسالة التذكيرية» الفرنسية تحمل بُعديْن متوازييْن:

* الأوّل أن باريس لم ترْفع بعد «الراية البيضاء» في ما خص مبادرتها الرامية إلى تشكيل حكومة اختصاصيين من غير الحزبيين ولا ولاءات سياسية لهم تنفّذ الأجندة الإصلاحية التي يراها المجتمع الدولي – في جانبٍ منها – مدْخلاً لإنهاء تطويع «النظام التشغيلي» للحُكْم في البلاد لخدمة «ا ل ح ز ب » ومشروعه الإقليمي، وسط اقتناعٍ بأن هذه المبادرة هي الفرصة الأخيرة المتاحة لتجنيب لبنان الكارثة الكبرى التي لمح ماكرون إليها في رسالته حين أعرب عن قلقه الكبير «نتيجة الوضع في بلادكم راهناً».

* والثاني أن مواقف الرئيس الفرنسي تُلاقي الوقائع التي تتقاطع عند تأكيد حراجة المرحلة التي يمّر بها لبنان، فيما تزداد المؤشراتُ الخارجية إلى أن ما تشهده المنطقة، حرباً أو سلماً، يشي بأن يضع البلاد إما في فوهة المدفع أو على قارعة التحوّلات الإستراتيجية معزولةً وغارقةً في أزماتها، وسط خشيةٍ مما عبّرت عنه خطوة دولة الإمارات بشمول اللبنانيين بقرار (موقتاً) وقْف منح تأشيرات دخول إليها (مع مواطني 12 دولة أخرى) لجهة تكريس الانطباعَ بأن لبنان بات في «سجن كبير».

وفي ما بدا ملاقاةً لمحاولة «التَكَيُّف» الخارجية مع استحالة تأليف الحكومة في المدى المنظور عبر الحرص على حفْظ «ممرّ إنساني» لدعم الشعب (وليس السلطات الرسمية)، جاء تأكيد ماكرون في رسالته أن بمقدور اللبنانيين «أن يعتمدوا على دعم فرنسا في تلبية حاجاتهم الملحّة في ميادين الغذاء والصحة والتربية والمسكن ونحن نعمل، بالتعاون مع الأمم المتحدة ومجموع شركائنا، من أجل عقد مؤتمر دولي لدعم الشعب اللبناني».

وتزامن «التأنيب الناعم» من الرئيس الفرنسي مع ازديادِ إشاراتِ «الغضب» الديبلوماسي في بيروت من مآل الوضع اللبناني، وهو ما عبّر عنه ما نقلته صحيفة «الجمهورية» عن ديبلوماسي غربي، يمثل إحدى الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، لجهة أن «المجتمع الدولي على اتفاق تام بأنّه لن يصل إلى لبنان دولار واحد إن لم تُشكّل حكومة إصلاحات، وأن الدول الكبرى باتت تعتبر أنّ المنحى الذي يسلكه القادة السياسيون بحق بلدهم، مخجل ويندى له الجبين، وهي لم تعد تستطيع أن تخفي اشمئزازها من هذا المنحى».

ولم يقلّ دلالة ما كشفته السفيرة الأميركية دوروثي شيا عن «أن هناك ملفات عن شخصيات لبنانية في واشنطن يتم درسها تحت راية العقوبات المتعلقة بالفساد أو بالإرهاب، وعلى الدولة اللبنانية أن تجري إصلاحات فورية»، معتبرة أن «العقوبات على (رئيس التيار الوطني الحر) جبران باسيل مثَل واضح يبين كيف تحاسب الإدارة الأميركية الفاسدين»، ولافتة إلى أن «باسيل حوّر فحوى اللقاءات بيننا وهو شكرني على مواجهته بتفاصيل عن حزب الله»، وهو ما ردّ عليه باسيل داعياً لـ «ضرورة تذكير السفيرة الأميركية بضرورة احترام الأصول الديبلوماسية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبنان لناحية التعرض غير المقبول للنواب الممثلين للشعب».

واستوقف الأوساط السياسية طغيان الأبعادِ الخارجية على الأزمة اللبنانية، وصولاً لكلامٍ في بيروت عن أن انسحابَ شركة «الفاريز اند مارسال» من التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان (وهو ما أكدتْه رسمياً في بيان لها أمس) هو في إطار «أمْرٍ خارجي» لها بالانسحاب، علماً أن هذا الملف سيكون محور الجلسة التي يعقدها البرلمان اليوم لمناقشة الرسالة التي وجّهها عون إلى مجلس النواب.

“الراي الكويتية”:

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!