همومُ جنبلاط.. أكبر من طائفة وأبعد من وطن

 

صدى وادي التيم – لبنانيات

 

 

تتكاثر هواجس رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط وتتشعّب همومه في مرحلة أقل ما يُقال فيها أنها حرجة ومُبهمة. حرجة بالنسبة إلى الأحداث السياسية التي تطرأ بشكل يومي على صعيد المنطقة والتي ينتظر فيها لبنان ما ستؤول اليه ليُحدد مكانه وموقعه من الذي يحصل، ومُبهمة كون الأمور بالنسبة اليه سائرة نحو المجهول ومن غير المعروف إلى أين يُمكن أن تصل.

لا يغيب عن “البيك” الهمّ الدرزي داخل فلسطين المُحتلّة ومحاولاته الدائمة والمتكرّرة لتحديد موقع وموقف أبناء جلدته من قضيّة الصراع العربي ـ الإسرائيلي وسط محاربة البعض له في هذا الداخل ومنع ترجمة مواقفه لدى شريحة واسعة من أبناء الطائفة الدرزية وأبرزها دعواته لهم بأن يكونوا عرباً قبل أي شيء آخر بالإضافة إلى حثّهم الدائم على رفض التجنيد الإجباري في الجيش الإسرائيلي أقلّه في الضفّة الغربية وقطاع غزّة، وأن لا يتشبهوا بالفرنسيين الذين تعاونوا مع ألمانيا النازية إبان احتلالها لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية.

من الهمّ الوجودي في اسرائيل وخوفه من محاكمة التاريخ لطائفة الموحدين الدروز والدور السلبي الذي يؤديه البعض لأبنائها داخل هذا الكيان، تتدحرج هموم جنبلاط إلى سوريا ولبنان حيث يتربّص النظام السوري بشكل دائم بكل تفصيل في محاولة لإشعال نار الفتنة بين المُجتمع الدرزي والذي حاول جنبلاط تطويقه أو محاصرته من خلال اللقاء الذي جمعه أخيراً بخصمه اللدود النائب طلال أرسلان برعاية رئيس مجلس النوّاب نبيه بري.

وفي هذا اللقاء تحديداً (عين التينة) تطلّع جنبلاط أوّلاً إلى مصلحة الجبل وأبنائه، وحمايته من محاولات النظام الدؤوبة لإشعال نار الفتنة التي يتنقّل بها من منطقة إلى أخرى، تارة في الجاهلية وطوراً في الشويفات، ومرّات عدة داخل قرى وأحياء متشعّبة الإنتماء السياسي. ومن هنا يُمكن قراءة كل هذه الأحداث بما فيها حادثة قبرشمون، أوّلاً أنها ليست عابرة وبالطبع لن تكون الأخيرة، ثانياً بأنها واحدة من مجموعة محاولات لمحاصرة “البيك” المعارض الأشد للنظام السوري بأيادٍ لبنانية، وذلك من أجل تطويعه، وإلّا فإن ما ينقص الفتنة هو فقط فتح الباب أمامها.

واللافت أن جنبلاط سبق أن عبّر عن هذه المحاولات وتحديداً الداخليّة منها، بقوله أن “حكومة اللون الواحد تُقدم على مصادرة أموال الناس وتصنيفهم ومحاكمتهم وفق معايير غير قانونية وغير دستورية وذلك وفق خط سياسي هدفه إلغاء أي اعتراض وصولا إلى محاولة تطويع طائفي ومذهبي للإطاحة بالطائف والسيطرة المطلقة على مقدرات البلد لضرب ما تبقى من سيادة أصلا وهمية وشكلية”.

في هذا السياق، تؤكّد مصادر مقربة من “المختارة” أنه على الرغم من تشعّب مخاوف جنبلاط وتعددها خصوصاً وأننا نعيش في عالم قلق ومُقلق، تنطلق من حرصه على وحدة الصف العربي في هذا العالم المُنقسم، امتداداً إلى الساحة الداخلية وذلك في ظل عدم وضوح في الرؤية خصوصاً في ظل ما يجري بين الأميركي والإيراني. ولذلك تبقى نصيحته للكل بالنأي عن كل ما يُمكن أن يرتد سلباً علينا كلبنانيين، وأن نخرج من لعبة المحاور التي من شأنها أن تضعنا في عين العاصفة.

بالنسبة إلى جنبلاط تحديداً، تنقل المصادر نفسها عنه أنه لا يُقدّم همه الدرزي على الهمّ الوطني، وفي كل ما حصل وما يحصل يُحاول قدر الإمكان دعم صمود الجميع بالوتيرة نفسها وفي كل المناطق إنطلاقاً من معرفته المُسبقة أن السفينة ستُغرق الجميع، ولا يُمكن لطائفة أو حزب أو أي جماعة أن تنجو بنفسها وخير مثال ما يحصل اليوم حيث شبح الجوع يُخيّم على الجميع من دون إستثناء.

لقد سبق لجنبلاط أن وجّه مجموعة نصائح بعضها خارجي وبعضها الآخر داخلي، وعلى سبيل المثال لا الحصر نصيحة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في ما يتعلّق بالحرب في اليمن، وكذلك الأمر نصيحة للرئيس سعد الحريري يحثه فيها على عدم المشاركة في أي حكومة مُقبلة وذلك اثر استقالة الاخير من الحكومة السابقة.

واليوم ترى مصادر “المختارة” أنه اذا كان من نصيحة يُمكن أن يُقدمها “البيك” فهي حتماً ستكون للبنانيين، لا تنتظروا حلول الخارج.

“ليبانون ديبايت” – علي الحسيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!