على ثقة… بأن… لا ثقة بقلم ميشال جبور
للشهر الخامس على التوالي ما زالت أصوات الثورة تصدح في الساحات وما زال ساسة لبنان يصمّون آذانهم مستمرين بالنهج الخشبي الذين هم عليه فيما وجع الناس بدأ يكفر جوعاً… لا حياة لمن تنادي… وساسة على ما يبدو… اذا ضُرِب الحذاء برأسهم…من المؤكد سيصيح الحذاء…
حكومة اللون الواحدة المفترض أن تكون حكومة مواجهة تحتضن الشعب وتحميه من تداعيات أزمة أقل ما يقال فيها أنها صنيعة أهل السياسة أنفسهم… حكومة “غب الطلب” لم تواجه إلى الآن سوى الشعب،
بالقوى الأمنية… لم تواجه الوجع الذي يفترس الناس سوى بخراطيم المياه والهراوات علَّ الضرب ورش المياه يسكتان جوعاً… حكومة مررت موازنة كعادتها غير متوازنة، بحنكة القوى الأمنية وبلوكات الباطون وبحضن الأسلاك الشائكة… موازنة لعظتمها لم يعوزها سوى ستة نواب لمناقشتها… وصوتت عليها سخرية الإجماع المضحك المبكي بتسعة واربعين صوتاً… وهل نزيد الطين بلّة اذا قلنا… فقط لا غير؟!
بماذا ندعوها… موازنة تم سلقها على نار خائفة من استيقاظ لهب الشعب… موازنة بدل أن تأخذ يومين كي تكون على محمل جد من يراقب، وبدل أن تستمر صباحاً ومساءً كما أُعد لها، إختنقت أمام نبض الشارع… وأبطالها بدأوا يضربون أخماس الدقائق بأسداسها، فالبكاد وصلوا إلى المجلس، أصبحوا أسرى، لا يستطيع أحد منهم أن يخرج لئلا لا يستطيع العودة…”بعبع” ما يقبع خارج جدران المجلس…الأمان وراء بوابات حديدية وبلوكات باطونية وأسلاك شائكة… وقرارات شائكة في موازنة متشابكة ومتعرجة… أهم ما فيها أنها خفية… في عز النهار مخفية،شبح بدل أن يخيف الناس، الناس تخيفه…
اذاً…فيلم رعب السلطة من الشعب… فكيف ستتوازن هذه السلطة في موازنتها…؟
أما وبعد… البيان الوزاري، صياغة البيان واستعارات البيان وذلك لنيل الثقة… لدى أهل السلطة كل الثقة ببعضهم طبعاً ولكن لا إيمان بمقدار حبة خردل بأحقية مطالب الشعب…
ساسة لا يثقون بقدرات الشباب الذي تهجر على مدى عقود فحُرمنا من العقول العلمية القادرة على النهوض بالبلد…
ساسة لا يثقون ببعضهم البعض ويعمدون الى لطم بعضهم البعض على وسائل التواصل الإجتماعي… نهبوا ما نهبوه من خيرات البلد وألقوا التهمة على الشعب الذي بات عليه أن يتحمل وزر سرقتهم ودفعها من جيبه كي يسمحوا له بالعيش في وطنه… بئس عيش مع هكذا ناهبين…
يسارعون ويتسارعون بالبيان الوزاري الذي هو على شاكلة ما سبقه من بيانات… خطوة للأمام وعشرة للوراء…
ساسة يبعدون عن الإحساس بالشعب آلاف السنين الضوئية… ويريدون الثقة…ثقة من يريدون… إن كانوا يريدونها من بعضهم البعض فلا داعي لكل هذا التهريج الفاشل… بإمكانهم الحصول على الثقة في دكانة بيع الضمائر، لأن كل الإذلال الذي يتعرض له الشعب هو بسببهم وبسبب تواطئهم على الوطن، أيديهم ملطخة بحبر صفقة القرن وقلناها ألف مرة من قبل ولولا ذلك لما ارتضوا كل الإستدانة التي جعلت من الدين العام عملاقاً لا يُلجم… ارتضوا النهب ليركع الوطن والمواطن ويقبل بالتوطين… بيادق صغيرة في لعبة العار… فأين الثقة فيهم؟ وكيف تكون الثقة بهم؟
لن يحظوا بثقة إلا من هم محظيين عندهم… جلسة الثقة، ستكون جلسة طرح الثقة لهكذا حكومة تخشى الشعب ولا تعترف له بحق… جلسة الثقة، جلسة مسرحية قصيرة ستنتهي بأن يتقاتلوا مع بعض على فتات ما تركوه من لبنان، يزيدهم طمعاً ما عُرض عليهم في صفقة القرن… وللذي يعلم… كم سعرهم زهيداً…لم ولن نرضى أن نبيع أنفسنا أو القضية التي نحن أيضاً دفعنا ثمنها دماء آلاف الشهداء لكي نحافظ على كيان وطننا ولكي يبقى للفلسطيني حق العودة، لكن المضحك المبكي هو حجم ألإسترخاص بشراء ضمائر أهل الحكم عندنا، مهندسو صفقة القرن كانوا يعدونهم بتغطية الدين العام ولكن الآن ولأن سعر حكامنا زهيداً في سوق الرقيق فحصتنا باتت بضع ستة مليارات… والأيام القادمة ستكشف الكثير…بإمكاننا جلب هذا عشرة أضعاف الستة مليارات من الذين ذبحوا الوطن ونهبوا خيراته… خيانة وطنية للبنان وخيانة لقضية فلسطين وخيانة لذكرى الشهداء بالآلآف لمنع التوطين ودوس على دمائهم..
نحن على ثقة بأن هكذا حكام وساسة، ومهما طال الزمن، بأن لا ثقة فيهم.
ميشال جبور