اكثر من 20 ألف دونم في “بليدة” احتلتها اسرائيل.. والدولة مطالبة بالتحرك
على ان بلدة بليدا كغيرها من قرى الشريط الحدودي مع فلسطين المحتلة، اصابتها نكبة 1948 بمآس واضرار وتهجير وقتل من جانب عصابات “الهاغانا” والمستعمر البريطاني، ولم يتوقف الامر عند هذه الحدود بل دفعت بليدا الغربية الاكبر من بين كل قرى الشريط نظراً لاحتلال العصابات الصهيونية ما يزيد عن نصف أراضي البلدة، بما يزيد عن 25 الف دونم، كانت الحدود الاساس لابناء البلدة على المستوى الزراعي لكونها اراضي سهلية وخصبة، في حين معظم الاراضي التي اعتمد عليها ابناء بليدا بعد النكبة هي اراض صخرية ولا تصلح في معظمها للزراعة باستثناء مساحات قليلة، واذا ما استثنينا القرى السبع المحتلة بالكامل من جانب كيان العدو الاسرائيلي، فبليدا هي القرية شبه الوحيدة من قرى الشريط التي احتلت اكثر من نصف اراضيها، وهي كانت تصل الى بلدة “قدس” والمولة في فلسطين اي بما يزيد عن طول بعمق عشرة كيلومترات عن الخط الازرق اليوم.
ويقول بعض المعمرين في البلدة الذين عاشوا حرب النكبة عام 1948 ان بليداخسرت الجزء الاهم من اراضيها، فبالاضافة الى ان المنطقة المحتلة تزيد عن نصف مساحة اراضي البلدة قبل عام 48، فهذه الاراضي المحتلة هي عبارة عن منطقة سهلية واسعة والاكثر خصوبة من حيث الانتاج الزراعي، وان معظم ابناء البلدة ما زالوا يحتفظون بحجج قديمة (صورة عن الاستعمار التركي) توارثوها عن ابنائهم واجدادهم تثبت ملكية هؤلاء لهذه الاراضي، ويتذكرون كيف كان ابناء البلدة قبل النكبة يعتمدون على اراضيهم المحتلة في زراعاتهم كما ان علاقات الاهالي في تلك الفترة كانت مع ابناء القرى الفلسطينية القريبة، بما في ذلك تجارة الانتاج الزراعي والمواشي وغير ذلك عبر الخيول والجمال فحركة المزارعين لم تكن تهدأ ليل نهار ما بين بليدا وقرى فلسطين القريبة.
كما يؤكد المعمّرون في البلدة ان الانتصار الذي حققه الجيش اللبناني عام 1948 في المالكية بقيادة الملازم اول محمد زغيب (ضمن ما كان يسمى جيش الانقاذ) تأثيره في مسار المعترك في حينه لصالح الجيوش العربية، لكن تخاذل الانظمة العربية يومها، وبدعم لا محدود من الاستعمار البريطاني، ادى الى تغيير مسار المعركة على مستوى فلسطين وعلى الحدود مع لبنان بما في ذلك في المالكية ونتج منه احتلال اراض واسعة للبنان بينها القرى السبع واراضي بلدة بليداومساحات واسعة للعديد من قرى الشريط الحدودي، حيث ادت عمليات التنكيل والاعتداء التي مارستها عصابات “الهاغانا” مع دعمهم من الجيش البريطاني (تنفيذا لوعد بلفور) الى تهجير معظم سكان الشريط الحدودي وتدمير مئات المنازل حتى ان العصابات الصهيونية اقدمت على سرقة “الحجر الصخري” على مدخل جامع البلدة والمكتوب عليه تاريخ وعمر المسجد.
كما يتذكر بعض المعمرين في بليدا ممن زالوا على قيد الحياة، وهم نسبة قليلة جدا، الكثير من التفاصيل عن حياة ابناء بلدتهم ما قبل النكبة وكم كانت العلاقة جيدة بينهم وبين ابناء قرى فلسطين المحتلة القريبة من البلدة، كما يتذكر هؤلاء تفاصيل كثيرة عن مسار المعارك التي خاضها الجيش اللبناني بقيادة النقيب زغيب ومعه المئات من ابناء قرى الشريط، حيث لبوا “نداء الواجب” لرد اعتداءات المستعمرين بسلاح بسيط ومتواضع.
ومنذ نكبة 48 لم تتحرك السلطات الرسمية اللبنانية المتعاقبة حتى لتأكيد سيادة الدولة على هذه الاراضي المحتلة، بل هي تناست ان سيادتها منقوصة، ما دام ان هناك سبع قرى واراضي واسعة محتلة من العدو الاسرائيلي، كما يلاحظ ان الحكومة المتعاقبة منذ ما بعد الاستقلال والنكبة، لم تسعَ او تعمل عبر المجتمع الدولي وهيئاته (الامم المتحدة ومجلس الامن وغيرهما) لتثبيت هذه الحقوق وان يتم تضمينها في القرارات التي صدرت عن مجلس الامن والامم المتحدة في اتفاق الهدنة عام 45 او القرارات التي صدرت منذ تلك الفترة ذات الصلة.
وحتى ما بعد التحرير في العام الفين، لم تعط السلطة اللبنانية في حينه اي اهتمام لاستمرار احتلال العدو لمساحات واسعة عائدة لبليدا وغيرها، حيث لم يستعد لبنان ولو متراً واحداً من اراضي بليدا، عندما جرى تحديد الخط الازرق، بل بالعكس جرى وضع ثلثي بئر شعيب تحت سلطة الاحتلال، الى جانب عدد من كروم الزيتون التي منع اصحابها من الدخول اليها، الا بعد اذن من قوات الطوارئ الدولية ووجودهم، ولو ان ابناء بليدا فرضوا لاحقاً على العدو التراجع عن احتلاله لثلثي بئر شعيب لكن سرقة مياه لا تزال حاصلة حتى اليوم كما هي حال نبع «غاصوتة» العائدة للبلدة.
ونظراً لهذا التلكؤ وسياسة “طمر الرأس” في الرمال من جانب السلطة الرسمية لجأت بلدية بليدا وبدعم من كل ابناء البلدة الى تكليف شركة “A3M- GeoMatics” لاعداد مسح اراضي بليدا المحتلة، ونظراً لعدم قدرة الشركة على اجراء المسح على اعتبار ان هذه الاراضي تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي رفعت شكوى الى القاضي العقاري في النبطية احمد مزهر الذي اصدر قراراً سمح فيه للشركة باجراء مسح جوي بالتنسيق مع قيادة الجيش لاراضي بليدا المحتلة.
وبعد قرار القاضي مزهر قامت بلدية بليدا بتزويد الشركة المذكورة بالاحداثيات المقدمة من مديرية الشؤون الجغرافية في الجيش اللبناني وفقاً للحدود الدولية بين لبنان وفلسطين المحتلة (ما قبل 48) ووفقاً لاتفاقية الهدنة عام 1949 دعمتها بمئات الحجج القديمة التي مالا زال ابناء البلدة يحتظفون ببعض منها عن العقارات التي تعود لابنائهم واجدادهم.
وهذا التأكيد لحقوق ابناء بليدا بأرضهم المحتلة ليس هدفه فقط دفع السلطات الرسمية اللبنانية الى تبني هذه الحقوق ورفعها الى كل الهيئات الدولية، حتى يقر العدو الاسرائيلي بهذه الحقوق، بل المطلوب رفع شكوى امام مجلس الامن لكي ينسحب العدو منها، ومن باقي الاراضي اللبنانية المحتلة، وان يدفع للدولة اللبنانية واصحاب الحقوق تعويضات تصل الى عشرات مليارات الدولارات نتيجة لهذا الاحتلال منذ 70 عاماً ونتيجة للدماء والشهداء والدمار الذي تحمله، ابناء المنطقة الحدودية جراء اعتداءات ومجازر العدو.
الا ان الاهم بالنسبة لابناء بليدا، ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر اللهالذي يدعم ما يطالب به ابناء البلدة، لن يدخر اي وسيلة لاستعادة المناطق المحتلة في حال فرض العدو الاسرائيلي الحرب على لبنان، وهو الامر الذي يؤكد عليه السيد نصر الله باستمرار بتأكيده، استعداد مجاهدي المقاومة للدخول الى الجليل الاعلى، في حال اقدم العدو الاسرائيلي على مغامرة عسكرية ضد حزب الله ولبنان، حيث ان هذه الاراضي ومعها القرى السبع تلامس الخط الازرق الذي رسمته معادلات ظالمة من جا نب الدول الاستعمارية اليوم.