66 ألف ليرة زيادة على فاتورة الاستشفاء.. بحجة الكهرباء

خضر حسان – المدن
لا تكفي الصفحات لتعداد المخالفات والأخطاء الطبية والاستهتار بحياة المرضى، الذي تمارسه مجموعة واسعة من المستشفيات الخاصة في لبنان، بتغطية من نقابة أصحاب المستشفيات، وبتواطؤ السلطة السياسية التي تغض الطرف عن المخالفات، رغم كونها جهات رقابية يفترض بها حماية حقوق المواطنين. وهذه السلطة، بتوزّعها بين الوزارات، تتجاهل هدر ملايين الدولارات من خزينة الدولة، تُدفع لمستشفيات خاصة بموجب فواتير مضخّمة، لعمليات استشفاء وهمية، وبعضها سُجل بأسماء أشخاص، تبيّن أنهم فارقوا الحياة قبل تاريخ إجراء العمليات وتدوين فواتيرها.

وفي حال أرادت الدولة حفظ ماء وجهها ولجم تفلّت المستشفيات الخاصة، تكشّر النقابة عن أنيابها. ويحيلنا هذا الفعل إلى العام 2015، إذ جاهرت النقابة، رداً على الإجراءات الرقابية لوزير الصحة آن ذاك وائل أبو فاعور، بأنه في حال “أُعطينا حقوقنا كاملة، سنقدّم للمواطنين تقديمات صحية كاملة، أمّا إذا أُعطينا 50% من حقوقنا، فلن نقدم للمواطن سوى 50% من التقديمات الصحية”.

مؤخراً، تحاول المستشفيات الخاصة انتزاع “حقّها” في إضافة 66 ألف ليرة على فاتورة كل مريض، عن كل يوم يقضيه في المستشفى، بدل رفع مؤسسة الكهرباء تعرفة الفاتورة الكهربائية على المستشفيات.

من ناحية اقتصادية، إن رفع التكلفة يستتبع رفع السعر، وبذلك، إذا رفعت مؤسسة الكهرباء فاتورتها على المستشفيات، لا بد وأن ترفع المستشفيات سعر خدماتها. “لكن هذا المنطق يجب ان لا ينطبق على قطاع الاستشفاء، بل يصح تطبيقه على المؤسسات التي تقدم خدمات كمالية وليس أساسية. فالمستشفيات، وإن كانت خاصة، إنما هي تقدم خدمة تُعنى بصحة المواطنين، ويجب أن لا تنزلق الأمور فيها إلى حد رهن حياة الناس، أو عرقلة تلقيهم العلاج لأسباب مادية، خصوصاً أن وزراء الصحة المتعاقبين لسنوات، كانوا يصرون على عدم عرقلة تلقي الناس العلاج لأي سبب كان. ورفع فاتورة الاستشفاء، وفق مصادر في نقابة أصحاب المستشفيات، هو “عرقلة غير مباشرة. فالعرقلة لا تعني رفض استقبال أو معالجة المرضى”. وتكشف المصادر أن “هناك أصوات منخفضة داخل النقابة، ترفض زيادة الأسعار، وتطالب بإلقاء الكرة في ملعب الدولة، لأنها هي المسؤولة عن رفع تعرفة الكهرباء على المستشفيات”. ويتكامل هذا المطلب مع وجهة نظر مصادر في وزارة الصحة، ترى أن “مؤسسة الكهرباء عليها تأمين الكهرباء إلى كل مستشفيات لبنان، وعدم التعامل مع المستشفيات على أنها زبائن عادية، بل يجب الإلتفات إلى أن المواطن هو مستهلك خدمات المستشفيات”.

الرأيان يحيلان الملف إلى الدولة اللبنانية، فهل يبرّئ ذلك ذمة المستشفيات؟

يمكن لذلك أن يصح في حال كانت صفحة المستشفيات ناصعة على مدى سنوات، إلا أن تأكيد وزارة الصحة هدر ملايين الدولارات في أروقة المستشفيات، يعني أن الأخيرة قادرة على تغطية فارق السعر الذي تفرضه زيادة مؤسسة الكهرباء كلفة الفاتورة على المستشفيات، ناهيك عن كلفة الاستشفاء المرتفعة في الأصل، مقارنة بكلفة الاستشفاء في أغلب دول العالم.

لا شيء يمنع المستشفيات من رفع فاتورتها، فإذا لم تحمل الزيادة عنوان فاتورة الكهرباء، فإنها ستحمل عناوين أخرى قد لا يقوى المواطن على اكتشافها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، رفع أسعار الأدوية التي يحتاج إليها المريض داخل المستشفيات. والتلاعب بأنواع الأدوية وأسعارها رائج، ويطال حتى المستشفيات الحكومية، وليست فضيحة الأدوية في مستشفى بيروت الحكومي، سوى دليل على عقم الرقابة الرسمية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى