رحيل الكاتب والمخرج المسرحي زياد أبو عبسي الشيوعي: رحيله خسارة لكل من يحمل فكرا تقدميا حر
والفنان الراحل، ولد في مدينة صيدا في العام 1956، لعائلة من بلدة راشيا الفخار في قضاء حاصبيا. بدأ مسيرته الفنية في العام 1977، بعد لقائه بالفنان زياد الرحباني، فتعاون معه، ولعب أدوارا مهمة في أربع من مسرحياته، هي: “بالنسبة لبكرا شو”، “شي فاشل”، “بخصوص الكرامة والشعب العنيد” و”لولا فسحة الأمل”، وأشتهر بدور “أبو الزلف” في المسرحية الثانية. كما كانت له تجارب مسرحية مع المسرحي الراحل يعقوب الشدراوي وربيع مروة وفيصل فرحات، وأخرى تلفزيونية مع المخرج رفيق حجار، وقدم في العام 1991 مسرحية “رجع نعيم راح” من تأليفه وإخراجه، كما شارك في أفلام سينمائية منها فيلم “هلق لوين” للمخرجة نادين لبكي.
درس أبو عبسي الفلسفة والمسرح، في جامعة هيوستن في الولايات المتحدة الأميركية، وبعد عودته إلى بيروت، باشر التدريس المسرحي في الجامعة الأميركية، وقدم على مسرحها عددا من مسرحيات شكسبير، كما عمل فترة، مديرا للبرامج الإذاعية في إذاعة “صوت الشعب”، وكتب في عدد من الصحف اللبنانية.
الشيوعي
وقد نعت اللجنة الثقافية- الفنية في “الحزب الشيوعي اللبناني”، الفنان والمسرحي الراحل في بيان، جاء فيه: “برحيل الكاتب والمخرج المسرحي زياد أبو عبسي، تخسر الحركة المسرحية قامة كبيرة، واسما لامعا فيها، حيث كان للراحل مساهمات في عدد وافر من الأعمال المسرحية، كتابة وإخراجا وتمثيلا. كما أن رحيله يشكل أيضا، خسارة للوسط الأكاديمي، كون الراحل كان مثقفا بارزا، دأب على ممارسة التعليم المسرحي في عدة جامعات ومعاهد في السنوات الماضية.
شغفه بالمسرح دفعه للتخصص في أعمال شكسبير، وهو المولع به منذ أن كان صغيرا. زياد أبو عبسي، الذي عرفه اللبنانيون من خلال شخصيتي “إدوار” الخائف من الآخر في مسرحية ” فيلم أميركي طويل” و”أبو الزلف” المنتفض على المفاهيم البالية، وعلى المذهبية والانتهازية في مسرحية “شي فاشل” للفنان زياد الرحباني، استطاع من خلال هذين الدورين بالتحديد، إبراز مواهبه الاستثنائية في التمثيل، فدخل إلى ذاكرة الناس وقلوبهم وترسخ في لاوعيهم.
وبعد سنوات من انقطاعه عن العمل المسرحي، عاد وقدم مسرحية “بيت الدمية” للكاتب هنريك أبسن في العام 2015، وكان هذا العمل المسرحي الأخير له.
وإلى جانب أعماله المسرحية، كتب الراحل العديد من المقالات، حول مواضيع فلسفية وسياسية واجتماعية، وكان لمجلة “النداء” فخرا كبيرا، بنشر مقالات الراحل على صفحاتها، وقال في إحداها “لا يأتي التغيير من دون جهد، لذلك فإن الإنسان الذي يجهد في العمل على التغيير، هو إنسان مناضل. وهنا أصر على أن التغيير شرط للنضال، ولا أعني إطلاقا أن التكيف مع الظروف هو نضال. إن نظرت إلى نفسك ترى أنك مناضل باستمرار، ما يحبط المرء هو عدم وضوح الرؤية، أو عدم وجود الحيلة، ولهذا فإن المعرفة أمر يجعل الحياة سعيدة” (النداء، شباط 2016).
فقرة كتبها الراحل في مقال له في مجلة النداء، تعبر أفضل تعبير عن قناعته الثابتة، بضرورة النضال الدؤوب والمستمر، لتحسين الأمور ودفعها للامام، متخطين كل العوائق والحواجز التي قد تعترضنا.
كما قدم أبو عبسي برامج عديدة عبر أثير إذاعة “صوت الشعب”، مشاركا الفنان زياد الرحباني في عدة برامج، ومقدما برامجه الخاصة أيضا، حيث عمل في قسم البرامج لسنوات درب خلالها العديد من الإذاعيين والمقدمين.
عكست أعمال أبو عبسي المسرحية والإذاعية والشعرية التزاما بمبادئ الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، فكان منشغلا بمقارعة طمع الإنسان وعدوانيته وجنوحه نحو الخداع والشر.
إن اللجنة الثقافية- الفنية في الحزب الشيوعي اللبناني، تعتبر أن رحيل زياد أبو عبسي ليس خسارة لأهله ومحبيه فقط، بل خسارة لكل من يحمل فكرا تقدميا حرا.
وأخيرا، تتقدم اللجنة بأحر التعازي لأهل الفقيد ومحبيه وطلابه. رحل أبو عبسي وترك صفحات مشرفة ومشرقة على جدار الزمن”.