أكثر من نصف سكان لبنان سيصبحون فقراء، ومن دخله الشهري مليونا ليرة “اخترب بيته”!
صدى وادي التيم – من الصحف اللبنانية
في ظل الارتفاع الجنوني للدولار وتدهور سعر الليرة، يحل الأول من أيّار مناسبة حزينة جداً على عمال لبنان من موظفين، وأُجراء ومياومين وأرباب عمل، الذين يعيشون يومياً في خوف ينطوي على قدر من المجازفة في الحياة المهنية…. ولم تسلم غالبية هذه القطاعات الخاصة الحيوية من تداعيات التعبئة العامة، التي فرضت نفسها كسبيل وقائي من تفشي وباء كورونا، على دفع أرباب عمل الى صرف موظفين، أو اللجوء الى اعتماد البطالة التقنية أو إعلان الإغلاق التام كما الحال مع شركة المرطبات اللبنانية.
حاولت ” النهار” معرفة نسبة البطالة اليوم ومقارنتها مع الأمس القريب والبعيد، إضافة الى تحديد المدخول الشهري للأسر الفقيرة، او العائلات، التي تعيش “خبزها كفاف يومها”، من خلال قراءة كل من المستشار في التنمية أديب نعمة والباحث الاقتصادي الدكتور جاسم عجاقة.
نصف السكان
“من المتوقع اليوم، ان يعاني نصف سكان لبنان من الفقر، والحبل على الجرار،” قال نعمة. وأكمل شارحاً انه “بين الأعوام 1995 و2015، نحو ثلث اللبنانيين صنفوا في حينها أنهم فقراء”.
وأوضح أنه ” قبل زمن كورونا، كان 18% من الأسر يؤمن دخلاً بأقل من 650 ألف ليرة في الشهر الواحد، فيما 43% كان يصل مدخول عائلة من 4 أفراد الى دون مليون و200 ألف ليرة لبنانية كل شهر. إن نسبة الفقر تتراوح بين 50% و55% ممن يحتاجون المساعدة، لأنهم دون عمل أو من ذوي الدخل المحدود، ودون تأمين صحي ويفتقرون الى مقومات حياة كريمة”.
ماذا عن نسبة البطالة؟ بالنسبة لنعمة، “11،4 % نسبة البطالة في العام 2019، وهو يندرج في تعريف البطالة بمفهومها الضيق، ما يجعلها قابلة للتطبيق في الدول المتقدمة، وغير صالحة لقياس مستوى العمل ووضعه في لبنان والدول النامية”.
واقع البطالة
ولفت الى أن “نسبة البطالة لدى الشباب وصلت الى 23%، فيما نسبة البطالة لدى الشباب الجامعي إرتفعت الى 36%، لدرجة أن فرص العمل تصبح مستحيلة غالباً، لكل من يزيد من مقدراته التعليمية”.
وأوضح أن “البطالة لا تعبر عن الواقع في لبنان”، ولفت الى أنه “يجب أن نلحظ اليوم في قياس مستوى البطالة تقديرات الاقتصاديين للناتج المحلي، الذي راوح بلغ أزمة كورونا 53 مليار ليرة لبنانية، فيما تشير التوقعات إلى أنه بعد الأزمة سيسجل هذا الناتج 35 مليار ليرة، مع تراجع 20 ملياراً، ما يجعل البطالة تتضاعف 30% كحد أدنى، وتزيد عن ذلك في المراحل القادمة بسبب استحالة تسجيل أي نهوض أو نمو في الاقتصاد”.
وشدد على أنه “من المهم الأخذ بعين الاعتبار معدل المشاركة الاقتصادية، وتقاس وفقاً بنسبة من هم في سن العمل، والتي سجلت 49%، فيما تصل في دول تتمتع باقتصاد مختلف عما نحن عليه، إلى نسبة تتراوح بين 75% و80%، ما يجعل مؤشر الاقتصاد المحلي ضعيفاً جداً”.
ويندرج العامل الثاني لقياس نسبة البطالة، وفقاً لنعمة “في طبيعة العمل، إن كان نظامياً، أو غير نظامي ويشمل هنا المياومين، والمتعاقدين وسواهم”. ولفت أيضاً إلى أن “55 % من النسبة الإجمالية للقوى العاملة في لبنان تفتقر الى حماية اجتماعية، ولا تحصل على راتب ثابت، فيما يحظى 45% من المندرجين ضمن العمل النظامي من موظفي الدولة، والمصارف براتب شهري وضمان ثابت”. وأضاف أن “56% من العاملين يتمتعون بتأمين صحي”.
العمل … في كورونا
ماذا عن العمل غير النظامي في زمن كورونا؟ أشار نعمة إلى أنه “وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، 315 ألف من أصل 874 ألف يعملون في العمل النظامي، ومنهم يعملون في مؤسسات الدولة، والوزارات، وحتى بعض الشركات الخاصة، والمصارف، وكل من مؤسسة الكهرباء والمياه، دون أي ضمان ولا يخضعون لقانون الموظفين مثل المعلمين المتعاقدين، المياومين، أجير بالاستعانة، من يوفر خدمات التنظيف والصيانة”.
وتوقف عند “وضع هذه الفئة، بعد أزمة كورونا، والتي تعيش اليوم دون أي مدخول شهري بسبب التعبئة العامة المفروضة في لبنان”. وأردف “أن 55 % من أهالي طرابلس يفتقدون إلى عمل نظامي ما يجعل اليوم نسبة الفقر فيها مرتفعة بين 95% إلى 100%، فيما تتقلص إلى 75% في مناطق فقيرة أخرى في الأطراف”.
واقترح نعمة أن “تبقي الدولة على دفع رواتب هذه الفئة أو نسبة محددة من رواتبهم، التي تعمل بنهج غير نظامي، من خلال تلزيمهم توزيع المساعدات الاجتماعية والمالية بدلاً من الجيش اللبناني، ليتمكنوا من تأمين دوام يومي لساعات عمل، ما يوفر لهم رواتبهم المدرجة ضمن الموازنة العامة للدولة”.
%50 دون راتب
أما عجاقة، فقد شدد على أنه “بعد ارتفاع سعر الدولار وأزمة تفشي وباء كورونا، يواجه رب الأسرة، الذي يؤمن مدخولاً شهرياً بمليونيّ ليرة، صعاباً في توفير لقمة العيش لعائلته المؤلفة من زوجته وولدين”. مشيراً إلى أن “العائلة من عدد الأفراد ذاته يحتاجون الى 5 ملايين ليرة شهرياً لتوفير هذه اللقمة”.
وحذر من “واقع البطالة، ولاسيما من ارتفاع نسبة البطالة التقنية”، والتي تصل الى 50% من الموظفين، الذين يعلمهم رب عملهم أنهم لن يتقاضوا رواتبهم إلا بعد العودة إلى نمط عمل عادي بعد الانتهاء من مراحل التعبئة العامة، ما يزيد من نسبة العوز لدى هذه الفئة”.
وإعتبر أن الخلافات السياسية تزيد من “وطأة الوضع الاقتصادي” مشيراً إلى أن “الخروج من هذه الأزمة يستوجب أمرين مستحيلين وهما ضج أموال من الخارج ورفع الضرائب، وهذا أمر مستحيل”.
وخلص الى اعتبار أن “الوضع صعب اجتماعياً واقتصادياً، وأن نسبة الفقر ستتخطى هذه السنة 73% من الشعب اللبناني”.
روزيت فاضل – النهار