شينكر ومعادلة النفط مقابل الأمن… ما علاقة اعتداء الضاحية بنفط لبنان الموعود؟
تتجه الإنظار إلى ما سيحمله المبعوث الأميركي الجديد دايفيد شينكر لبيروت، بصفته مكلّفا بمتابعة وساطة بلاده في ترسيم الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة خلفًا لدايفيد ساترفيلد. شينكر يستهل مهمّته في محطّتها الأولى من بيروت بلقاء المسؤولين اللبنانيين، ولهذه الغاية طلب مواعيد من الرؤساء الثلاثة، بحسب ما أكدّت لنا مصادر بعبدا وعين التينة، ومن شخصيات سياسية أخرى.
في الفترة الفاصلة عن انتهاء مهمّة سلفه حصلت تطورات، تمثلت بالإعتداء الإسرائيلي بطائرتي “الدرون” على ضاحية بيروت الجنوبية ورد “حزب الله” في مستوطنة أفيفيم الحدودية. فكيف ستنعكس هذه المستجدّات على الوساطة الأميركية ؟ وهل تشكّل سببًا لتفعيل الوساطة؟ وما علاقة النفط بما يحصل من رسائل عسكرية؟
الخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد ناجي ملاعب كشف عن دراسة هامّة بحوزته، كان قد أعدّها ضابط لبناني واعتُمدت من قبل وزارتي الدفاع والخارجية، تؤكّد أنّ لبنان لديه كامل الحقوق بمنطقة مساحتها 1350 كلم في مياهه الإقليمية وليس 850 فقط ، “وقد عمل فردريك هوف على منح لبنان 500 كلم من أصل كامل حصته البالغة 1350 ومنح إسرائيل 850 كلم، وهو ما عُرف بخط هوف. الأمر الذي رفضه لبنان، وأرسل رسالة في حينه إلى الأمم المتحدة متمسّكًا بحقوقه. وما حمله ساترفيلد في جولاته المكوكية هو أن تقوم شركة Noble Energy الأميركية بمهمة استخراج النفط، وتتولى توزيع الحصّة للفريقين”.
معادلة الأمن مقابل النفط
ملاعب وفي قراءة له عبر “لبنان 24” يعتبر أنّ الترابط وثيق بين الإعتداء على الضاحية وبين مسعى ترسيم الحدود، “ما قامت به إسرائيل هو استطلاع بالنار استبقت به مهمة شينكر. فحقل النفط الاسرائيلي الشمالي يحوي كميات كبيرة، ومنصّة استخراج النفط في هذا الحقل تبعد عن الشاطىء مسافة 130 كلم فقط، هذا البعد من الصعوبة حمايته أمنيًا بوجود أسلحة تصل إليه وتهدّده، ولذلك يخشى الإسرائيلي من استخراج نفطه هناك من دون استقرار أمني. من هنا يهم العدو تأمين بيئة آمنة لإستخراج النفط”.
في سياق ترابط محورية النفط مع مشهديات المنطقة، يعود ملاعب بالذاكرة إلى الإجتماع الأمني الذي حصل في تل أبيب قبل أشهر قليلة، وجمع مستشاري الأمن القومي الروسي الأميركي والإسرائيلي”وقد بدأنا نرى ترجمته الفعلية على الأرض، من خلال السماح لإسرائيل بتجاوز جغرافية سوريا في استهدافاتها العسكرية تحت مسمّى “أمنها القومي”، فوجّهت ضرباتها باتجاه العراق ولبنان. اليوم نتنياهو يطلب إجتماعًا مماثلًا على المستوى الأمن القومي. فهل يريد الإسرائيلي غطاءً لعمليات أكبر؟ أم يضع شروطًا على الآخرين في معرض أمن استخراج النفط ؟”
اسرائيل تحضّر لعمل عسكري
تعمل اسرائيل وفق آلة إعلامية على تقديم نفسها للرأي العام بمعرض المدافع عن نفسه “فعندما أًقفل الأفق السياسي لجأت إلى العمل العسكري الميداني. ولن يكون هناك عمل عسكري ضخم قبل الإنتخابات وتأليف حكومة اسرائيلية، ولكن اسرائيل تمهّد لعمل عسكري، وعندما أعلنت عملية درع الشمال كشفت عن وجود أنفاق فحقّقت هالة إعلامية دولية، ولعبت دور المدافع عن نفسه، وبالتالي اسرائيل تعمل منذ سنة على تحضير الرأي العام الدولي لإكساب مشروعية لأيّ عمل عسكري تقوم به. وهذا ما قام به نتنياهو في الأمم المتحدة عندما عرض خريطة زعم خلالها وجود مصانع للأسلحة في لبنان وقرب مطار بيروت. واسرائيل تتعمد اكتساب مشروعية لعمل عدواني جديد “.
الأميركي جدّي في وساطته، ووفق قراءة ملاعب شكّل هذا الملف محورًا أساسيًا في زيارة الحريري لواشنطن وما رافقها من حفاوة ومستوى لقاءات، “بحيث طلب الأميركيون إقفال موضوع الحدود، واقترحوا تغيير القرار 1701 من خلال استبدال وقف الأعمال العدائية بوقف إطلاق النار. كأن يجتمع في الناقورة برعاية الأمم المتحدة ضباط من الفريقين ليطوروا المفهوم الى وقف اطلاق النار، وعندها يكون لبنان قد وقّع مع اسرائيل اتفاقًا لوقف اطلاق النار، فينتفي المبرر ليمتلك أسلحة وصواريخ”.
سياسة أنابيب النفط ستكون محور المعادلة القائمة في المنطقة، حولها تُخاض الحروب والنزاعات، ولإجلها ترسم الدول الكبرى حدود نفوذها. وفي هذا السياق لفت ملاعب إلى انفراد مصر بمنشآت تسييل الغاز في المنطقة من خلال معملين بكلفة 11 مليار دولار، وقد أقامت مصر كونسورتيوم بقيادتها ضم دول اليونان وايطاليا وقبرص والأردن وغزة وتل أبيب، بما يمكّنها من استيراد الغاز من دول المنطقة وتسييله وإعادة تصديره إلى أوروبا.
روسيا دخلت على خط الغاز بدورها “فبعد زيارة ساترفيلد حضر وفد روسي إلى لبنان، لا للحديث عن عودة النازحين السوريين كما أعتقد كثيرون، بل لأجل الترسيم البحري في الشمال. فعندما عرف الروسي أن الأميركي يتولى غاز جنوب لبنان، حضر ليتولى غاز شمال لبنان عبر التدخل مع سوريا”.
بالخلاصة يرى ملاعب أنّ مهمة الوسيط الأميركي مرتبطة بما حصل في الضاحية وبما يمكن أن يحصل مستقبلًا، والعنوان دائما هو النفط والغاز.
إذن في كلّ ما يحصل في المنطقة فتشوا عن النفط والغاز، فنحن أمام معادلة الأمن مقابل النفط، وفي الطريق نحو تثبيتها سيبقى لبنان متمسّكًا بحقوقه بموقف رسمي جامع. والمفاوضات لن تكون سهلة بمواجهة عدو اقترن وجوده بسجّالات حافلة من الإجرام والأطماع وسلب الحقوق.
المصدر : لبنان 24 – نوال الاشقر