ارتفاع حالات العنف المنزلي في لبنان يُنذر بكارثة.. والمنظمات النسوية تناشد الدولة!

 

مشاحناتٌ أسرية، مشاجرات، تهديد بالطلاق، وابلٌ من الشتائم، ضربٌ واهانات.. ليس وباء الـ “كوفيد-19” وحده عالمياّ، انما ما نتج عنه ايضاّ من تفاقم في حالات العنف المنزلي، والتي وصلت الى جرائم قتل بحقّ النساء. هذا ما أكّده الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، حين دعا إلى اتخاذ تدابير لمعالجة “الطفرة العالمية المروعة في العنف المنزلي” ضد النساء والفتيات، والمرتبطة بحالات الإغلاق التي تفرضها الحكومات اليوم. 

 

المرأة.. فشة خلق

 

تعدّدت التقارير التي أشارت إلى ارتفاع حادّ في حالات العنف المنزلي ضد النساء والفتيات في العديد من دول العالم، تزامن ذلك مع اتساع رقعة الإجراءات التي اتُّخذت في سبيل الحدّ من انتشار فيروس “كورونا”، كانت في طليعتها فرض الحجر المنزلي.

 

في لبنان، صرّحت قوى الأمن الداخلي أن الخط الساخن المخصص لتلقي شكاوى العنف الأسري شهد ارتفاعاً في عدد الاتصالات التي وصلته، بنسبة مئة في المئة في شهر مارس/آذار من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما أظهرت تقارير المنظمات النسوية أرقاماً مرتفعة لعدد الاتصالات التي تلقّتها على خطها الساخن.

 

تؤكّد علياء عواضة (ناشطة في منظمة FE-MALE) للـ “الهديل” أن الارتفاع بنسب العنف ضدّ النساء مؤشر كارثي وخطير، لاسيما انه يصل حدّ التهديد بالقتل. وبعيداً عن التبرير لجرائم العنف، ترى أن الاوضاع الاقتصادية التي تمرّ بها البلاد  وما نتج عنها من ضغوطات شكلت عاملاً أساسياً في زيادة حالات العنف، اذ يعتبر الرجل نفسه محقاً باستخدام المرأة كوسيلة لـ”فشّ الخلق”، يضاف اليها اليوم الحجر المنزلي وكلّ ما ترافق مع “أزمة كورونا”.

 

وتضيف: “يعزّز من ذلك عدم قدرة النساء في ظل اجراءات الحجر المنزلي على أخذ اي خطوة لحماية أنفسهنّ كالخروج من المنازل، لكي يتجنّبن مخالفة قوانين التعبئة العامة، اضافة الى أن هناك عدد من النساء لا يملكن مأوى آخر يستطعن اللجوء اليه”.

 

أين هي الدولة من حماية النساء والفتيات؟

 

ارتفاع جرائم قتل النساء والفتيات خلال الاسابيع القليلة الماضية بات ملحوظاً، كان آخرها امرأة أصيبت اصابة بليغة نقلت على اثرها الى المستشفى، بعد أن أطلق عليها زوجها النار من مسدس حربي في منطقة مركبا قضاء مرجعيون.

 

في ضوء الواقع المذكور، تؤكد عواضة أن على الدولة ممارسة دور فعّال في محاولة الحدّ من زيادة حالات العنف المنزلي، وذلك من خلال “تشديد العقوبة على المعنّف، استمرار العمل بأجهزتها القضائية والامنية، اظهار الجدية في التعاطي مع هذة الظاهرة، واعطاء النساء والفتيات أولوية”، مشيرة الى ضرورة التفات الحكومة، في تطبيقها لخطة الطوارئ، الى شؤون النساء والفتيات اللواتي يتعرضن للعنف في هذة الظروف. وعن كيفية تأمين الحماية اللازمة لهنّ تشير الى أنّ”المنظمات وحدها ليست قادرة على حمايتهنّ، يتطلّب ذلك تعاوناً من الدولة خصوصاً على صعيد تأمين مراكز إيواء للنساء المعنفات “. وتشدّد عواضة على ضرورة التنسيق بين وزارتي الصحة والشؤون الاجتماعية وتقول: “على النساء أن يخضعن لفحص PCR قبل دخولهنّ الدور تجنّباً لانتقال العدوى”.

 

في ظلّ “كورونا”.. آليات جديدة

 

“كورونا” لا يقف عائقاً أمام الرغبة في مساعدة المعنّفات والتوصل الى مجتمع متوازن، هذا ما أثبتته قاضية الأمور المستعجلة في بيروت هالة نجا، التي استمعت، عن طريق “الفيديو كول”، لضحيّتي عنف أسري تقدّمتا بطلبي حماية، بعد تعرضهما للعنف الاسري، إحداهما من الزوج والاخرى من اخوتها.

 

كانت جمعية “كفى” قد نشرت الخبر عبر صفحتها على موقع “فايسبوك” متمنّيةً “على كل قضاة الامور المستعجلة في كل المناطق اللبنانية التجاوب مع الطلبات التي ممكن ان تتقدم بها نساء لحمايتهن من العنف الذي من المتوقع ان يتزايد اكثر وأكثر مع استمرار الحجر المنزلي”.

 

قدرة المنظمات باتت محصورة

 

تعمد المنظمات والجمعيات المعنية بمكافحة العنف ضد النساء في لبنان، بشكل مستمرّ، الى مساعدة كل امرأة تتعرّض للعنف بمختلف أنواعه، وتساعدها في كيفية التخلّص من الآثار السلبية الناجمة عن التعنيف. وفي ظلّ فرض التعبئة العامة ومنع التجول، لم تعد الموظفات والناشطات اللواتي يعملن في منظمات المجتمع المدني، قادرات على الوصول الى مراكز عملهنّ والتعامل مع النساء بشكل مباشر.

 

تطالب عواضة بالسماح لهؤلاء الموظفات بالذهاب الى اماكن عملهنّ، على غرار العاملين في القطاع الصحي والاعلامي، باعتبار أن النساء والأطفال هنّ الاكثر عرضةً للنتائج السلبية في ظلّ الأزمات.

 

وعلى الرغم من الحدّ من قدرة المنظمات، الا أنها ما زالت مستمرة بعملها على مواقع التواصل الاجتماعي، واضعةً الارقام والخطوط الساخنة التابعة لها ولقوى الامن الداخلي بخدمة النساء والفتيات، لتشجيعهنّ على التبليغ.

 

جدرانٌ أربعة.. ليست دائماً ملاذاً آمناً للمرأة، وان استطاعت أن تحميها من عدوى وباء مستجدّ، فمن يسعفها من وباء العنف المنزلي، بعد أن وجد من “كورونا” أرضاً خصبة، ساهم في ارتفاع ضحاياه؟ 

كلارا نبعه – الهديل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى