يوم عادت لحظة… الإنعزال…في قالب… كونفدرالي بقلم ميشال جبور
صدى وادي التيم – رأي حر بأقلامكم
لطالما كان لبنان ساحة صراع للغير، وليس بسبب شعبه، فالشعب اللبناني من أرقى الشعوب في العالم وهذا بشهادة الكثير من الباحثين الإجتماعيين، غير أن لبنان تحول إلى ساحة للصراعات الإقليمية ما إن نال استقلاله لأنه ضحية استحضار المشاريع القومية التي غالباً ما تكون مقنّعة وتخفي في طياتها فرض أمر واقع على الشعب اللبناني، فلبنان محاط بدول عربية من أجمل الدول غير أن بعضها يرتكز على قوميات بمعظمها عسكرية وطابعها أمني وهي بسهولة قادرة على التغلغل في النسيج اللبناني بسبب الهويات المتفرقة التي يجمعها هذا الوطن الصغير التي يحلو للبعض اعتباره اقليماً أو مقاطعة أو دويلة، أي أنه يحق لبعض الدول أو بعض الأنظمة تعميم انعكاس افكارهم الكونفدرالية على لبنان ولا يحق للبنان أن يفكر بطريقة كونفدرالية لأن ذلك بكل بساطة لا يناسبهم.
لو عدنا بالتاريخ، كانت الطريق إلى فلسطين ستمر بجونية، أي أن لبنان كاد أن يكون الوطن البديل للفلسطينيين، أي أن لبنان كاد أن يكون كونفدرالياً لو اقيمت فيه كينونة للفلسطينيين، وهذا هو لب المشكلة، فما شهده لبنان منذ أكثر من ستة عقود لم يكن صراعاً مذهبياً لأن الشعب اللبناني متعايش مع فكرة تعدد المذاهب وحرية المعتقد والدين غير أن بعض القضايا التي طرأت وخاصة في العالم العربي وجدت في لبنان ارضاً خصبة لفرض حلولها فيه بدل أن تفرض حلولها على أرضها، وغالباً تلك القضايا كانت تنحرف عن مسارها القومي بشكل مذهبي بحيث عندما يرفضها فريق لبناني يُتهم فوراً بالإنعزال وبأنه يريد الفدرالية مع العلم بأن الجزء الأكبر من هذا الفريق احتوى على العديد من المذاهب التي وصلت إلى أماكن القرار ولم تطرح مثل هكذا مشروع، ومع العلم ايضاً بأن الفريق المقابل احتوى ايضاً على عدة مذاهب غير أنه بابتعاده عن السيادة اللبنانية على كل الأراضي اللبنانية شكّل دافعاً له للإستثمار بمشروع دولة ضمن الدولة اللبنانية وروج لها عبر الطابع الفئوي المذهبي وضغط باتجاه القطب الواحد لتمرير حل عربي لقضية مركزية في أرضٍ ليست أرضها وبمعارك خيضت في ساحة ليست ساحتها، فكانت الحرب الأهلية، ولكن السؤال الذي يُسأل، ألم يكن ذلك انعزالاً منه عن باقي الشرائح في الوطن، هل فعلاً كانت تلك الحرب أهلية أم حرباً تُكسر فيها العظام لأجل مشروع طابعه مذهبي ومضمونه انتهازي لثغرات معينة في النسيج اللبناني من فقر وتوق إلى امتلاك القرار، ألا يُعد ذلك كونفدرالية منقحة؟
وقد اثبتت الأيام بل السنين أن بعد الطائف وتغير قطبية القرار لم يختفي ذلك المشروع وزاد من الطينة بلة بسبب عرقلة السياسة والديمومة الوطنية، فمع بزوغ الطائف كان الدين العام لا يتعدى الملياري دولار، ولكننا اليوم وبعد استلام الفريق الذي، “لم يرى نفسه انعزالياً”، لمقاليد القرار رأينا ما جرى بالدين العام، ورأينا حال البلد ويمكننا المقارنة بين زمن المارونية السياسية كما يحب البعض تسميتها وزمن اللامارونية السياسية، فالسياسة تعرقلت والإقتصاد اصبح مكبلاً ولم نستطع منذ الطائف إلى اليوم أن نخطو خطوة واحدة إلى الأمام وكلما هبت رياح اصلاحية من مكان ما أُعيد شبح الحرب الأهلية مجدداً، تخلى المسيحيون الإنعزاليون عن سلاحهم وسياستهم وتمسك الباقون بسلاحهم داخل وخارج الدولة، وما هي النتيجة، النتيجة كانت كونفدرالية مبطنة عبر مناطقية القرار والسلاح والوجود.
وللحديث تتمة…
ميشال جبور