غضب في واشنطن… وإعادة نظر بمهمة “اليونيفيل”
علمت قناة “الحدث” أن الولايات المتحدة بصدد إعادة صياغة موقفها من قوة حفظ السلام في لبنان، خصوصاً أن موعد مناقشة هذه المهمة في مجلس الأمن الدولي اقترب، والأميركيون غير راضين عن أمرين ضخمين يتعلقان بمهمة القوة المعروفة باسم “يونيفيل”.
فشل مع ا ل ح ز ب
الأمر الأول يتعلق بفشل القوة الدولية، سنة تلو السنة، في منع تنظيم “ا ل ح ز ب من تكديس الأسلحة في جنوب لبنان، وتكرر في الأشهر الماضية إعلان القوة الدولية فشلها في الدخول إلى بعض المناطق والتفتيش عن مخابئ أسلحة. وقد ذكر تقرير الأمين العام للأمم المتحدة في 10 مارس/آذار 2020 أنه تمّ منع دوريات القوة الدولية من إتمام مهمتها في بعض القرى، وفشلت القوة الدولية في دخول بلدة برعشيت وتعرضت لاعتداء على يد أهالي البلدة عندما حاولت الدخول إليها.
كما أن الجيش اللبناني لم يلب طلبين تقدّمت بهما القوة الدولية للتحقيق في إنشاءات تابعة لجمعية “أخضر بلا حدود” وهي مؤسسة تابعة لـ”ل ح ز ب كما لم تتمّ تلبية كل الطلبات المتعلقة بالتفتيش عن الأنفاق التي اكتشفها الجيش الإسرائيلي، وكان ا ل ح ز ب حفرها تحت الحدود الدولية إلى داخل أراضي إسرائيل.
فشل على الحدود مع سوريا
الأمر الثاني يتعلّق بفشل القوة الدولية في منع تدفق الأسلحة إلى لبنان عبر الحدود مع سوريا، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701 الذي أقرّ في ختام حرب تموز/يوليو 2006 بين إسرائيل وا ل ح ز ب .
إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تناقش الآن ما سيكون موقفها بعد أسابيع في مجلس الأمن الدولي، وتشمل خيارات الحكومة الأميركية “منع التجديد”، وهذا مستبعد نظراً لضخامة القرار، ولأنه يفتح الباب أمام فراغ في جنوب لبنان، ويضع تنظيم ا ل ح ز ب وإسرائيل وجهاً لوجه ما يمكن أن يتسبب في تصعيد ومواجهة عسكرية.
وقف الدعم
الخيار الثاني لدى الأميركيين يقوم على توقّف الولايات المتحدة عن تمويل هذه القوة، وهو أسلوب لطالما اعتمدته الإدارة الأميركية للتعبير عن عدم رضاها من أداء منظمة دولية، وهي بذلك تدفع الأطراف الأخرى إلى تحمّل المزيد من الأعباء المالية والعملانية، والسياسية أيضاً بدلاً أن تبقى هذه الدول في موقع المتفرّج على الخروقات والوضع القائم من دون أي فعل.
هذه الخيارات تبقى من باب “الممكن” ومن المنتظر أن تعبّر الحكومة الأميركية عن موقف من هذه القضية قبل أسابيع من اجتماع مجلس الأمن آخر الشهر المقبل.
إحباط أميركي
تبدو الإدارة الأميركية وشخصياتها المفصلية، من الرئيس إلى مجلس الأمن القومي إلى وزارة الخارجية، وكأنها ترفض الأمر الواقع الذي يستغلّه ا ل ح ز ب ، وتريد أن تعبّر عن غضبها مما وصلت إليه الأمور في لبنان، وما يزيد أعضاء الإدارة غضباً هو أن دعواتهم للإصلاح لم تلقَ صدى.متحد
ث باسم وزارة الخارجية الأميركية قال لـ”الحدث” في تصريح رسمي “إن على الزعماء اللبنانيين أن يلتزموا بالإصلاحات الضرورية وأن يطبّقوها تلبيةً لمطالب الشعب اللبناني بالقضاء على الفساد المستشري وبحكم أفضل وفرص اقتصادية”، وأضاف أن “صندوق النقد الدولي لديه الخبراء التقنيون لمساعدة الدول في مواجهة التحديات لكن لبنان مسؤول عن وضع برنامج ذي مصداقية وأن يطبّقه”، وشدّد المتحدث باسم الخارجية الأميركية بالقول إن “التطبيق يتطلب التزاماً من الأطراف السياسية”.
هذا الكلام الأميركي يبدو تكراراً للموقف الأميركي من الإصلاحات لكنه في الحقيقة يختلف عما قاله الأميركيون قبل أشهر وينمّ عن إحباط شديد لدى الأميركيين.
فشل دياب
لقد تمسكت وزارة الخارجية الأميركية بالقول خلال أشهر الربيع بضرورة إعطاء فرصة للحكومة اللبنانية برئاسة حسّان دياب، وأصرّت على أنها لا تتمسك بشخص محدّد لرئاسة الحكومة، في إشارة واضحة إلى تمسّكها بالإصلاح عن طريق أي شخص، ولا تتمسك بشخص رئيس الحكومة السابق سعد الحريري.
الآن يشعر الأميركيون أن حكومة حسّان دياب بدّدت الأمل بها، والحكومة اللبنانية ربما لا تصل مع صندوق النقد الدولي إلى أي برنامج إصلاحات، مع أن المتحدّث باسم الخارجية قال في تصريحاته لـ”الحدث” إن الولايات المتحدة مستعدة “للعمل مع الأسرة الدولية في تطبيق هذه الإصلاحات”.
المساعدات الأميركية
من الضروري الإشارة هنا إلى أن الأميركيين لا يتحدثون عن مساعدة اقتصادية مباشرة للبنان الذي أفلست حكومته ومصارفه، وتخطّت البطالة فيه حدود الـ40% بالإضافة إلى تدهور عنيف في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي. بل يحرص الأميركيون على القول إن مشروع المساعدة لإخراج الحكومة اللبنانية من أزمتها أمر يتعلّق بالمجموعة الدولية.
لكن حكومة الولايات المتحدة تهتم ببعض المساعدات المباشرة حيث ترى أهمية خاصة في ذلك، وأشار المتحدّث باسم الخارجية تحديداً إلى أن الولايات المتحدة “ساهمت بـ 3 مليارات دولار منذ العام 2006 في برامج المساعدات الأمنية والتطوير في لبنان وأن الولايات المتحدة كانت في العام 2019 أكبر دولة مانحة للبنان ووصلت المساعدات الاقتصادية والإنسانية والأمنية إلى 750 مليون دولار”.
إيران هي المسألة
ينظر الأميركيون منذ سنوات، خصوصاً في عهد الرئيس الأميركي الحالي، على أن تراجع الأوضاع في لبنان هو نتيجة لـ”المشكلة الإيرانية” ولن تستطيع واشنطن رؤية حلول في ما لم تصل إلى حلّ جذري لـ”المشكلة الإيرانية”، وقد ساهم اللبنانيون إلى حدّ كبير في تثبيت هذه القناعة بعدما انهارت السلطة السياسية اللبنانية في يد ا ل ح ز ب وحلفائه، كما باءت بالفشل محاولات الأميركيين لإيجاد بدائل سياسية لمنظومة الحكم الحالي في لبنان.