أطفال الحجارة…حجارتكم لن ولم تذهب سدى… بقلم ميشال جبور
ميشال جبور
منذ التاريخ القديم… هنالك من يتلاعب بالتاريخ، ويزور في حيل كل ما سولت له نفسه… في الأزمنة القاسية… هنالك من يصمد أمام فوهات مدافع الدبابات… ويخرج من تحت أنقاض بيته الذي هدمته جرافات إحتلال غاصب…
في مشهدٍ لن يغيب أبداً عن ذاكرة أقسى تاريخ عرفه الشرق الأوسط، ولد صغير بثياب رثة يقف أمام ميركافا الدمار… وفي يده حجر…دمعة تبتسم للموت… وكاميرا صحافي تدمع… إنها فلسطين… إنهم أطفال الحجارة…
كم من ا ن ت ف ا ض ة شهدت يا فلسطين، يا حبيبة قلوب العرب، يا قضية العروبة المركزية وعنوان الشهادة الأكبر… وفي لمحة غادرة من الزمن الكريه… تخلوا عنك… وسقطت حجارة أولادك أرضاً وعلى وقع سقوطها، تبعثرت كل كلمات الشهامة والمرؤة والعروبة على مدى قرن… بورقة واحدة… صفقة القرن…
في زمن ليس بالبعيد… ويبدو كالأمس القريب… تهجر ابناؤك على مضض من بأس احتلال مجرم يمعن في تنديس الأرض التي مشى عليها وباركها أنبياء العالم فقضى على مقومات وطن، غير أن وجودهم في كل أصقاع الأمة العربية بدا وكأن الوطن يعيد تجميع نفسه، والقدس جاذبيتها قلبت كل المعادلات، فنفضت انتفاضتك غبار الإنهاك وعاد لهيب القضية يلفح كل من يتوق للصلاة في الأقصى… فلسطين لك من الأحباب ما فاق بحبه كل شرور الماكرين… غير أن الذي تعود أن يتكالب عليك عاد الى وصفاته السوداء واستغل ضعف القرار العربي ووهن كل من أحبك ليوجه كل مكره الحاقد على أطفالك…
صفقة قرن، عار على جبين كل من شارك بنقطة حبر في صياغتها، صفقة تكالب على وطن عربي يصرخ وحيداً في صحراء الحرية المتمردة…
إن نسيك بعض من يتشدقون ويتبجحون بقضيتك يا فلسطين، خذي من تأوهات فجع الأمهات على الشهداء واضربي بكل قوة،اصنعي من صلب أوجاع التنكيل ا ل ص ه ي و ن ي بشعبك قوة ثورية تحرق كل من خانك وتواطأ عليك…
كم تعذبت يا فلسطين وكم من كوفية مسحت دماء أولادك عراة في مواجهة أعتى ظلم في التاريخ… لكنك لم تنحني ولن تنحي طالما الشمس تشرق وطالما هنالك من يتوق الى تقبيل أرضك والصلاة في مساجدك وكنائسك.
يا فلسطين كم من قرار أممي صدر عن مجالس أممية، كم من إدانة في مجلس الأمن وكم من استهجان ورفض وبيان استنكار في مجالس الأمة العربية… كانت تجمع على القضية المركزية لكنها باتت… غير جامعة للعرب… أقوال بدون أفعال… ذهب من كان يهز كيانها.
لم يعد يكفي التفرج على العدو الإسرائيلي الأرعن، الذي يتحين كل فرصة لقضم الأراضي… لقضم وتقويض الحرية العربية… والجامعة العربية… بيانات… فقط لا غير…
يا فلسطين يحاول العدو ا ل ص ه ي و ن ي بكل ما أوتي من كره وحقد أن يستغل الشرذمة العربية والخنوع العربي لسلطة المال والشهوات الإمساك بقرارات الدول ودفع أميركا التي يسيل الدم أينما وضعت أقدامها الى نسيان النضال وكل الشهداء بشطبة قلم…
لن تخطئ حجارة أطفالك العدو السقيم،ففي لبنان، يحاولون أن يجعلوا من المخيمات أوطاناً لكي يمنعوا ابنائك من العودة… ابناؤك هم اخوتنا وقاسينا معاً ما قاسيناه ولن نقبل أن يسترخص أحد بقضيتك التي دفعنا بنضالنا ودمائنا الثمن الغالي لكي نعيد تصويب البوصلة، لن تموت القضية ولن يتوقف النضال.
فلسطين… كم أنت غالية… أمس كنا نحارب ابنائك لكي نحافظ على وطننا ولكي نمنع التوطين، والآن سنحارب معك لكي تبقين الوطن والحضن لأبنائك، فمهما كان البلد لا يكون وطناً إن لم قلبك فيه…
فلسطين العروبة وكوفية القتال والنضال، الطريق طويل وشاق، وسيتخلى عنك من كان يخدع منذ البداية وربما ستتعرضين لهزائم في معارك لكنك ستنتصرين، لأنك بالأقصى وببيت لحم وبأنبيائك ستلفظين عن أرضك كل من استباح مقدساتك، والغد لناظره قريب.