الكورونا… الجيش يدخل المعركة !
سبق الجيش اللبناني إعلان الدولة التعبئة العامة بأشواطٍ. منذ نعومةِ أظافر “الوباء الأحمر” رفعت المؤسسة المرقّطة مستوى جهوزيتها “العسكرية” إلى الحدود القصوى، وباكرًا أجرت تشخصيًا دقيقًا للوضع، إذ وجدت أنّ الزمن الراهن هو زمنُ حربٍ، وبالتالي يجب التعامل وفق مقتضيات حالات الطوارئ وتحت سقفِ ثقافةِ المواجهة وإن إختلفت “جينات” العدو ومعاييره.
وعلى الجبهة الأمامية، نشرت “وحدات التعقيم”، العسكر بلباسٍ أبيض مرقط مسلح بأدوات الفحص والتلقيح ومعزز بإجراءات التوعية والحيطة والحذر، وفي الجبهة الداخلية، إجراءات روتينية متخذة على درجةٍ عاليةٍ من الدقة وإحاطة بضرورة إتباع الأوامر والإفصاح عن أي “شبهة”، فممنوع على “الداء الخبيث” أن يتسرّبَ إلى مؤسسة الوطن، أما على المستوى الوطني العام فالجيش موكلٌ بحفظ الأمن الصحي للمواطنين ومتابعة أي حالة “شاذة” تتجاوز حدود معايير السلامة العامة.
منذ اللحظة الأولى، أدركت قيادة الجيش دقة المرحلة الآتية، وقبل أن “يتربعَ” كورونا على عرش البلاد عالجته “القيادة” داخليًا بسيلٍ من الإجراءات “المشددة” التي تراوحت بين مذكرات وتوجيهات داخلية وأوامر وتعاميم مصدرها قائد الجيش كان بمثابة الآلية التي تحدد كيفية التعامل مع المرحلة وسقفها.
وكان لافتًا، أنّ إجراءات الجيش واكبتها حملة من الشائعات التي طاولت المؤسسة العسكرية وادعت اصابة عسكريين بفيروس كورونا ليتبين لاحقًا أنها من صنف “الأخبار الزائفة” مع العلم أنه ولغاية الساعة لم تسجل قيادة الجيش حصول إصابةٍ واحدةٍ سواء عن طريق الاحتكاك أو الاختلاط بمصابين مفترضين أو نتيجة الاصابة من بلدٍ موبوءٍ.
في البداية، أصدرت قيادة الجيش توجيهات طلبت بموجبها تجميد اتباع بعض التصرفات التقليدية الرائجة بين العناصر، كالسلام والتقبيل، وفي المقام الثاني طلبت منهم الافصاح عن إحتمال وجود حالات إصابة مؤكدة أو مرجحة بفيروس COVID-19، وفي حالة حدوث إحتكاك مع إحدى الحالات خارج السلك، إبلاغ “القطعة” قبل الالتحاق مجددًا بها لاتخاذ الاجراءات المناسبة.
يقول مصدرٌ عسكريٌّ لـ”ليبانون ديبايت” أن القيادة “وزعت قبل دخول كورونا في لبنان مرحلة الخطر إرشادات على مختلفِ القطعاتِ والثكناتِ مع ضرورة تطبيق مضمون التعاميم بحزمٍ، وباشرت سريعًا اجراءات الوقاية كافة ومن مختلفِ الجوانب، ووفق المنظور العسكري، رفع موضوع الكورونا إلى درجة الاستنفار العام.
في البداية، خضعت كافة الإدارات والثكنات والمديريات التابعة للجيش لحملةِ تعقيمٍ، وقد استتبع ذلك لاحقًا بتوفير مستلزمات الوقاية من مستحضرات طبية خاصة بالحماية من الفيروسات لا الجراثيم ورفع موضوع ارتداء الكمامة إلى “التجنيد الاجباري” داخل المنشآت التابعة للجيش.
ومن الأمور الفريدة التي اتبعها الجيش، تلزيم عنصرٍ على مدخل كل منشأة، سواء ثكنة أو مديرية أو ما شاكل، أعمال معاينة حرارة العناصر عبر جهازٍ حراريٍّ وأمامه جدول اسمي تدون عليه ملاحظات أو أية تغيرات قد تظهر على أي عسكري، تمهيدًا لمتابعتها.
الإهتمام نفسه ينسحب على مقر القيادة المركزية، “فوق” إهتمام شديد بالزوار ومدى إتباعهم إرشادات السلامة والوقاية والتوجيهات الخاصة بالوقاية من المرض، ومن ضمنها ارتداء القفازات والكمامات تحديدًا، فيما جهاز فحص حرارة الجسد بات ضيفًا دائمًا يُلازم الوافدين ومن المسؤولين عن مراسم التشريفات.
وهكذا يكون الجيش اللبناني قد انتشر على خطوط الفيروس كافة، واضعًا السلاح التقليدي جانبًا لخوض هذه الحرب من دون إغفاله طبعًا لشدة الارتباط بين الأمنين الإجتماعي والصحي متخذًا من السلاح البيولوجي عنوانًا في هذه المرحلة.
“ليبانون ديبايت” – عبدالله قمح