الوميضُ الأبيضُ الفتّاك.. سلاحُ القنابل الفسفورية

صدى وادي التيم-متفرقات/

تشكل القنابل الفسفورية خطراً حقيقيّاً على السكان والبيئة في الجنوب اللبناني، وتعتبر من الأسلحة ذات الآثار القاتلة والمدمرة.

إذ تتسبب في تدمير الممتلكات وتلويث البيئة وتهديد الأرواح البشرية، وتترك آثاراً مدمرة تستمر لسنوات بعد انتهاء الصراع.

تحتوي القنابل الفسفوريّة على مادة الفوسفور الأبيض التي تشتعل عند تعرضها للهواء، مما يؤدي إلى إشعال النيران وإطلاق الغازات السّامة.

كما وتترك هذه القنابل آثاراً مدمرة على التربة والمياه والهواء، مما يؤثر على البيئة والزراعة والحياة البرية.

إذ تتفشى النيران الهائلة عبر الحقول الزراعية، لتدمر كل شيء في طريقها، وتترك وراءها تربة محروقة ومياه ملوثة، تهدّد البيئة وتنقل الخطر إلى المناطق المحيطة.

ولمعرفة تفاصيل علمية دقيقة عن هذا الموضوع الذي يسبب خطرًا لا يمكن التغاضي عنه، تحدثنا مع خبيرة البيئة الدكتورة فاطمة العلي/ مختصة في علوم الكيمياء وكيمياء الغلاف الجوي.. العلي بدأت بالتعريف عن هذا المكون الخطير المسمّى بالفسفور الأبيض باعتباره مادة كيميائيّة منتشرة في قذائف المدفعيّة والقنابل والصواريخ، تشتعل عند تعرّضها للأوكسجين. ويُنتج هذا التفاعل الكيميائي حرارة شديدة تصل إلى 815 درجة مئوية، وضوءًا ودخانا كثيفا يُستخدم لأغراض عسكريّة، لكنّه يُسبّب أيضا إصابات مروّعة عندما يُلامس الناس.

وعن استخدامات هذا الفسفور أجابت بأنه يُستخدم للتعتيم على العمليّات العسكريّة عبر تكوين ستارة من الدخان أثناء الليل أو النهار لإخفاء التحركات المرئيّة للقوات. كما أنّه يتداخل مع بصريّات الأشعّة تحت الحمراء وأنظمة تتبّع الأسلحة، وبالتالي يحمي القوات العسكريّة من الأسلحة الموجهّة، مثل الصواريخ المضادة للدبابات.

وعن الأضرار التي يسببها هذا الفسفور قالت: يُسبّب الفسفور الأبيض حروقًا شديدة، غالبا ما تصل إلى العظام، ويكون شفاؤها بطيئا، وقد تتطوّر إلى التهابات إذا لم تتم إزالة جميع شظايا الفسفور الأبيض، يُمكن أن تؤدّي إلى تفاقم حالة الجروح بعد العلاج، وقد تشتعل مجددًا عند تعرّضها للأوكسجين، فحروق الفسفور الأبيض التي تتجاوز 10% من جسم الإنسان غالبا ما تكون قاتلة وقد تتسبب أيضا في تلف للجهاز التنفسي وفشل أعضاء الجسم.

أضافت بأنّ الأشخاص الناجون من الإصابات الأوليّة غالبا ما تستمرّ معاناتهم مدى الحياة.

واعتبرت د. فاطمة أن الحرائق الناجمة عن الفسفور الأبيض يمكنها أيضا أن تُدمّر المباني والممتلكات، وتُلحق أضرارا بالمحاصيل، وتقتل الماشية.

وختمت العلي حديثها عن وضع الفسفور الأبيض بموجب القانون الدولي الذي صنّفه كسلاح حارق عند استخدامه لأغراض عسكرية، علماً أن الأسلحة الحارقة غير محظورة بشكل صريح في القانون الإنساني الدولي، إلاّ أنّ القانون الإنساني العرفي الدولي يفرض على الدول اتخاذ كلّ الاحتياطات الممكنة لتجنّب إلحاق أضرار بالمدنيين بسبب هذه الأسلحة وفقاً ل Convention on Certain Conventional Weapons (CCCW).

وفي وقتٍ تتوجه فيه الأنظار إلى الحروب والصراعات في أماكن بعيدة، يبقى الجنوب اللبناني اليوم في واجهة المعاناة المستمرة من الآثار القاسية للأسلحة القاتلة، دون أن ترفع صرخاته عالياً في وجه العالم، ودون أن تجذب انتباه القادة الدوليين!

لذا، فإن الوقت قد حان لتسليط الضوء على هذا الكابوس، لمواجهة الخطر بكلّ جدّيّة ووعي، وتقديم المساعدة للمتضررين.. فالتصدي لهذا الخطر، يحتاج إلى عمل فوري من المجتمع الدولي النائم منذ أكثر من ١٣٠ يومًا، والمنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات وتنظيف الأراضي الزراعية التي باتت ملوثة بسموم الصهاينة.. بالإضافة إلى التشديد على ضرورة احترام القوانين الدولية وتطبيقها بجدية.

المصدر: ملاك درويش – الأفضل نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى