الحكم في قضية القضاة الأربعة في 4 تشرين الأول: جهات رسمية أخفت معلومات.. وأوجه شبه بينها وبين إغتيال الحريري

حددت هيئة المجلس العدلي جلسة في 4/10/2019 لصدور الحكم في جريمة إغتيال القضاة الأربعة على قوس محكمة الجنايات في قصر العدل القديم في صيدا في حزيران من عام 1999.
جريمة إغتيال القضاة: حسن عثمان، عاصم بوضاهر، عماد شهاب، وليد هرموش كانت الجريمة الإرهابية الأبرز التي نفذتها مجموعة إرهابية مسلحة ترتدي اللبوس الإسلامي، وهي “أخطر جريمة عرفها لبنان في توقيتها ودلالاتها”، سبقت إغتيال الرئيس رفيق الحريري بعد نحو ست سنوات تخللها سلسلة عمليات أمنية منظمة لمجموعات إرهابية تنقلت بين بيروت والرياض وغيرها من العواصم العربية.
أوجه شبه عديدة بين إغتيال القضاة الأربعة وإغتيال الرئيس الحريري يمكن إيجازها بالتالي:
1- التطرف لدى مجموعات إسلامية وسعيها لفرض سيطرتها أو زعزعة الإستقرار العام في البلاد، وسط تنام ملحوظ للمجموعات الإسلامية المعارضة للأنظمة العربية القائمة، ومنها النظامان السعودي والسوري.
2- صفة الضحايا (رسميون ) وهويتهم المذهبية (الأغلبية منهم).
3- القصد الجنائي، فالجريمة حصلت في توقيت كان بعض الجهات العالمية يعمل لإثارة الفتنة الإسلامية بين المذهبين السني والشيعي، كمقدمة لتقسيم العالم العربي والإسلامي تمهيدا لإضعاف هذا الأنظمة ،وبالتالي التمكن من فرض حلول مذلة للصراع العربي – الإسرائيلي وتجاوز القرارات الدولية ذات الصلة وهذا ما يحصل الآن.
4- أما نمط الهجمات، فهو لا شك مختلف بالشكل، غير أن العالم بقدرات المجموعة التي نفذت جريمة اغتيال القضاة الأربعة والجهات الإقليمية الداعمة لها وشقيقاتها وفروعها المنتشرة تحت مسميات مختلفة، يدرك أنها قادرة على تنفيذ عمليات منظمة وبتقنيات مختلفة، لأن المواد المتفجرة وانواع الأسلحة، كما ونوعا، متوفرة  في مخيم عين الحلوة وغيرها من المخيمات والمناطق اللبنانية.
ماذا في وقائع جلسة المجلس العدلي: “إلتأمت الهيئة، في قاعة المحاكمة بمحكمة التمييز في قصرعدل بيروت برئاسة القاضي جان فهد وعضوية القضاة المستشارين: جوزف سماحة، ميشال طرزي، جمال الحجار وعفيف الحكيم، وفي حضور ممثلة النيابة العامة التمييزية القاضية ميرنا كلاس.

كما حضر أفراد عائلات القضاة الشهداء وحشد من محامي صيدا والجنوب في لفتة تضامنية مع عائلات القضاة.

ومثل مخفورا من دون قيد المتهم الفلسطيني وسام طحيبش، في حضور وكيله المحامي ناجي ياغي، فيما حضر عن جهة الادعاء كل من المحامي ياسر عاصي بوكالته عن بهيجة الصلح أرملة القاضي الشهيد حسن عثمان، المحاميان منيف حمدان وبلال بو ضاهر بوكالتهما عن سوزان قبرصلي أرملة القاضي الشهيد عاصم بو ضاهر. كما حضر حمدان بوكالته أيضا عن غادة جنبلاط أرملة القاضي الشهيد وليد هرموش، التي حضرت بدورها أصالة عن نفسها. أما عن الدولة اللبنانية المتمثلة بهيئة القضايا في وزارة العدل فقد حضر المحامي مصطفى قبلان.

ونودي على الشاهد ناصر أبو صيام فتبين أنه سافر الى الأردن، وقد طلبت ممثلة النيابة العامة القاضية كلاس صرف النظر عن الاستماع الى إفادته، فتقرر وضع الإفادة التي قدمها أمام فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بتاريخ 12/6/2007 قيد المناقشة العلنية.

وكانت أولى المرافعات لممثل الدولة اللبنانية المحامي قبلان، الذي
تحدث عن “جريمة منظمة خطط لها الإرهابيون الذين أقدموا على تأليف جمعية حاقدة برئاسة العقل المدبر أمير عصبة الأنصار أحمد عبد الكريم السعدي الملقب ب”أبو محجن”، وكان هدفها الأعتداء على أمن الدولة وزعزعة كيانها والنيل من هيبة قضائها”.

وطلب قبلان في ختام مرافعته الإعدام للمتهمين جميعا، وطالب بتعويض عطل وضرر رمزي قدره ألف ليرة. ثم أبرز مذكرة خطية بمثابة مرافعة شفهية.

في المرافعة الثانية، تحدث المحامي بو ضاهر، فأشار الى أن “الانتظار طال نحو عشرين عاما لإماطة اللثام عن جريمة منظمة قامت بها مجموعة إرهابية فأعدمت رميا بالرصاص هيئة محكمة كاملة في أكبر تحد لهيبة القضاء والدولة”.

وتساءل: لماذا تعمد القيمون على هذا الملف إخفاء التحقيقات؟ وهل من قرار سياسي بإقفاله؟

واستعرض بالتفصيل وقائع الجريمة ودور كل من شارك فيها، مقدما الأدلة والنصوص المرعية الإجراء، طالبا “إدانة المتهمين بما أسند اليهم في القرار الإتهامي وبتعويض رمزي كعطل وضرر قدره ألف ليرة لبنانية”.

ثم ترافع المحامي حمدان، فتحدث عن “أخطر جريمة عرفها لبنان في توقيتها ودلالاتها، إذ أنها حصلت بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من الجنوب وفي غمرة احتفالات اللبنانيين وفرحهم العارم بهذا الإنسحاب”.

وقسم المتهمين الى 3 أفرقاء تطالهم قرائن عدة، مشيرا إلى أن “الموقوف الوحيد في هذه الجريمة المتهم وسام طحيبش كان شريكا فاعلا في عملية القتل.

وطلب في ختام مرافعته “تجريم المتهمين وإدانتهم بما هو مسنود اليهم في القرار الإتهامي وإنزال العقاب العادل بهم، إضافة الى تعويض رمزي للضرر المادي والمعنوي اللاحق بعائلات القضاة الشهداء قدره ألف ليرة لبنانية”.

وترافعت المحامية جنبلاط فثبتت مضمون مرافعة المحامي حمدان والمطالب التي خلص اليها.

ثم كانت مرافعة المحامي سالم سليم، الذي أصيب خلال تواجده في قصر عدل صيدا بإصابات بليغة.
واعتبر أن “هذه الجريمة مست العدالة في العمق”، مطالبا ب”إحقاق الحق”، متبنيا “مرافعة المحاميين حمدان وعاصي وبعطل وضرر قدره مليار ليرة لبنانية يعود ريعه لدعم مكتب مكافحة قضايا الإرهاب”.

بعدها، ترافعت القاضية كلاس ممثلة النيابة العامة، فأشارت الى أن “القضاة هم أولياء الدم في هذه الجريمة النكراء، وهم حراس العدالة الذين وقعوا ضحية مؤامرة إرهابية نالت من هيبة القضاء، وهي جريمة لا يمكن أن تكون وليدة ساعتها، فقد نفذت بدم بارد في وضح النهار من دون أقنعة وآثار تذكر، ما يدل على دقة التخطيط والتنفيذ”، وقالت: “إن هذه المجزرة لم يعرف لها لبنان ولا العالم مثيلا، فهي لم تستهدف القضاة الأربعة فقط، إنما القضاء كله، ولا صيدا فقط إنما لبنان كله. ومن يطلق النار على من يحكم باسم الشعب فهو يطلق النار على الشعب”.

ولخصت كلاس في مرافعتها كيفية حصول الجريمة والتقارير الأمنية عن الظروف المحيطة بها ونتيجة الكشف على مسرح الجريمة، إضافة الى الأعمال التمهيدية للجريمة وأعمال المراقبة والرصد وإفادات الشهود بالتفصيل وإفادة المدعى عليه وسام طحيبش والأدلة والقرار الاتهامي.

وطلبت “تثبيت مواد الإتهام”، مبينة “ما تعانيه قصور العدل في لبنان من هشاشة في الأمن وتصدع في الأبنية وفقر في المعدات”.

كما بينت “كيف أن القضاء يحارب بجرأته وأقلامه وبدمه الطاهر وأن استقلالية القضاء ليست منة من أحد، وهي لا تعطى بل تؤخذ وتستحق.

آخر المرافعات كانت لوكيل المتهم وسام طحيبش المحامي ياغي، الذي أشار الى أنه توكل عنه منذ 13 عاما، وأنه سبق أن اتصل بالقوى الأمنية وقام بتسليم نفسه بغية الإدلاء بما لديه من معلومات في الجرائم المنسوبة اليه بغية إثبات براءته منها، وأنه ظل لمدة 11 عاما يحضر في هذا الملف بصفة شاهد الى أن تم توقيفه من قبل المحقق العدلي.

وأشار ياغي إلى أن “ذنب موكله أنه متزوج من إبنة رئيس عصبة الأنصار، وهو غير منتم الى هذه المجموعة. وفي كل إفاداته، أنكر علاقته بجريمة اغتيال القضاة الأربعة.
وطلب ياغي في ختام المرافعة “البراءة لموكله من جناية القتل ومحاولة القتل والجنايات والجنح الأخرى المساقة ضده في الملف.

كما طلب على سبيل الإستطراد “إفادة موكله من الملاحقة”، مبرزا خلاصة حكمين صادرين عن المحكمة العسكرية وقرار إدغام صادرا عن المحكمة نفسها.

وفي نهاية الجلسة، كرر الأفرقاء كافة وممثلة النيابة العامة أقوالهم، وسألت الهيئة المتهم عما يطلبه، فطلب البراءة لأنه مظلوم، فاختتمت المحاكمة لإفهام الحكم في جلسة حددت في 4 تشرين الأول المقبل.

حكمت عبيد – خاص الحوار نيوز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!