خريجو الإعلام: بين المستقبل المجهول.. وضِيق سوق العمل وآفة الواسطة

صدى وادي التيم-لبنانيات/

 في طبيعتنا البشرية نحلم، نتمنى كثيراً ونخطط بأجمل الطرق لمستقبل زاهر وناجح.

 فعندما اقترح أستاذي فكرة كتابة موضوع عن خريجي الإعلام، انتابني القلق، وكأن أحداً أيقظني على سيل من الأسئلة التي تدور في رأسي ولا تبارحني من قبِيل:

هل حلمنا سيتحقق يوماً في هذا البلد في ظل هذة الأوضاع الأليمة التي يعيشها وطننا ؟ ماذا عن قلة فرص العمل؟ هل تلبي طموح جميع الخريجين في هذا البلد؟ كيف يمكن أن نجد وظائف تليق بنا بالجنوب أم علينا الانتقال إلى بيروت حتما، كون غالبية وسائل الإعلام تتركز هناك؟ أين دور الدولة ونقابتي الصحافة والمحريين؟ وماذا عن “الواسطة” وغياب التوجيه المدرسي قبل دخولنا الى الجامعة؟ 

لكن مهلا، قد يكون كل ما تقدم بكفة، والظواهر الطارئة التي نشهدها في وقتنا الحاضر بكفة أخرى، لأننا نعيش بسببها حسرة لا تفارق نفوسنا، لا سيما عندما نرى أشخاصا، تسلقوا سلّم الإعلام، لمجرد أنهم امتلكوا “كاميرا” أو هاتفًا ذكيًا يتمتع بمميزات مذهلة، والأنكى أنهم لم يمروا يوميًا بجانب إحدى الجامعات، حتى لا نقول إن انتسبوا إليها أو يحملون شهادتها.

نسب البطالة على مستوى الإعلام في لبنان؟ والتحديات التي يواجهها الخريجون؟

بلغة الأرقام، تقدر نسبة البطالة على مستوى خريجي الإعلام في لبنان، بحوالي 20 % بحسب عميد كلية الجامعة الأنطونية، جوزيف مكرزل. أما السبب فيعود إلى العديد من التحديات والمصاعب التي يواجهها هؤلاء والتي يمكن إيجازها بالآتي:

أولا: العامل الجغرافي، الذي يعتبر عائقًا مهمًا نتيجة، ضيق سوق العمل وقلة وجود الفرص بالمناطق. لذا يجد الطالب نفسه مرغمًا على السكن بالعاصمة خصوصًا وأن بعض الوسائل الإعلامية، تضع الإقامة في بيروت، كشرط رئيسي للموافقة على توظيف الطالب. وهذا يعدّ مشكلة لبعض الخريجين الذين لا يستطيعون الانتقال إلى هناك نظرا لتكاليف المعيشة العالية، خصوصا المأكل وأجور التنقل.

ثانيا، “آفة الواسطة”. إذ غالبا ما يتمّ توظيف أشخاص غير كفوئين في قطاع الإعلام، على حساب خريجي الاختصاص المتفوقين.

ثالثا: طائفية الإعلام وتسييسه. إذ لا يستيطع الطالب في الغالب الحصول على الفرصة، إذا لم يكن منتمي سياسيًا أو طائفيًا لأحد الأحزاب، وهذا يعتبر من أكبر المشاكل التي تواجه خريجي قسم الإعلام. 

ظهور صحافة المواطن

في الحقيقة، ساهم ظهور “صحافة المواطن” باختلاط “الحابل بالنابل” على مستوى العمل الصحفي. إذ أتاح هذا النوع من الفنون الصحفية الحديثة، لكل من يحمل هاتفًا ذكيًا أو آلة تصوير متطورة، أن يوثّق الحدث بالصوت و الصورة، فضلاً عن صناعة الأخبار، دون معرفة أو مراعاة للقواعد المهنية والأخلاقية.

 فعلى سبيل المثال، عند دخولك إلى منصة X أو “ميتا” ، تجد الجميع يدَّعون أنهم أبناء مهنة الإعلام، يكتبون، يحللون، بعيدًا عن الواقع وكأنهم في عالم آخر منفصل. والطامة الكبرى، أن هناك فئة لا تجيد سوى حمل “الكاميرا”، وعند سؤالك لهم، عن عملهم يجيبونك فورًا “أنا إعلامي”. 

وبالمثل، سمحت وسائل التواصل الاجتماعي لشريحة كبيرة من الinfluencers وbloggers وtiktokers بالتعدي على مهنة الصحافة وإنتاج برامج حوارية بأسمائهم، دونما حسيب أو رقيب، وبغياب تام لأجهزة الرقابة الرسمية. 

وماذا عن مواقف خريجي الإعلام

علميا، إن الواقع المؤلم الذي يعاني منه قطاع الإعلام في لبنان، انعكس على الخريجيين. وفي هذا السياق، لفتت خريجة الإعلام من الجامعة اللبنانية الدولية فرع ال Radio/Tv علا سلمان، إلى صعوبة إيجاد فرصة عمل لأن الواسطة مطلوبة بشكل ملحوظ. فهي كانت قد تقدمت بطلب للحصول على وظيفة في إحدى القنوات التلفزيونية، غير أنها قوبلت بالرفض لأنها ذهبت دون تزكية من أي جهة سواءً سياسية أو حزبية أو دينية. واللافت أن الأمر نفسه ينطبق على التدريب في هذة القناة. لذا، تكتفي سلمان اليوم بالمشاركة في ورش عمل في مجال “السينماتوغرافيا” لتزيد من خبرتها، على أمل أن توفّق بفرصتها يوماً ما دون الحاجة الى الواسطة.

بدورها كشفت خريجة الإعلام من الجامعة اللبنانية الدولية فرع ” Journalism” دانا عجروش، أنها شاركت في تدريب عملي في “جريدة حزبية اشتراكية” ولكنها لم تتوظف بعد، بسبب تدني الرواتب خصوصًا وأن مكان إقامتها في الجنوب، وهذا يتطلب منها مصاريفًا إضافية لا تقدر على تلبيتها.

 أما خريجة الإعلام من الجامعة اللبنانية الدولية فرع ال”Pr” لارا بيضون، فأكدت أنها لم توفّق حتى هذه اللحظة، بالعثور على فرصة عمل. لهذا، لجأت إلى إكمال مسيرتها الدراسية في معهد جامعي، من خلال اختيار اختصاص آخر هو “التسويق الرقمي” لأن الإقبال عليه كبير في لبنان . وأشارت بيضون الى أن فرص العمل في مجال العلاقات العامة قليلة، وإذا وُجدت فغالباً تكون في بيروت وليس في الجنوب.

بالمقابل قالت خريجة الإعلام من الجامعة اللبنانية الدولية فرع ال “Pr” نور نجدي أنها حظيت بعمل في شركة جديدة تدعى “Are Pr” وهي ستفتح أبوابها قريباً. المضحك المبكي، أنه حتى الآن، لم تصدق نجدي أنها وجدت عملاً مناسباً في هذا الوقت تحديداً، لأنها كانت على وشك الاستسلام والجلوس في المنزل.

 وليس بعيدا عن ذلك، شددت خريجة الإعلام من الجامعة اللبنانية الدولية فرع ال “Radio/Tv” ديانا زين الدين، على أنها تحب كل ما يتعلق بالتصوير السينمائي وتسعى للعمل به، بعيداً عن العمل التقليدي. وأوضحت أنها لا زالت تتريث للبحث عن الوظيفة التي تناسب تطلعاتها،لأنها تؤمن بضرورة اكتساب الخبرة أولاً. لذا، تكثف زين الدين حضورها للورش المهنية، لتحصّن نفسها تطبيقا ونظريا، ومن بعدها يأتي دور رحلة التفتيش عن الوظيفة. 

في المحصلة، يعزّ علينا كطلاب إعلام، هذا الواقع المرير!! ومع ذلك، نتمسك بالتفاؤل، عسى أن تسير سفن أحلامنا يوماً كما نشتهي، وأن نتغلب على رياح البطالة، على أمل أن تفتح أمامنا نافذة ضوء، نعبر من خلالها الى شاطئ الوظيفة الآمن الذي يقينا شرّ العوز والحاجة.

المصدر: لين محسن – الأفضل نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى