الصحافيون إلى الشارع… قبل الانهيار الكامل

من اعتصام نقابة المحررين أمس (مروان بوحيدر)
لا تنتهي «أفواج» الصحافيين المصروفين من مؤسساتهم. في أحدث تلك الجولات، وليس آخرها، المصروفون من «مؤسسات» المستقبل الإعلامية. بعدهم، سيُصرف آخرون من مؤسسات ستتذرّع بالأزمة الاقتصادية والمالية، علماً أنه في كثير من الحالات تبيّن أن الأسباب الحقيقية «غير تلك المعلَن عنها»، على ما يقول نقيب المحررين جوزف القصيفي.
لتفادي ذلك المصير، ولأسباب أخرى تسهم في انهيار الجسم الصحافي، اعتصم الصحافيون في ساحة الشهداء أمس بدعوة من نقابة المحررين، وفي جعبتهم مطلبان أساسيان: أولهما مواجهة الإهمال الرسمي لقطاع الصحافة والإعلام واللامبالاة حيال تجريد المئات من الصحافيين من وظائفهم، وثانيهما «رصّ الصف» لاستعادة الحقوق والمكتسبات من خلال صياغة قانون «عصري» للصحافة يستجيب للتحديات الراهنة. اعتصام أمس كان لجسّ النبض و«فحص» رغبة الصحافيين في النزول إلى الشارع للمطالبة بحقوقهم، واستباق مصير الصرف الذي طال المئات حتى هذا اليوم. ولئن كان ما جرى أمس في الساحة التي عُلّق فيها قبل 100 عام صحافيون على المشانق، قد «شفى الغليل»، بحسب القصيفي وبعض أعضاء النقابة، إلا أنه كان حضوراً عادياً، في أحسن الحالات، وكاد يقتصر على «الرعيل الأول»، في غياب واضح للوجوه الشابة.
هي مسألة «وجود»، يقول العضو في النقابة واصف عواضة الذي بدأ كلمته بتصويب الالتباس، مؤكداً أن الاعتصام «ليس موجّهاً ضد وسائل الإعلام، وإنما هو من أجل دعم القطاع الإعلامي والصحافي ولتبقى الصحافة وتستمر». ما يحدث اليوم، «أننا وصلنا إلى مرحلة تكاد كلّ وسائل الإعلام تنهار، ما يعني حتماً انهيار الجسم الصحفي». من هنا، كان اعتصام أمس أول جرس إنذار تطلقه النقابة لتجنّب الانهيار الكامل، وقد تليه تحركات أخرى. استعرض الصحافيون خلال هذا التحرك الحلول التي يمكن أن تحول دون الوصول إلى الهاوية، وهي مطالب تبدأ بوضع قانون عصري للصحافة والإعلام، ولا تنتهي بالطلب من مجلس القضاء الأعلى حثّ محاكم العمل على الإسراع في بتّ الدعاوى التي يرفعها الصحافيون والإعلاميون المصروفون من أجل تحصيل حقوقهم، واستحداث صندوقي تعاضد وتقاعد للصحافيين والإعلاميين يموّلان من خزينة الدولة.
في الشق الأول من المطالب، قد يكون من المفيد التذكير بأن مشروع القانون «العصري» أمضى تسع سنوات كاملة في لجنة الإعلام والاتصالات النيابية قبل أن يصل إلى لجنة الإدارة والعدل. أضف إلى ذلك مئات الدعاوى العالقة في مجالس العمل التحكيمية والتي يئس المدّعون من متابعتها. لكن، أين دور نقابة المحررين في حماية «جسمها الصحفي»؟ يتساءل العاملون في القطاع والمعتصمون، في آن، من أجل استمراريتهم، فيما يجيب القصيفي بإعلان «عجز» النقابة وحدها عن «مواجهة هذا الكمّ الهائل من الأعباء في ظلّ العدد المحدود المنتسب إليها والإمكانات المتواضعة». من هنا، تسعى النقابة لتوسيع قاعدة الانتساب للنقابة على المستويات كافة، لكي تصبح مطالبة الدولة بتحمّل مسؤولياتها «أجدى».
لكنها، ليست مسؤولية محصورة فقط بالدولة، وإنما هي «مسؤولية الجميع»، بحسب مدير عام وزارة الإعلام حسان فلحا الذي لم يعفِ أحداً من مسؤولية وصول القطاع إلى هنا، بما فيهم نقابة المحررين. المطلوب، هو «العمل الجماعي والتضامن من أجل الوصول إلى نصوص تحفظ حقّ الإعلاميين»، خصوصاً أن الأزمة اليوم ليست أزمة إعلام ورقي ولا إعلام إلكتروني، وإنما «أزمة وجود وكيان».

الاخبار – راجانا حميه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!