في حكومتنا، وزارات تحارب الكورونا، ووزارة تحارب التلميذ والمعلم والأهالي
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم
معالي وزير التربية والتعليم العالي، أتذكر بالتحديد كيف أتيت وزيراً في هذه الحكومة، أتيت وزيراً من عالم القضاء في حكومة مواجهة التحديات التي نشأت بعد أن استفحل الجوع والقهر في جيوب اللبنانيين وهل نسيت، أن صراخ اللبنانيين علا بكل جوارحه منذ ١٧ تشرين وهل غفلت أن معظمهم هم أهل لتلامذة على مقاعد الدراسة.
معالي الوزير، اسأل زميلك في وزارة الإقتصاد، عما يعاني منه اللبناني من ثقل على كاهله وهموم معيشية تزداد كل يوم مع تسجيل الدولار خبطة جديدة في سوق الصرف وصفعة أقوى لمن هم بنصف المعاش وخانة العاطلين عن العمل، وهل نسيت أن اللبناني فقد أكثر من ٦٠٪ من قدرته الشرائية، إن كنتم لا تعلمون فتلك مصيبة وإن كنتم تعلمون ولا تحركون ساكناً فتلك مصيبة أكبر.
نعم، العلم مهم ومقعد الدراسة هو حضن للتلميذ، لكن لنتحلى ببعض العقلانية ولنبتعد عن حالة التخبط التي وضعتنا بها، وكأنك تريد أن تسلق المرحلة وكأنك لا تعلم أن غيمة الكورونا ما زالت تحوم فوق لبنان،اسأل مستشارتك، فجيوب اللبنانيين فارغة يضاف إليها هم البقاء على قيد الحياة والإستمرار.أتيت من القضاء ولكن ليس لمعاملة التلامذة والأساتذة كمجرمين فتحبسهم في وهم الإمتحانات الرسمية تارة ووهم التعليم عن بعد تارة أخرى وكلانا يعلم أن التعليم عن بعد لا يشكل ربع ما يحتاجه التلميذ من تعليم فعلي ملموس على مقاعد الدراسة فكيف اذاً الحال مع القرارات التي تثقل الأهالي، فمن برأيك ما زال قادراً على دفع الأقساط وتأمين النقل لأولاده والمصروف الإضافي ابتداء من المدرسة والجامعة الرسمية وصولاً إلى كل مجالات التعليم الخاص… الوضع مزري وأنت تعلم لكنك تعاند وتتعنت، وتريد تسجيل انتصاراً عن بعد،وربما مستشارتك قد دفعت بك إلى معارك واهية وخطط فارغة وأنت خلطت الوهم بالواقع، فإليك المزيد مما غفلته،أنت ألغيت امتحانات الشهادة المتوسطة لإستحالة إجرائها في الوضع الراهن تحت خطر الإصابة بالكورونا، وهل امتحانات الشهادة الثانوية في وضعٍ أفضل، فهل بإمكانك ضمان سلامة تلامذة البكالوريا والطاقم المراقب وتأمين المراكز المعقمة في محيط آمن من الكورونا ناهيك عن التصحيح، أم أنك ما زلت تكابر على وجع التلامذة وتصب فوق نار المعضلة زيت التعنت.لا أحد ينكر الضغط الذي يثقلك، لكن إلى الآن لم تتبلور خطة تربوية إلى حيز
الوجود،تارة سنعاود إلى فتح المدارس وتارة نراوح مكاننا، فلماذا لا تتنور من وزيري الصحة والداخلية فكلاهما يجودان من الموجود ويواكبان المرحلة بكل شفافية، أما أنت فما زلت تتخبط في قرارٍ من هنا وقرارٍ من هناك، فالتعليم عن بعد قد فشل مادياً وتقنياً بشكل كبير بما أن خدمات الإنترنت مكلفة، وإن سقط من بالك فخدمة اوجيرو ليست متوفرة للجميع والإنترنت من الشركات الخاصة يكلف دولاراً لكل جيغابايت معالي الوزير، ففكر قليلاً كم يكلف التعليم عن بعد للأهالي الذين فقدوا وظائفهم بسبب الضربات المتتالية، ونظنك تعلم عن الغلاء الذي يقتص من اللبنانيين.
فما الجدوى من كل هذه الأوهام، ما الجدوى من الضغط النفسي على المعلم والتلميذ معاً، المعلمون بغالبيتهم باتوا بنصف معاش أو دونه والأهالي بمعظمهم باتوا غير قادرين على الدفع، وإن كنت تريد تسجيل انتصار معين، فانتصر للمعلمين بتأمين رواتبهم وانتصر للتلامذة بتأمين صحتهم، وكن رجل دولة في زمن الكورونا، مارس دورك التكنوقراطي بدل أن تخوض معارك لا طائل منها، الصحة وتأمين القوت يأتيان قبل كل شيء، يجب أن نعيش الواقع، تماماً كما عشناه أيام الحرب، الآن هي مرحلة الحفاظ على الإنسان، حافظ على صحة التلامذة والمعلمين والأهالي وانتصر لهم واسمع لتأوهاتهم وأوجاعهم،اتخذ القرار المناسب بتعليق العام الدراسي إلى حين جلاء الكورونا عن الوطن فيتساوى جميع التلامذة، كن رجلاً وطنياً فما الفائدة من صورة وزير واهية إن لم تنل سوى دعاءات الأهالي الموجوعين عليك،نحن في زمنٍ عصيب، ربما راتبك وراتب مستشارتك ما زال يصل إلى جيوبكم، لكن هنالك كثر لم تعد تصلهم كسرة الخبز، فويلٌ لكم من دعاء الأهالي.
ميشال جبور