وفاة يانيس بيراكيس..مُصوّر الخوف والحرب والحب
وكان بيراكيس، الذي انضم إلى “رويترز” قبل 30 عاماً، بدأ العمل مع الوكالة كمصوّر حر في العام 1987. وفي كانون الثاني/يناير 1989 تم إرساله لأول تكليف خارجي إلى ليبيا إبان حكم معمر القذافي، ولاحقاً غطى الكثير من الأحداث المضطربة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الصراعات في أفغانستان والشيشان وزلزال كبير في كشمير وثورة 25 يناير في مصر العام 2011. وفي العام 2015 عمل بيراكيس وفريقه من المصورين على مدى أشهر، لتغطية آلاف الفارين من الحروب في سوريا وأفغانستان ومناطق الصراع الأخرى.
وخلال فترة عمله حاز، بيراكيس على احترام أقرانه ومنافسيه نظرا لمهارته وشجاعته، كما قاد فريقا للفوز بجائزة “بوليتزر” في العام 2016 لتغطيته أزمة اللاجئين في أوروبا. وقال بيراكيس أمام لجنة مناقشة سلسلة الصور الفائزة بالجائزة: “مهمتي هي أن أروي لكم القصة ثم تقررون ما تريدون… مهمتي هي التأكد من أنه لا يوجد شخص يمكنه أن يقول لم أكن أعلم”.
وطوال حياته المهنية اعتمد بيراكيس في كل شيء على إصراره على نقل ما يحدث في مناطق الصراع والأزمات للعالم. والتقطت صوره رعب المعارك والخوف والموت والحب والترهيب والمجاعة والتشرد والغضب وفقدان الأمل والشجاعة.
وتظهر واحدة من صوره خلال الحروب في يوغوسلافيا السابقة، والتي التقطها في عام 1998، رجلا من أصل ألباني يضع جثة طفل عمره عامان لقي حتفه خلال المعارك في نعش صغير. وكان بيراكيس قد التقط الصورة من موقع مرتفع واستخدم تقنية السرعة البطيئة مع التكبير لإظهار الإحساس بالحركة. وقال عن تلك الصورة “كانت قوية جدا وكان جسد الصبي وكأنه يحلق في الهواء… بدا الأمر وكأن روحه تغادر جسده إلى السماء”.
وفي العام 2000، وخلال تغطية الحرب الأهلية في سيراليون، كان بيراكيس يسافر في قافلة مع زميليه في “رويترز”، كورت شورك ومارك تشيشولم ومصور وكالة “أسوشيتد برس” ميجول جيل مورينو” عندما نصب لهم مسلحون كميناً. وأصيب شورك أحد أقرب أصدقاء بيراكيس وتوفي على الفور كما قتل مورينو واستطاع بيراكيس وتشيشولم الهرب. ونجا الاثنان من الهجوم بالزحف إلى الأشجار على جانب الطريق والاختباء في الغابة لساعات حتى اختفى المسلحون. والتقط بيراكيس صورة لنفسه بعد المحنة ويظهر في الصورة وهو يحدق في السماء في ذهول، فيما قال تشيشولم عن الهجوم “أعتقد أن هذا غير بيراكيس كثيرا… لقد كان شخصية عظيمة ومصورا رائعا وزميلا عظيما”.
وفي العام 2017 دشن بيراكيس مشروعا لمساعدة “رويترز” في تكوين فريق أكثر تنوعا من المصورين الصحافيين. وألهم حضور بيراكيس المهرجانات والأحداث في جميع أنحاء العالم العديد من الصحافيين الشباب لتقديم طلب للحصول على منحة من “رويترز”. وكان فخورا جدا بهذا العمل وظل يبحث عن جيل جديد من المواهب حتى وفاته.
وعقب وفاته، قال مصور “رويترز”، جوران توماسيفتيش، عن بيراكيس “إن الأمر عبارة عن رواية القصة بوضوح بأكثر طريقة فنية ممكنة… لن ترى أي شخص أكثر إخلاصاً وتركيزاً مثله ضحى بكل شيء للحصول على أفضل صورة”. ووصفه صديقه وزميله كبير المنتجين فاسيليس ترياندافيولو والذي رافقه لمدة 30 عاما بأنه “إعصار” يعمل طوال النهار والليل، وفي بعض الأحيان يعرض نفسه للخطر لالتقاط الصورة التي يريد الحصول عليها.