مَن يُخَوّن قائد الجيش؟
ليس تفصيلاً ولا بريئاً تسريب صورة تجمع قائد الجيش العماد جوزيف عون بالعميل عامر الياس الفاخوري… فإذا كان الأخير يجاهر بعمالته “على راس السطح” ولا يتنكّر لتاريخه المخزي في التعامل مع إسرائيل، فإنّ التاريخ يشهد للأول بالوطنية والشرف والتضحية والوفاء، بماضيه وحاضره، ليبقى “مستقبله” في دائرة الاستهداف على ما بدا جلياً في خلفية صورة التشويه للحقائق والتشويش على حظوظه الرئاسية. فمن تُرى المستفيد من المحاولة اليائسة لتخوين قائد الجيش عبر صورة كانت قد التقطت في حفل استقبال أقامته السفارة اللبنانية في الولايات المتحدة الأميركية على شرفه من ضمن عدة صور بادر المدعوون إلى التقاطها إلى جانبه ومن ضمنهم العميل الفاخوري الذي لا تجمعه “معرفة شخصية مع القائد” حسبما أوضحت قيادة الجيش أمس.
وإذ استغربت مصادر مواكبة لأبعاد هذا الحدث “عدم مساءلة الجهات المعنية في السفارة اللبنانية في واشنطن عن كيفية انضمام شخص معروف ومشهور، شكلاً ومضموناً، بعمالته إلى لائحة مدعويها”، أكدت المصادر لـ”نداء الوطن” أنّ تسريب الصورة واستخدامها في هذا التوقيت بالتزامن مع تفاعل الرأي العام مع قضية “جزّار الخيام” إنما يأتي بشكل مفضوح لا لبس فيه في إطار “مسلسل الاستهداف الممنهج الذي تشنه منذ فترة جهات سياسية على قائد المؤسسة العسكرية بهدف تقويض حظوظه في المعركة الرئاسية المقبلة”.
وعلى شريط الانعكاسات السياسية المتأتية عن قضية الفاخوري، استدراجاً وتوقيفاً، فإنّ المصادر رأت في ما حصل “ضربة قاضية لتفاهم مار مخايل” الموقّع بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، أنهت مفاعيله المتعلقة بجزئية العمل على عودة اللبنانيين من إسرائيل، وأوصدت تالياً أبواب المجلس النيابي أمام مشروع القانون الذي تقدم به تكتل “لبنان القوي” في هذا الصدد.
أما في ما خصّ موضوع العميد “إ. ي” الذي تم إخضاعه للتحقيق لمرافقته الفاخوري إلى مركز الأمن العام في المطار، فإنّ مصادر مطلعة على القضية كشفت لـ”نداء الوطن” أنّ هذا العميد رافقه بحكم الصلة التي تربط والدته بزوجة الفاخوري اللتين تتحدران من القرية نفسها. في وقت أكد بيان قيادة الجيش أنها تعمل على “معالجة هذا الموضوع بالأطر والطرق القانونية المناسبة”.
على صعيد منفصل، تتوالى فصول حملة العقوبات الأميركية على “حزب الله” تأكيداً على جدية واشنطن في سعيها إلى “خنق الحزب” مالياً واقتصادياً وتجفيف منابع تمويله. فغداة إشارة المبعوث الأميركي دايفيد شينكر من بيروت إلى اتجاه الإدارة الأميركية نحو إصدار لائحة عقوبات جديدة تطال حلفاء لـ”حزب الله” من دون التقيد بأي انتماء ديني للمستهدفين منهم، برز تشديد مساعد وزير الخزانة الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب مارشال بيللينغلسيا أمس على كون بلاده ستواصل الضغوط على “الحزب”، “لمحاصرته وتفكيك شبكات تمويله” مع تأكيده في الوقت عينه على ضرورة “معاقبة كل من يتعامل مع “حزب الله” الذي لا يوجد فصل فيه بين جناح عسكري وآخر سياسي” بالنسبة لواشنطن.
وفي الغضون، يستعد رئيس الحكومة سعد الحريري لاستعادة زمام المبادرة اللبنانية دولياً واقتصادياً عبر زيارته المرتقبة إلى العاصمة الفرنسية في 20 أيلول الجاري. وبينما ينكب فريق عمله على تحضير جدول أعمال الزيارة التي ستتوج بلقاء الرئيس إيمانويل ماكرون في الإليزيه، شددت مصادر مواكبة للزيارة على أهميتها وكشفت لـ”نداء الوطن” عن اجتماع “غاية في الأهمية” سيعقده الحريري في وزارة المال الفرنسية مع مدراء ورؤساء كبريات الشركات الفرنسية لشرح حيثيات الوضع اللبناني والإصلاحات التي باشرت الحكومة بها تمهيداً لحثهم على الاستثمار في لبنان.
وأوضحت المصادر أنّ الإدارة الفرنسية ساهمت بشكل إيجابي في تعبيد الطريق أمام عقد هذا الاجتماع بين رئيس الحكومة والشركات الفرنسية في مقر وزارة المال، تأكيداً على عزمها على تشجيع المستثمرين الفرنسيين على المضي قدماً في الاستثمار في لبنان، وما مشاركة “توتال” في الاستثمار النفطي وفي تأمين الغاز لمعامل الكهرباء سوى دليل واضح على جدية فرنسا في دعم لبنان، وذلك بالتوازي مع تشجيعها اللبنانيين أنفسهم على تنفيذ الإصلاحات باعتبارها المعبر الإلزامي لتأمين فرص الاستثمار. علماً أنّ الحريري سيتابع هذا الموضوع خلال لقاءات يعقدها مع المعنيين بمتابعة تنفيذ مقررات مؤتمر “سيدر” ومشاريعه وفق الآلية المتفق عليها مع الموفد الفرنسي بيار دوكان.
في مجال آخر، وفي وقت كانت فرنسا قد أعربت عن استيائها وانزعاجها من أداء وزير الدفاع اللبناني الياس بوصعب لناحية إقدامه على توقيع اتفاق شراء فرقاطات من إيطاليا وبأسعار مضاعفة عن الأسعار في فرنسا التي تساعد لبنان في شتى المجالات العسكرية والاقتصادية، من المفترض أن يعمل رئيس الحكومة خلال زيارته إلى باريس على امتصاص الاستياء الفرنسي، إذ وبحسب المعلومات المتوافرة فإنّ الحريري بادر إلى التحرك في هذا الاتجاه عبر إبلاغ الجانب الفرنسي بأنّ لبنان سيوقع عقوداً مماثلة مع الفرنسيين بمعزل عن الصفقة التي أبرمها بوصعب مع الإيطاليين.