الشابة هيلين ضحيّة سمّاعات الأذن
لم يتسنَّ لهيلين (18 سنة) التي فرحت قبل أيام بنجاحها في شهادة الثانوية العامة، أن تكمل مسيرتها على الارض وتحقق طموحها، وبحسب ما قاله أخوها غير الشقيق سامر مهدي لـ”النهار”: “أرادت هيلين أن تقوّي نفسها في مادة دراسية تحضيراً لامتحانات دخول إحدى الجامعات في لبنان، لذلك كانت تتوجه بشكل يومي إلى البلدة المجاورة، ولكي تختصر المسافة كانت تجتاز سكة القطار التي تفصل بين البلدتين مشياً على الأقدام كما يفعل جميع السكان، لكن عند الساعة الرابعة من يوم الاثنين الماضي كانت الكارثة بانتظارها، حيث كانت كعادتها تضع سماعات الأذن التي حالت دون سماعها لصافرات القطار، كما أن سائقه لم يوقفه للحؤول دون صدمها”، وأضاف “الضربة أتت على جانب رأسها من الخلف قبل أن يقذفها على بعد أمتار، لتنقل بعدها إلى مستشفى تشرين جسداً بلا روح”.
رحيل مبكر وعلامة استفهام
وكأن هيلين لم تتحمل فراق والدها ابن حارة صيدا الذي توفي قبل شهرين في سوريا بسبب جلطة، ولفت سامر إلى أن “هيلين اختي غير الشقيقة من زوجة والدي، ولدت وترعرعت في سوريا، إلا أن علاقتي وأشقائي بها كانت ممتازة، كنا على تواصل دائم معها، كما كنت أجهّز أوراقها لكي تحضر إلى لبنان وتكمل دراستها، إلا أن القدر شاء أن ينتهي كل شيء في لحظة، وأن ترحل باكراً عنا، وأن نخسر الشابة الخلوقة قبل أن يجفّ دمعنا على فراق والدي”، وأضاف “كان بإمكان سائق القطار إيقافه قبل أن يصدمها حيث كانت تمشي وظهرها له، إلا أنه اكتفى بإطلاق الصافرات، وخلال التحقيق قيل إنّ السير على سكة الحديد مخالف للقانون، لكن هل من المنطق أن تزهق روح إنسان لمجرد أنه خالف القانون؟!”.
محاولات باءت بالفشل
القطار كان متوجهاً من اللاذقية إلى طرطوس في رحلة العودة، وبحسب حديث صحفي لمدير فرع المؤسسة العامة للسكك الحديد في اللاذقية عدنان بيطار لأحد المواقع الإلكترونية، أن “السائق حاول بكل الوسائل تفادي الحادث، استخدم صافرة القطار مع اللجام القسري، حتى أنه أخرج جسده وبدأ بالصراخ، من دون جدوى، لم تسمعه ولم تسمع حتى صوت القطار”، مشيراً الى أن” القطار غير قادر على التوقف مباشرة، وأن التوقف القسري في حالات الطوارئ يستلزم قطع مسافة نحو 150 إلى 200 متر حتى يتوقف، وهذا متعلق بالكتلة التي يجرها”.
في حين قال سامر “أنا قصدت المكان الذي أطبقت فيه هيلين عينيها للأبد لأرى بأمّ العين فيما إن كان بإمكان سائق القطار أن يتجنب دهسها، وتأكدت من ذلك حيث كان باستطاعته إيقافه قبل الوصول إليها، لكن للأسف لم يفعل ذلك”، ولفت الى أن” والدتها في وضع يرثى له، كلما سمعت صافرات القطار الذي يبعد أمتاراً عن منزلها تسارع إليه، ربما لأنها تتمنى أن تعيد عقارب الساعة الى الوراء وتنقذ ابنتها أو لأنه بالنسبة لها بات صوت الموت الذي خطف فلذة كبدها”.
“أنا يا أبي منذ أن فقدتك لم أزل أحيا على مرّ الزمان بمأتمِ…”، عبارة كتبتها هيلين على صفحتها في موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” قبل أن تسرع الرحيل إلى جواره، حيث ووريت في الثرى يوم الثلاثاء الماضي في سوريا وسط حزن عمّ كل سكان بلدتها.
أسرار شبارو – النها