شابة تروي تفاصيل وفاة والدها في إحدى المستشفيات: ” مش يمكن حاول يصرخ إنو ما قادر يتنفس وما ردوا!”
عبرت المواطنة سماح خليفة شقير عن حزنها وغضبها بعد وفاة والدها وروت ما حصل معهم خلال فترة علاجه في المستشفى التي لم تذكر اسمها. وقالت: “بابا راح صار فيني إحكي. سكتت لأن قالولي بيك بين إيديهن ما فينا نعمل شي. بابا كان عندو مشكلة بالروايا وضعف بعضلة القلب. دخل عالعناية بمستشفى معروف.
طلع لازم نعمل فحص كورونا لنفوت نشوفو نص ساعة بيكلف 150,000 ل.ل وكل 5 أيام لازم ينعاد. قلنا ماشي عم يفتشو عمصلحة المريض. كنا عارفين وضعو حساس ومطول بالمستشفى. جربنا نشوف مطارح أرخص نعمل فيها فحص لنقدر نشوفو كلنا. طلع ممنوع نعمل الفحص برا. اتصلت بوزارة الصحة قالو إنو إذا نعمل الفحص بمركز أو مستشفى معترف فيهن من قبل الوزارة ما بيحقلهن يرفضو. وطلبوا مني إتشكى عرقم الشكاوي وهني بيتواصلو معهن. قالولي ما وقتها لأ بيك بين إيديهن. سكتت. صرنا نروح مداورة كل جمعة حدا.. أنا ما إجا دوري ما شفتو. ما لحقت شوفو. لأن شوفة المريض صارت بمصاري ولأن صرنا بزمن الإستغلال والتجارة.. تجارة بالموت والمرض والإنسان والإنسانية.
لحد ما شفت ضورة إيديه مربطين وجنيت وصرت صرخ. لا عم يفهمو عليه ولا مسموح نضل حدو. كنا نوقف بالصف لما بابا يدخل مستشفى عباب العناية لنشوفو. كل شي تغير، كل شي غلي والإنسان صار رخيص. رجعنا سكتنا قلنا البابا بين إيديهن ويمكن إذا شال المكنة بيموت، عم يحافظو عحياتو. وهوي عم يقول خدوني من هون ويحاول يشيل المكنة.
كانو حاطينلو مكنات تنفس قالو بدنا نشيلهن لنشوف إذا رح يتجاوب، تاني يوم مات. ما حسو نفسو نتراجع ما حسو إنو لازم يرجع المكنات. عم يعملو تجارب لأن. مش إنسان اللي بين إيديهن.
حكينا الحكيمة بركي منجرب حدا منا يضل حدو وما يضهر، قالت “ما في لزوم لا عم ياكل ولا عم يشرب”. ما في لزوم.. يفتّح وما يلاقي حدا وهوي بآخر عمرو، عادي. ينوجع وما يلاقي إبن يقلو سلامتك ويمسك إيدو عادي. يبرد وما يلاقي حدا يغطيه، عادي…
توفى بابا اتصلوا فينا تلفون ماما كان مكسور وحاملي تلفون قديم صوتو واطي. من الساعة ستة ونص بالليل لتاني يوم موعد الزيارة الساعة 11 ما اتصلوا بغير رقم. الدكتور اللي اتصل بيعرف رقم خالتي وخالي.. تاريخ حياتنا كلو عندهن. والأضرب ما غمضولو عيونو. شي متل الكذب بيشبهو كل شي إلا البشر.
ضهّرنا بابا دفعنا أربعة مليون وميتين ألف فرق ضمان، معاش موظف لبناني عأربع خمس شهور. الحمد لله تيسّرت الأمور. تاني يوم أخدنيه لنغسلو بيقولو لخيي بعد في حق آخر ليلة خمس وسبعين ألف ليرة. الليلة اللي ما تواصل معنا وتركو لحالو لتاني يوم. قلهن خيي بس الحق عليكن ما بلغتونا رجع سكت ودفع لأن مش وقتها ولأن بابا بعدو بين إيديهن.
بابا هلأ صار بين إيدين الله الرحمن الرحيم رتاح من البشر والبشرية. هلأ صار فينا نحكي.
كورونا منها مرض خطير، نفوس البشر المريضة هيي المرض الخطير، الطمع الوساخة الأنانية إنعدام الإحساس، هيدول هني المرض.
بابا مات وما شفتو ما بعرف إذا كان عتبان أو زعلان أو خيفان وما حدا منا حدو. ما بعرف أي درجة من الإهمال تعرضلها وقديه كانت خيبة أملو كبيرة لما يفتّح وما يلاقينا حواليه. لو سمح لنا نعمل الفحص ببلاش وقبلو فيه كما هلأ كلنا شفناه وشافنا قبل ما يموت. ربانا وكبرنا وضل حدنا لحظة بلحظة حتى آخر كم لحظة ما يلاقينا.. عادي كل شي غلي بهالبلد ألا الإنسان صار رخيص..”.
التواصل الاجتماعي