الرئيس عون في ذكرى الاستقلال: لن اتراجع عن التدقيق الجنائي وسأتّخذُ ما يلزمُ لإعادةِ إطلاقِ مسارِه
وإذ كشف الرئيس عون “ان وطنُنا اليوم، أسيرُ منظومةِ فسادٍ سياسيٍ، مالي، إداري، مغطّى بشتّى أنواعِ الدروعِ المُـقَـوننة، الطائفية والمذهبية والاجتماعية، كما انه “أسيرُ منظومةٍ تمنعُ المحاسبة بالتكافـلِ والتضامن، وتؤمِّنُ ما يلزمُ من الذرائعِ والابتكاراتِ لتخطّي القوانين، وعرقلةِ تطبيقِها” بالاضافة الى انه “اسيرُ اقتصادٍ ريعيّ قتَـل انتاجَه وذهبَ به نحو الاستدانة ووضَعَه مُجبراً في خانةِ التبعية لتلبيةِ احتياجاته والارتهانِ للدائنين”، و”أسيرُ قضاءٍ مُكَبـّلٍ بالسياسةِ وبهيـمَنةِ النافذين” و”سياساتٍ كيديةٍ معرقِـلة” و”إملاءاتٍ وتجاذُباتٍ خارجية وارتهاناتٍ داخلية تجعلُ الاستقلالَ والسيادةَ والديمقراطية مجرّد كلماتٍ جوفاء، فإنّه شدد على ” ان تحطيمَ كل هذه القيود التي تكبّل ليس بالمستحيل، إذا أردنا فعلاً بناءَ الوطن وتحقيقَ التحرّرِ والاستقلالِ الفعلي”. وعاهد اللبنانيين “البقاء على وعده بحفـرِ الصخرِ مهما تصلَّب لشقِّ طريقِ الخلاصِ للوطن.”
كلام الرئيس عون جاء في خلال كلمة وجّهها مساء اليوم الى اللبنانيين لمناسبة عيد الاستقلال السابع والسبعين، وبثتها وسائل الاعلام، اعتبر فيها “ان لا قيامَ لدولةٍ قادرةٍ وفاعلة في ظل الفساد، والبداية هي في فرضِ التحقيق المالي الجنائي، ثم عبر إقرارِ مشاريعِ واقتراحاتِ قوانينِ الإصلاحِ والمحاسبة، والانتظام المالي الموجودةِ في مجلسِ النواب وفي مقدّمِها استعادةُ الأموالِ المنهوبة والمحكمةُ الخاصة بالجرائمِ الماليّة، والتحقيقُ التلقائي في الذمةِ الماليّة للقائمينَ بخدمةٍ عامّة… وأقلَّه إقرارُ قوانين تحفظُ وتصونُ كرامةَ الانسان، وأولُها قانونُ ضمان الشيخوخة.”
وتساءل رئيس الجمهورية: “أوَلَم يَحُنِ الوقت بعد، في ظلّ كلِّ تلك الاوضاعِ الضاغطة، لتحريرِ عمليةِ تأليفِ الحكومةِ العتيدة من التجاذباتِ، ومن الاستقواءِ والتستّرِ بالمبادراتِ الإنقاذية للخروجِ عن القواعدِ والمعاييرِ الواحدة التي يجبُ احترامُها وتطبيقُها على الجميع، كي يستقيمَ إنشاءُ السلطةِ الإجرائية وعملها؟”، داعيا في الوقت عينه القضاءِ “الى الاسراعِ من دون التسرّع في التحقيق في انفجار مرفأ بيروت لأن لـلبنانيين، وخصوصاً لِمن طالتهم الكارثة مباشرةً، من جرحى وأهل الضحايا أو أصحاب الحقوق، الحقَ بمعرفةِ النتائج.”
وتطرق الرئيس عون في كلمته الى “المتغيرات والتحولات السياسية الجذرية دوليّاً وإقليميّاً، ومنها اعترافُ دولٍ عربيّةٍ عدة بإسرائيل وسيرُها نحوَ التطبيعِ الكاملِ معها، وفي ذلك، ومع الأسف، قبولٌ ضمني بضياعِ القدسِ والجولان، فضلاً عن ارتفاعِ وتيرةِ الضغوطِ الأميركيةِ قُبيلَ تسلُّمِ الإدارةِ الجديدة، كما عودةُ روسيا الى ملفِّ النازحين”. ودعا الى”اطلاقُ حوارٍ وطني لبحثِ ما تفرضُه في جميع القطاعات السياسية، والأمنية والدفاعية لنستطيعَ مواكبةَ هذه المرحلة”، وذلك “للخروج معاً بموقفٍ موحّد يُحصّنُ لبنان ولا يسمحُ بأن يكونَ ضحيةَ التفاهماتِ الكبرى وكبشَ محرقتها”، مشددا في الوقت عينه على “أنَ لبنان متمسّكٌ بحدودِه السياديةِ كاملةً، ويأملُ أن تُـثمِرَ مفاوضاتُ ترسيمِ الحدودِ البحرية الجنوبية، فيسترجِعَ حقوقُه كاملةً بالاستنادِ الى المواثيقِ الدولية، وتصحيحُ الخطِ الأزرقِ وصولاً الى الحدودِ البريةِ المرسومةِ والثابتةِ والمعترف بها دولياً.”
وتوجه الرئيس عون في كلمته الى العسكريين مشددا على “ان دورهم في هذه المرحلة محوري ليس فقط بحماية الحدود والدفاع عنها، إنما بصون الوحدة الوطنية التي يسعى كثيرون لضربها”، معاهدا إياهم انه “لن يتنازل عن أي حق للبنان، ولن يوقّع على أي مشروع لا يصبّ في مصلحته.”