من منكم… وطني أكثر منه… فليرجمه بأول حجر…

 

على مدى أكثر من ستين يوماً واكب الجيش اللبناني مفاعيل الثورة ووهجها الساطع الذي حرر الصوت الحقيقي للناس من قيوده، صوت الوجع من الفساد ورفض الخنوع له بعد الآن.
منذ بدء الثورة وفعاليات حراكها في كل الساحة والجيش كان صمام الأمان للمتظاهرين وخط الدفاع الأول عنها علماً منه بأن أي حدث بهذا الكبر يتربص له ألف متربص لاستغلاله وحرفه عن مجراه الحقيقي، فكان الجيش ببذته التي تجلب لنا الطمأنينة حاضراً بعدته وعديده لدرء الفتنة وحماية الناس.
في الآونة الأخيرة، ظهرت بعض الجماعات التي أبدت استياءها من تواجد الجيش الذي حرص دائماً على احترام الناس وحقها في التظاهر بوجه الغبن ولكنه حرص ايضاً على عدم قطع الطرقات نظراً للشلل الكبير الذي يحدثه ذلك في الأمور الحياتية والإجتماعية، فبدأ البعض بتوجيه اتهامات للجيش اللبناني بتقويض الثورة وانهاء مفاعيلها حماية للسلطة الحاكمة عبر حملة شعواء على معظم وسائل التواصل الإجتماعي، وعندها رأينا كيف بدأ استخدام المفرقعات ورشق الحجارة… وهذا عيب كبير.
إن الجيش اللبناني قد أثبت أنه الجيش الحكيم والواسع الرؤية، فكان يحافظ على الأمن والأمان دون تراخي عندما دعت الحاجة، ولكن في المقابل هو الذي تصدى للمندسين والفوضويين ايضاً الذين ارادوا بصريح العبارة الإشتباك والعراك مع أهل الحراك، وايضاً دون تراخي، فالجيش كي لا ننسى ليس حكماً بصافرة بل هو يمثل الأمن الشامل ويتحرك بما تقتضيه مصلحة الناس وأمنهم.
لماذا نتناسى دمعة العسكر خلال أيام الثورة، لماذا نتناسى الورود التي قدمناها له، لماذا نتناسى أن هذا الجيش هو الذي يسهر في الطرقات لحماية كل الناس ولدرء الفتنة والفوضى التي يريد البعض تعميمها لكي ينال فعلاً من وجه الثورة الحضاري التي تكلم العالم عنها وكل الإعلام العالمي… لماذا ننسى دائماً أنه حامي الإستقلال والمدافع الأول والأخير عن ال١٠٤٥٢ كلم٢ في سهره في أبرد الليالي وأصعب الظروف على مختلف الجبهات… نعم،الجيش يتقرص برداً لكي ننام نحن قريري العين، فهل نكافئه برشقه بالحجارة واطلاق التهم الجزاف بحقه… عندما يسقط الجيش، تكون قد سقطت آخر قلاع الأمن والأمان أمام الفوضى والتشرذم.
أليس هو هذا الجيش الذي ترتاح النفوس لتواجده، أليس هو هذا الجيش الذي تطمئن له الأمهات لحماية أولادهن، أليس هو هذا الجيش الذي قدم الشهادة برخص في نهر البارد وجرود عرسال فطالت لائحة ابطاله الذين استشهدوا دفاعاً عن لبنان؟
هذا جيشنا الوطني الباسل والمستبسل في وجه كل المخاطر، وهنالك عسكر لم يروا عائلاتهم منذ بدء الثورة، هذا الجيش الذي طاله الغبن في قرارات مالية اتخذتها السلطة الحاكمة في لحظة تخلٍ، وجعه من وجعنا، لكنه يرفض الخنوع ليبقي الأرزة مرفوعة دائماً، تقدم له الدولة فتاتاً بينما ينعم النواب والوزراء والمدراء العامون بأعلى الرواتب… اذهبوا اليهم وارشقوهم بالحجارة!
جيشنا اللبناني الوطني هو الذي رفع أرزة لبنان على القمم وهو الذي ألقى الزمن الذي نعيشه بثقله على اكتافه، فلنفهم للحظة أن الجيش ليس ضد أحد، هو على مسافة واحدة من الجميع، من الثائر ومن القابع في منزله، من قاطع الطريق احتجاجاً على ظروفه المعيشية الرديئة ومن الصامت الذي اختار السكوت علاجاً لقهره… هذا الجيش لن يتوانى عن حماية السلم الأهلي مهما كانت الظروف، فكفى دعوات غوغائية وهجمات إعلامية على جيش لبنان، فإن سقط سقطنا معه جميعاً وسقط البلد في دوامة الفوضى السوداء… ومن منكم أكثر وطنية منه، فليرجمه بأول حجر.
ميشال جبور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى