طروحات روسية مفاجئة في سوريا: منح السنّة الثلثين في مفاصل الدولة والثلث للعلويين والأقليات
حذرت أوساط دبلوماسية في بيروت من مغبة الافراط بالتفاؤل في امكانية تحريك المبادرة الروسية لاعادة النازحين السوريين، فاضافة الى العراقيل المتصلة بالموارد المالية والضغوط الاميركية على الامم المتحدة لمنع تمويل اي اقتراح لاعادة هؤلاء قبيل ما يسمونه “الحل السياسي”، لا تزال عوائق سياسية كبيرة تترك تأثيراتها بقوة على “الزخم” الروسي لتحريك المبادرة والمباشرة في تنفيذها على نحو فاعل وعملي على الارض.
ما هي اسباب الخلاف..؟
ووفقا لتلك الاوساط، فان الخلاف بين موسكو وكل من دمشق وطهران حيال الدستور السوري الجديد يتجاوز موضوع تشكيل اللجنة الدستورية وتقسيماتها ودور الامم المتحدة في الجزء الخاص بالمجتمع المدني الذي يفترض ان يشكل “الثلث” من اصل نحو 150 عضواً يشكلون اعضاء الهيئة، فهذا الخلاف “الشكلي” يمكن تجاوزه في مرحلة ما من عملية التفاوض، لكن الازمة الحقيقة العالقة لا تزال في طروحات روسية “مفاجئة” تتحدث عن التوازنات في السلطة ما بعد الحرب، حيث اقترح الروس اعادة صياغة توزيع مراكز القوى على نحو محدد في الدستور بحيث يتم تثبيت منح السنة “اغلبية” الثلثين في “مفاصل” الدولة واجهزتها التنفيذية مع تحديد مسبق للمناصب العليا في الدولة، مقابل منح “الاقليات” ومنهم العلويين “الثلث” وذلك بنصوص دستورية تتجاوز المواطنية السائدة في الدولة السورية راهنا، وهو امر لا تزال الدولة السورية مدعومة من ايران ترفضه وتعمل جاهدة على عدم نجاح الضغوط الروسية في تمريره..
“ارضاء” تركيا والسعودية..!
ووفقا لتك الاوساط، فان موسكو تعمل في هذا السياق على “ارضاء” تركيا لجهة طرح مشاركة “الاخوان المسلمين” في السلطة التنفيذية المقبلة او على الاقل اشراك شخصيات اسلامية محسوبة عليهم دون ان يكونوا في “الاخوان” رسميا، وهو احد شروط الرئيس التركي رجب طيب اردوغان لتسهيل “اغلاق” الملف السوري… وفي المقابل لا تزال الخطوط الروسية مفتوحة مع السعودية التي تحاول ايجاد “موطىء قدم” في العملية السياسية السورية لتحقيق مكاسب معينة في تركيبة السلطة، وهذان الامران لا يزالان موضع تجاذب جدي بين موسكو وكل من دمشق وطهران.
لا لتكرار “النموذج” اللبناني
وقد كانت زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى المسؤولين الايرانيين مؤخرا، جزءا من “الرسائل” المتبادلة مع موسكو، حيث أكد كل من المرشد السيد علي خامنئي والرئيس حسن روحاني تأييدهما المطلق لوجهة نظر الرئيس بشار الاسد الذي لا يرغب باي شكل من الاشكال اعادة “استيلاد” التجربة اللبنانية الطائفية والتي لم تؤسس لدولة حتى الان…وازاء هذا “التباين” بين الاطراف الثلاث، تستبعد تلك الاطراف ان “تفرج” موسكو عن مبادرتها لاعادة النازحين السوريين، وهي تعتبرها “ورقة” تفاوضية مهمة في هذه المرحلة الحساسة التي تضغط فيها تركيا والسعودية ومعها دول الخليج لتحقيق “حل سياسي” يناسبها واضعة شرط تمويل اعادة هؤلاء، وعملية اعادة الإعمار، بندا اساسيا على “الطاولة”، ويدور بحث جدي في هذه التفاصيل خلال جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الى عدد من الدول الخليجية..
ومن هنا فان الزيارة الرئاسية الى موسكو نهاية الجاري والتي تكتسب اهمية استثنائية انطلاقا من الدور الروسي في المنطقة، قد تحقق تقدما محدودا في مسألة التعاون الاقتصادي لا سيما في مجال قطاع الطاقة خصوصا ان شركة روسية تشارك الى جانب شركتين ايطالية وفرنسية في التنقيب عن النفط والغاز في البحر، لكن يبقى الشك قائما في تحريك ملف النازحين السوريين خصوصا ان موقف الرئيس عون واضح لجهة عودة النازحين وعدم انتظار الحل السياسي، وهو ما يتعارض عمليا مع “الكباش” السياسي الدائر حول مستقبل النظام السياسي في سوريا… ولذلك فان اي اتفاق على تفعيل عمل اللجنة سيحتاج الى المزيد من الوقت كي “يبصر النور” على نحو جدي مستبعدة التوصل الى برنامج محدد زمنيا لإعادة النازحين السوريين… اما الذريعة فستكون المسألة المالية وكذلك عدم وضوح الإجراءات العملانية لعودة هؤلاء، وعدم التوصل الى حل المسائل المتصلة بإعفائهم من الخدمة الإجبارية، وترميم المنازل المهدمة، وغيرها من القضايا التي لا تزال تحول دون عودتهم.
المصدر: الديار