نهاية عملاق السماء إيرباص A380

تمتلئ مقابر الطائرات حول العالم بطائرات فائقة و لكنها لم تبقى في الخدمة لفترات طويلة.

فهناك طائرة Howard Hughes المعروفه ب “Spruce Goose” و التي نتذكرها في فيلم Aviator للممثل العالمي Leonardo DiCaprio و هي أكبر طائرة تم بناؤها على الإطلاق كوسيلة نقل عسكرية، والتي قامت بمحاولة التحليق الشبه ناجحة لمرة واحدة فقط، لكنها وصلت متأخرة جدًا عن دورها المقصود في الحرب العالمية الثانية.

طائرة spruce goose

ثم هناك طائرة الكونكورد  كأسرع طائرة ركاب في وقتها، والتي عانت من ارتفاع تكاليف التشغيل و نسبة الضوضاء العالية التي كان سببها سرعة الطائرة الأسرع من الصوت.

والآن هناك طائرة إيرباص A380، التي تعد أكبر طائرة نقل ركاب في العالم حاليًا، والتي تم إعلان التوقف عن إنتاجها من خلال شركة إيرباص المصنعة لها و ذلك بعد 12 عامًا فقط من الخدمة التجارية.

الطائرة A380 هي أعجوبة هندسية كما أنها محبوبة على نطاق واسع من قبل جميع  الركاب، لكن العائد الإقتصادي لا يعكس كل هذه المميزات للطائرة النفاثة ذات الأربعة محركات في عالم من الواضح انه عالم طائرات ذا محركين فقط.

تعد طائرة الإيرباص A380 غالية الثمن بالنسبة لشركات الطيران كما أنها مرتفعة التكاليف من حيث تزويدها بالوقود والصيانة.

ثم هناك قدرة الطائرة الضخمة على إستيعاب عدد كبير جدا من الركاب، والتي يمكن أن تتسع لحوالي 550 راكب و حتى 800 راكب، اعتمادا على التصميم الداخلي، هذه الأرقام مثيرة للإعجاب على الورق، ولكنها مزعجة جدا من منظور الأعمال حيث تدور صناعة الطيران حول “وضع أكبر عدد من الركاب في المقاعد” ، كما يقول المثل. فكلما زادت المقاعد الشاغرة، كلما زادت خسارة شركة الطيران.

لهذا السبب تقدم شركات الطيران في بعض الأحيان خصومات خيالية، فالحصول على شيء أفضل من عدم الحصول على أي شيء، ومع القدرة الإستيعابية لطائرة A380، فإن وجود العديد من المقاعد الشاغرة قد يسبب مشكلة كبيرة إذا لم تتمكن شركة الطيران من العثور على ما يكفي من الركاب لملئ تلك المقاعد.

إن ملء 600 مقعد على طائرة واحدة تطير إلى وجهة محددة لهو أمر صعب للغاية بالنسبة لشركات الطيران.

من الأسهل بكثير على سبيل المثال أن تبيع تذاكر طائرة بوينج 787 بسعة 200 راكب، يقول Bijan Vasigh، أستاذ الاقتصاد والتمويل في جامعة Embry–Riddle  للطيران. “بالطبع الخطوط الجوية لا ترغب في المخاطرة بعرض 600 مقعد على رحلة واحدة، وفي النهاية يتم بيع 60٪ فقط من المقاعد”

لقد كان هناك وقت عندما كانت الطائرة العملاقة A380 حل منطقي لبعض المشاكل، أو على الأقل كانت هناك حجة لبناء تلك الطائرة، و لكن تصميم الطائرة الجديدة استغرق العديد من السنوات ويمكن تتبع برنامج تصميم A380 إلى أواخر الثمانينيات أو أوائل التسعينات، كانت تلك السنوات هي ما نعرف الآن أنها نهاية لحقبة الطائرات السوبرجامبو و التي تهيمن عليها طائرة بوينغ الشهيرة 747 (طائرة أخرى محبوبة لم تكن عملية في نقل الركاب لأسباب مشابهة مثل طائرة إيرباص A380).

الآن تم الإعتماد على طرق بديلة لنقل الركاب تعتمد على محاور و مطارات عملاقة، فبالنسبة إلى شركات الطيران كان هناك بعض المنطق في تكديس أكبر عدد ممكن من المسافرين في واحدة من هذه المطارات، ثم استخدام طائرات أصغر (أو إقامة شراكات مع شركات طيران أخرى) لنقل الأشخاص إلى وجهتهم النهائية.

ومثل أي عملية معقدة كان وضع طائرة سوبر جامبو جديدة في السماء أمرا معقدا جدا، ولهذا عانت طائرة A380 من التأخير الكبير، وفي نهاية المطاف أصبحت جاهزة للطيران التجاري في عام 2007، ولكن في هذه الفترة بدأت ظروف السفر الجوي الدولي تتغير.

لقد مكنت الطائرات الجديدة ذات الكفاءة العالية في استهلاك الوقود وتصاميم المحرك من القيام برحلات طويلة المدى على متن طائرات ذات محركين، مثل طائرات بوينغ 787 وطائرة إيرباص A350 الخاصة (الطائرات التي يصل عدد محركاتها إلى نصف عدد محركات A380 تكون أقل تكلفة بكثير في الصيانة و إستهلاك الوقود).

هذه الطائرات تجعل من الممكن لشركات الطيران الدولية تشغيل المزيد من المسارات المباشرة إلى مجموعة متنوعة من الوجهات، وبالتالي يصبح من غير العملي نقل مئات من الركاب في طائرة واحدة.. وفي الواقع كان قرار طيران الإمارات إستبدال عدد من آوامر شراء طائرات A380 بشراء الطائرات الأصغر حجماً دليلا على فشل الطائرة العملاقة A380 و عدم جدواها إقتصاديا.

في حين أن بعض الركاب يندبون الموت الوشيك لهذه الطائرة الرائعة، فإنهم بالتأكيد سيستفيدون من التغييرات التي تسببت في نهاية طائرة A380 ، كما يقول Vasigh “بالنسبة للمسافرين من رجال الأعمال … ستكون الرحلات الأكثر تكرارا أكثر جاذبية”، كما يقول “إذا كان لديك طائرات أصغر ، يمكنك تقديم المزيد من التكرار، فعلى سبيل المثال يمكنك تقديم رحلة واحدة في الصباح من لندن إلى مدينة نيويورك ورحلة واحدة في فترة ما بعد الظهر مع طائرة من 250 مقعدًا. ولكن إذا كنت تستخدم طائرة بها 600 مقعد، فلن تتمكن من تقديم أكثر من رحلة واحدة. ”

لا شيء من هذا يعني أن طائرة A380 ستختفي من السماء بين عشية وضحاها، من المرجح أن تستمر شركات الطيران مثل طيران الإمارات و Qantas في الطيران لعدة سنوات، ويعود ذلك جزئياً إلى أنهم سيجدون صعوبة في العثور على أي شخص يرغب في شرائها ( مزاد علنى على eBay، هل من مشتري؟)

كما أكدت شركة Airbus أنها ستواصل دعمها للطائرة لفترة طويلة حتى بعد توقف بناء نسخ جديدة منها، وعلى الرغم من أن الأمر يتسبب بشئ من الإحراج لجهة صناعة الطائرات الأوروبية، إلا أن الشركة لديها طائرات أخرى ناجحة وتبدو أكثر منطقية في عالم الطيران اليوم.

وكما هو الحال دائمًا، ستواصل شركات الطيران السعي وراء تحقيق مطالب عملاءها مهما كانت التكلفة.

هذا و قد أعلنت شركة بوينغ هذا الشهر عن استثمار كبير في شركة “Aerion” ، وهي شركة ناشئة تأمل في صنع نوع من طائرات رجال الأعمال الصغيرة الأسرع من طراز طائرة الكونكورد، وفي نفس الوقت تقوم شركة “Boom”، وهي شركة ناشئة يدعمها السير Richard Branson بأعمال مشابهة لتصميم و إنتاج طائرات رجال الأعمال.

وبعيدا عن هذه النهايات المؤلمة لمثل هذه الطائرات الرائعة، فإن شخصًا ما في عالم الطيران سيطارد دائمًا عناوين مثل “أكبر طائرة” أو “أسرع طائرة”، بغض النظر عن إمكانية كسب المال بهذه الطريقة.

٢٢ عربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى