ورقةُ النّازحين السّوريين…. استمرارُ المساومة.!

 

صدى وادي التيم – لبنانيات /

بين الفينةِ والأخرى يعودُ ملفّ النّزوح السّوري إلى الواجهة من بابِ استعمالِه كورقة في السّياسة لتحسين شروطٍ  من هنا أو تحصيل مكاسبَ من هناك.

فعلى أثرِ الحرب السّورية العبثيّة التي غذّتها دولٌ كبرى بهدف تقويض دولة واعدة على مختلف الصّعد تدفق مئات الآلاف من السّوريين إلى لبنان بحكم القرب الجغرافي هربًا من أتونِ الحربِ وشظاياها المميتة. منذ اليومِ الأوّل للنزوحِ تعالت الأصواتُ الدّاعية إلى ضبطه وتوجيهه وحصره في مخيمات محدّدة، تسهيلًا لموضوع العودة، وكي لا يندمج اللاجىء في المجتمع بما يجعله معتادًا على العيش في الدّولة المُضيفة فينسى قريته أو مدينته التي تهجَّر منها والتي تكون بأمسّ الحاجة إلى إعادة  بنائها وإعمارها.
هذا  الواقع  المنطقيّ اعتمدته معظمُ الدّول المجاورة لسوريا والتي تحترم نفسها وسيادتها كالأردن وتركيا حيث استضافت اللاجئين في مخيمات محدّدة تحت رقابة الدولة وفق الأنظمة المرعيّة الإجراء بما يحُول دون ذوبانهم في النسيج الداخلي للسكان .
ولكن في لبنان وكالعادة منذ اليوم الأول عارض المزايدون طروحات التنظيم متّهمين أصحابها بالعنصريّة، انطلاقا من سكرتهم ونشوتهم المنشودة بقرب سقوط النظام، الأمر الذي لم يحصل.
والغريب أن نفس الأصوات الرّافضة وقتها تبحُّ حناجرها راهنًا متّهمة الدّولة بالتّقصير في معالجة ملف النزوح بعدما ساهم الإنقسام والفلتان والنكايات واللاقرار بحصول ما حصل.

فكانت النّتيجة تغلغل ما يزيد على مليونين من المواطنين السّوريين في الديموغرافيا اللبنانية على طول البلاد وعرضها تحت عنوان اللجوء بما أصبح يقارب حوالي نصف الشعب اللبناني وهذه ظاهرة لم تحصل سابقا في أيّة دولة على مر التاريخ.

فهذا المدّ السّكاني الطارئ ألقى أثقالًا على دولة هشة أساسا اقتصادها مترنّح نتيجة الفساد والمديونية ، ما أرهق بنيتها التّحتية المتهالكة أصلا من طرقات وصرف صحي وكهرباء وماء الأمر الذي عجّل في الإنهيار التّام بحيث أصبح رغيف الخبز يستوجب الوقوف ساعات في الطابور.

أما الطّامة الأكبر فهي عدم إمكانية التمييز بين اللاجىء والنازح الإقتصادي، وعدم وجود أيّة نية أو خطة جدّية لفرز أولئك تمهيدًا لاتخاذ الموقف المناسب بشأنهم.
هذا الأمر أدّى ويؤدي يوميًا إلى استنزاف مقدرات الاقتصاد اللبناني نتيجة عدم استفادته من أي دورة مالية نتيجة الأموال التي يتقاضاها معظم هؤلاء بحيث يتمّ تحويلها مباشرةً الى الداخل السّوري، سيما متى علمنا من تصريح وزير العمل اللبناني أن اكثر من 37 ألف سوري غادروا إلى سورية خلال عيد الفطر مؤخّرًا وعادوا إلى لبنان ما ينفي عنهم صفة اللجوء ويوجب اتخاذ الإجراءات اللّازمة بحقهم في هذا الشأن كالمنع من الدخول إلى لبنان.

أما العقبة الكبرى في هذا الشّأن فتتمثل في المفوضيّة العليا للّاجئين ومن خلفها دول الغرب الدّاعمة والتي تتصرف كدولة ضمن الدولة دون مراعاة سيادة أو قانون وهذا مردّه كما قلنا إلى هشاشة القرار اللبناني وانقساماته وإلا لما تجرأت هذه المفوضية وربيباتها من الجمعيات والـ NGO التي تفرخ يوميا هنا وهناك على العبث والعيث وفق مزاجها في إغداق التّقديمات المجانيّة على السّوريين وبميزانيات فلكيّة بالدّولار الأميركي، فالطبابة والتعليم والسكن والطعام كله يقدم بالمجّان في حين يعاني اللبناني الأمرين في حال اضطر الدخول إلى المستشفى،
هذه السياسة الأمميّة الهدف منها هو توطين السوريين دون تمييز بينهم في لبنان لمنع اجتياحهم أوروبا كما حصل في السنوات السابقة، حيث تتعالى الصرخات من النسب القليلة التي استقبلتها دول كألمانيا وفرنسا واسكندنافيا وغيرها، بحيث خلصوا إلى أن دعم السوريين في مواطن تواجدهم تحديدًا في لبنان أفضل بكثير من هجرتهم إليها، وهذا ما تطبقه المفوضيّة في ضوء غياب تام لسلطة الدولة التي لا تمون حتى على طلب داتا معلومات من تلك المفوضية.

في الخُلاصة وانطلاقا من مفهوم سيادة الدول  واستقلاليتها ينبغي على الدولة اللبنانية المسارعة إلى معالجة هذا الملفّ الشائك والخطير من خلال التّنسيق الدّوري مع الدّولة السورية، ووضع الحدّ الفوري لتصرفات المفوضيّة العليا للاجئين الخارجة على كل الأصول بما يساهم في إعادة اللاجئين إلى بلادهم لإعادة إعمارها وإعادتها إلى الحضن العربي والدّولي.

ممتاز سليمان –  الأفضل نيوز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى