الدولار “ليس بخير” ونكسة جديدة لتصنيف لبنان الائتماني .. هل “طار” سيدر؟
على الرغم من كل المحاولات الجادة للخروج من مأزق “الدولار”، غير أنّ أزمة سعر الصرف ما زالت قائمة، وفي جديدها اعتقال القوى الأمنية لأكثر من 10 صرافين في البقاع، واعتراض نقابة الصرافين على هذه الخطوة وتهديدها بالإقفال.
إلى ذلك كان مصرف لبنان قد أصدر تعميماً لتخفيف وطأة الأزمة، غير أنّ هذا “التبريد” لم يفِ بالغرض، ما دفع نقابة اصحاب المحطات وموزعي المحروقات إلى التلويح بالاضراب المفتوح في حال لم تَبت الحكومة اللبنانية آلية بيع وشراء المحروقات بالليرة اللبنانية حصراً.
في السياق نفسه حذر رئيس اتحاد نقابات المخابز والأفران في لبنان كاظم إبراهيم، من أن أصحاب الأفران قد يتوقفون عن العمل قسريا وليس بإرادتهم، بفعل الأزمة التي يمر بها القطاع بسبب الوضع الاقتصادي في البلاد، لافتاً إلى أنّ الأفران تبيع الخبز ومشتقاته بالليرة اللبنانية، وتسدد ثمن المواد الأولية بالدولار الأميركي، وهي تتكبد خسائر كبيرة بسبب فقدان العملة الأميركية من الأسواق.
فيما أوردت “الجمهورية” أنّ مستوردي الأدوية رفعوا الصرخة أمس الجمعة أمام بعض المسؤولين عن عدم تَمكّنهم من توفير الدولار من المصارف، لتأمين استيراد هذه المادة التي تتصل مباشرة بحياة اللبنانيين، وعلى وجه الخصوص المرضى من بينهم.
هذه التطورات جميعها دفعت المعنيين للتحرك، وبعد اجتماعات عدّة استحصل قطاع المحروقات على آلية نقدية لاعتمادها في تسديد المستحقات بالليرة اللبنانية، بينما مازال قطاعا المخابز والأفران والدواء بانتظار “الفرج”.
إلى ذلك تتابعت المضامين السلبية لتقارير مؤسسات التصنيف الائتماني، حيث، أصدرت مؤسسة “موديز” تقريرها، مخفضة تصنيف لبنان الائتماني من b3 إلى caa1، وتأتي هذه الخطوة بعد اتخاذ وكالة “ستاندرد أند بورز” للتصنيف الائتماني قراراً بتأجيل مراجعة التصنيف، لستة أشهر، مبقية على B-، وبعد اتخاذ وكالة “فيتش”، في تقريرها الدوري قراراً بتخفيض تصنيف لبنان مرتبة واحدة، من B- إلى CCC.
فهل الدولار بخير؟ وما انعكاسات هذ التصنيف؟ وما مصير “سيدر”؟
في هذا السياق أشارت الصحافية المتخصصة بالشؤون الاقتصادية محاسن مرسل لموقع “لبنان 24″، إلى أنّ “تعميم مصرف لبنان الذي يحمل الرقم 1530، والمتعلق بأزمة الدولار، أشار بفتح اعتمادات مستندية بالدولار الأميركي لتجار القمح والنفط والأدوية، الأمر الذي أدّى إلى ارتياح السوق، على الرغم من الاعتراضات عليه”، مضيفة “بعد التعميم انخفض سعر الصرف إلى 1530 و 1540 ، فيما وصل في بعض محلات الصيرفة إلى 1560 و 1600 وهذا ما دفع جهاز أمن الدولة للتحرك وتوقيف بعض الصرافين بحجة التعدي على مكانة الدولة المالية”.
وأوضحت مرسل” أنّ أزمة الصرافين بدأت في 23 آب، ففي حينها تحرك مكتب مكافحة الجرائم المالية، بإشارة من النائب العام المالي، أما الآن فالذي يتحرك هو أمن الدولة وهذا ما دفع نقابة الصرافين للتلويح بالإضراب ولاحقاً توصلوا إلى اتفاق مع مدير عام رئاسة الجمهورية بأنّ اجتماعاً سيعقد بخصوصهم”، مشيرة إلى أنّ كل ما يطلبه الصرافون هو أن “يبقوا خاضعين لرقابة مصرف لبنان من خلال لجنة الرقابة على المصارف وهيئة التحقيق الخاصة بمصرف لبنان وألا يكون لديهم رقابة أمنية، وأن تكون العقوبات عليهم إنذارات أو شطب من لائحة الصيرفة، وليس توقيفات وحبس عبر جهاز أمن الدولة”.
هذا وشددت مرسل على “أننا لم ننته من أزمة الدولار، لا سيما وأننا دخلنا في مرحلة سعر الصرف الموازي، ففي سوق القطع هناك سعران للصرف، سعر الصرف الرسمي وسعر الصرف الخاضع للعرض والطلب حسب حاجة السوق الأساسية”.
وفي ما يتعلق بتخفيض “موديز”، لتصنيف لبنان الائتماني، أوضحت مرسل أنّ “التنصيف السيادي السلبي ينعكس على سندات اليورو باوند، وهي أدوات تبيعها الدولة في الأسواق العالمية كي تحصل على تمويل بالدولار، فعند ارتفاع المخاطر السيادية على لبنان بالتصنيف الائتماني، سوف تعمل الصناديق الاستثمارية التي تحمل سندات اليورو باوند على بيعها في السوق لتتخلص منها فتنخفض قيمتها. وهنا لدينا مشكلة ثانية وهي أنّ الدولة إذا أرادت أن تصدر سندات اليورو باوند، ستضطر إلى اصدارها على فوائد مرتفعة لتحفيز الناس لشرائها وهذا ما يزيد الأعباء على الدين العام وخدمة الدين العام”.
واعتبرت مرسل أن “السبب وراء التصنيف الائتماني الحالي، هو العجز الكبير في ميزان المدفوعات، وصعوبة التمويل الخارجي، بعد تدني التدفقات المالية نتيجة انخفاض الاستثمارات الخارجية المباشرة، وتحويلات المغتربين، بالإضافة إلى العجز في الموازنة، وتفاقم وارتفاع مستوى الدين العام بوتيرة متسارعة”، لافتة إلى أنّه “في هذا الإطار، تتعاطى الأسواق المالية العالمية من منطلق أن أي تصنيف ائتماني على المدى القريب، لن يكون له تأثير كبير”.
وفي ما يتعلق بالتطمينات المالية التي تؤكد عليها الدولة اللبنانية، أشارت مرسل إلى أنّ المشكلة ليس حكراً على القمح والدواء والنفط، فهناك مشكلة الاستيراد الآخر، والذي يحتاج لأكثر من 10 مليار دولار، وفي ظلّ صعوبة تأمينهم سيذهب التجار إلى السوق وبالتالي سيبقى التلاعب بسعر الدولار قائماً.
في ظلّ كل هذا هل خسر لبنان “سيدر”؟!
توضح مرسل في هذا السياق أنّ الدولة اللبنانية لم تقم حتى الآن بأي إجراء إصلاحي للحصول على أموال “سيدر”، مشككة بأنّ يتم إقرار موازنة 2020 في أوقاتها الدستورية، مضيفة “الدولة اللبنانية كيف عالجت التهرب الجمركي؟
أين الهيئة الناظمة للاتصالات” للكهرباء؟ أين مجلس إدارة كهرباء لبنان؟ حينما ننفذ الإصلاحات تأتي أموال “سيدر”، ولبنان اليوم يحتاج لتدفقات مالية خارجية بالدولار، لاستثمارات أجنبية مباشرة ولتخفيض العجز بالميزان التجاري”.