صفقة القرن تحطّ رحالها في لبنان.. مبعوثون دوليون وبازار التوطين
في تشرين الثاني عام 2012 ترأس لبنان اللجنة الإستشارية لمنظمة الأونروا الدولية، وعلى هامش اللقاءات التي عُقدت في البحر الميت دعت الولايات المتحدة الأميركية لعقد لقاء ثنائي مع لبنان، ليرأس الوفد الأميركي مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون اللاجئين آن ريتشارد، أما من الجانب اللبناني فترأس الوفد رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني حينها خلدون الشريف.
لم يكن مسمى صفقة القرن حينها ناضجاً، لكن الأميركيين كانوا بدأوا يطرحون مسألة توطين الفلسطينيين في لبنان، ما إستدعى من الشريف اللجوء إلى الدستور ومقدمته للتأكيد على رفض كل اللبنانيين التوطين، عاد الشريف إلى بيروت بجملة مقترحات تقدم بها إلى رئيس الحكومة حينها نجيب ميقاتي الذي رفض مسألة التوطين بشدة، وشجع الشريف على البدء بحوار لبناني – لبناني سياسي عالي المستوى، ثم لبناني – فلسطيني، ثم تحشيد رأي عام دولي مؤيد لرفض لبنان توطين الفلسطينيين فيه.
اليوم، وبعد نحو 7 سنوات، وبعد دخول مصطلح صفقة القرن إلى معجم السياسة الدولية، يبدو أن فكرة توطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان عادت إلى التداول بشدة في الأروقة الرسمية والامنية والديبلوماسية، بل تخطى النقاش فيها العموميات ليصبح نقاشاً تفصيلياً آنياً، كما تؤكد مصادر شديدة الإطلاع.
ووفق المصادر فإن كل ما يحصل في المنطقة من ضغوط على إيران وسوريا، يهدف بشكل أساس إلى منع طهران من عرقلة إتمام صفقة القرن في أسوء الأحوال، وفي أحسنها أخذ التوقيع الإيراني، إذ إن المشروع الأميركي الأساسي للمنطقة حالياً هو تنفيذ صفقة القرن.
وترى المصادر إلى أن واشنطن نفذت بعض بنود صفقة القرن أحادياً عبر الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وبالإعتراف بسيادة الأخيرة على الجولان المحتل، وإتفقت مع بعض الدول على نقاط أساسية تُنفذ فور قبول القيادات الفلسطينية بالصفقة.
وتشير المصادر إلى أن التوقيع الفلسطيني يعتبر أهم النقاط المعرقلة لإتمام صفقة القرن، كذلك قبول دول اللجوء بتوطين الفلسطينيين.
من هنا، ووفق المصادر، فإن وفوداً ديبلوماسية وعسكرية رفيعة المستوى اميركية و بريطانية بدأت قبل أسابيع زيارات مكثفة إلى لبنان، وحصلت لقاءات مع الرؤساء الثلاثة ومع وزير الخارجية ومدير الأمن العام، بهدف الحديث بشكل مباشر وتفصيلي عن التوطين.
ولفتت المصادر إلى أن الطرح الغربي يتحدث عن توطين نحو مئة ألف فلسطيني في لبنان، مقابل إعادة جزء بسيط إلى منطقة غزّة، وقسم آخر إلى الدول العربية وقسم ثالث الى بعض الدول الغربية.
وتؤكد المصادر بأن الموفدين الغربيين يتحدثون بشكل صريح عن عدم إمكانية لبنانالوقوف في وجه صفقة القرن، ولا مجال للفلسطينيين في الداخل بإحداث حراك معارض لتوطينهم ولعل مؤشر ذلك هو ردّة الفعل الفلسطينية الضعيفة في لبنان على تخفيض تقديمات الاونروا…
وتقول المصادر أن الذي يُطرح على المسؤولين اللبنانيين مقابل التوطين هو إنهاء خطر الإنهيار الإقتصادي في لبنان، وحل جزء من الأزمة المالية.
وتعتبر المصادر أن المطلوب من لبنان بشكل أساسي في المرحلة الحالية هو التوطين، وليس حلّ مسألة سلاح “حزب الله” ولا إنهاء تواجده في سوريا، وعلى هذا الأساس يحصل البازار السياسي – الإقتصادي بين المبعوثين البريطانيين والأميركيين وبين الرسميين اللبنانيين، حجر الزاوية في هذا الأمر هو موقف “حزب الله” الذي تعول عليه القوى المعارضة للتوطين خاصة أن الموقف الرسمي الفلسطيني لا يمانع من بقاء اللاجئين حيث هم.
وبالرغم من المعارضة الشديدة للقوى السياسية المسيحية للتوطين، غير أن قدراتهم على منع هذا الأمر، ضعيف من دون تأييد “حزب الله” العملاني.