تراجع الدولار بين الأسباب الظرفية والعوامل الموضوعية.. ما السيناريوهات المطروحة مستقبلاً؟ بقلم ميرنا سرور

 

صدى وادي التيم – إقتصاد

شهد لبنان خلال الأيام الماضية سلسلة أحداث لعل أبرزها كان تكليف الرئيس سعد الحريري بتشكيل حكومة بعد إعتذار مصطفى أديب، وكان لهذا الحدث انعكاساته الإيجابية التي تبلورت سياسيًا بكسر الجمود، وإقتصاديًا بالأرقام، حيث تراجع الدولار من الـ8500 إلى عتبة الـ6000، أي تراجع بمقدار 30%، ما أدى بالتالي إلى تراجع ملحوظ في أسعار السلع والخدمات بعد أن اتخذت منحىً تصاعديًا طيلة الفترة الماضية.
والسؤال الذي راود المواطن اللبناني إبان هذا التراجع كان: لماذا طرأ فجأة؟ هل يستمر المنحى التراجعي أم أنه سيعاود الإرتفاع؟ والواقع أن الإجابة على هذه التساؤلات تبقى رهن بالتطورات السياسية والمنحى الذي ستسلكه، غير أن القابل للتحليل هو الأسباب الظرفية وتلك الموضوعية المؤثرة بسعر السوق السوداء.
وتتنوع الأسباب الظرفية، أي تلك غير المستدامة والقصيرة المدى، بين ما يلي:
العامل النفسي
يتأثر السوق الحر بالعامل النفسي للمستهلك، فتنعكس الأحداث المحيطة والمؤثرة بالسوق، ومنها الأحداث السياسية، سلبًا أو إيجابًا على توجه السوق والأسعار بشكل خاص.
التوقعات – المضاربات (speculations)
تعتمد توقعات المستهلك على الوقائع المؤثرة بالسوق، وفي لبنان تعد العوامل السياسية الأكثر تأثيرًا، وهي تنعكس على مسار السوق طبعًا.
العرض والطلب
متأثرًا بالعاملين السابقين (العامل النفسي والمضاربات)، يتحكم قانون العرض والطلب بإتجاه الأسعار على النحو التالي:
ارتياح نفسي —–< توقعات إيجابية —–< إنخفاض الطلب على الإستهلاك —–< تراجع الأسعار
غياب الإرتياح —–< توقعات سلبية —–< إرتفاع الطلب على الإستهلاك —–< زيادة في الأسعار
وما ينطبق على السلع ينطبق على دولار السوق السوداء طبعًا، حيث بات ملاذًا آمنًا لحفظ القيمة الشرائية لدى المواطنين، يقبلون على شرائه عند تخوفهم من مسار الأحداث، ويقبلون على بيعه عند إرتياحهم.
صغر حجم السوق
وهو عامل أساسي يبرر سرعة تأثر السوق، حيث أن ضخ كمية قليلة من العملة الصعبة قادر على أن يحدث فارقًا شاسعًا في مستوى الأسعار.
أما بالنسبة للعوامل الموضوعية، المستدامة، والطويلة المدى، فهي كالتالي:
إقرار الإصلاحات
توحيد سعر الدولار
إستعادة الثقة
إجتذاب الرساميل
ارتفاع معدلات النمو
إعادة مراكمة إحتياطي المركزي
وهذه العوامل ترتبط جدليًا ببعضها البعض على النحو التالي
إقرار الإصلاحات وتوحيد سعر الدولار —–< زيادة عامل الثقة —–< إجتذاب الرساميل والودائع المختزنة خارج القطاع المصرفي —–< زيادة الإستثمار —–< زيادة الإنتاج —–< زيادة النمو —–< إعادة مراكمة إحتياطي المصرف المركزي
وتوقع “معهد التمويل الدولي” (IIF) مستقبل الإقتصاد اللبناني بالأرقام وفق سيناريوهين: الأول يقضي بتشكيل حكومة تطبق الإصلاحات المتبناة، بينما يحاكي السيناريو الثاني نتائج عدم تشكيل حكومة تطبق الإصلاحات:

تشكيل حكومة وتطبيق إصلاحات
عدم تشكيل حكومة وغياب الإصلاحات
معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي GDP
+5.1%
-10.5%
تدفق الرساميل FDI
+5.5%
2.6%
معدل صرف الدولار مقابل الليرة
6200
11900

وعليه، يبدو مسار الدولار، كما سواه من القضايا التي تقلق المواطن، رهنًا بالملف الحكومي أولاً، وبآلية عمل هذه الحكومة والوضع الدولي ثانيًا.

المصدر : بلو فورس – ميرنا سرور

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!