إقفال شركة تشيزكيك.. وإجراءات تقشّف في “خوري هوم”

 

لم يعد خبر إقفال أبواب شركة ما حدثاً عابراً، ينقضي بإعلان الأسف على أوضاع العمال، والتمنّي لهم بإيجاد فرصة عمل في شركة أخرى. فالفرص تتجه نحو الانعدام، مع تفاقم سوء الأوضاع الإقتصادية والسياسية في البلاد.

إقفال شركات أجنبية
تخلّت الطبقة السياسية عن دعم القطاعات الإنتاجية، الزراعية والصناعية، لصالح قطاع الخدمات. لكنها لم تستطع المحافظة على خشبة خلاصها، التي بدأت تشهد الأزمة تلو الأخرى. وإن كان تضرر المؤسسات الخدماتية اللبنانية أمراً يمكن التغاضي عنه، فإن تضييق الشركات الأجنبية مجالات عملها، وصولاً إلى حد الإقفال، هو أمر يجب التوقف عنده.

وعليه، ليس حدثاً تفصيلياً إعلان شركة أسعد ASSAAD Food and Beverage، عزمها إقفال مطعم “تشييز كيك” factory The Cheesecak. إذ تملك شركة أسعد إمتياز تشغيل المطعم في لبنان من الشركة الأميركية الأم. وإلى جانب امتلاكها امتياز شركات مطاعم أخرى، هي Chang’s، Alforno، Texas Roadhouse. والإقفال أتى على شكل كتاب موجه للموظفين، يقول بأن “إدارة المطعم قررت إقفاله نهائياً، بسبب الظروف الاقتصادية. حيث سيكون نهار 30-4-2019 آخر يوم عمل لدى الشركة”. وطلبت الإدارة من الموظفين التوقيع على الكتاب، كإقرار منهم بتبلّغهم القرار، وذلك منعاً لأي ترتيبات قانونية قد تظهر لاحقاً تجاه الشركة. وتشير مصادر من العاملين في المطعم، إلى أن “نحو 110 موظفين سيخسرون عملهم”.

الإقفال ليس يتيماً بالنسبة لشركة أسعد، إذ سبقه “إقفال فرع مطعم المأكولات الصينية Chang’s في مجمّع ABC في الأشرفية، والإبقاء على فروع المطعم في مجمع city center الحازمية، وفي الزيتونة باي، وفي الشويفات. والإقفال حصل مطلع العام 2019، بعد أن فضّلت الإدارة عدم الإقفال قبل موسم عيدي الميلاد ورأس السنة”، وفق ما تضيفه المصادر، التي تنقل التبرير الرسمي حينها، والذي كان يقول بأن الإقفال أتى على خلفية “رفع إدارة المركز لقيمة أجرة المكان الذي يشغله chang’s، والأخير لم يستطع دفع الإيجار الجديد”.

لكن، تلفت المصادر النظر إلى وجود “حديث غير رسمي يجري تسريبه من داخل شركة أسعد، يتعلق بوجود مشاكل داخل الشركة، وهي الأسباب الحقيقية وراء إقفال chang’s وcheescake”. وبعيداً عن الأسباب الحقيقية، فإن هذه الأجواء جعلت موظفي المطاعم التابعة لشركة أسعد “يخافون على مورد رزقهم. برغم أنهم لم يتبلّغوا أي قرار بالإقفال حتى الآن”.

والمخيف أكثر بالنسبة للمصادر، هو أن “هذه الشركات هي شركات أجنبية، لا يستطيع صاحب امتيازها في لبنان اعتماد سياسة “ضربة على الحافر وضربة على المسمار”، التي تعتمدها أغلب المؤسسات اللبنانية الصرفة. فإن لم يؤمّن الامتياز الأرباح الكافية، لا يمكنه الاستمرار. خصوصاً وانه لا يستطيع المغامرة بخفض أسهم سمعة خدمات الشركة الأم، التي ترسل بشكل دوري لجان إشراف على العمل. وهذا ما يحصل في كل شركات الامتياز في لبنان والعالم”.

مؤشرات سلبية
كان مُحتملاً الى حدّ ما – إقتصادياً – الحديث عن تأثّر الحركة الاقتصادية، مع تراجع حركة السياح الخليجيين في لبنان، على وقع الأوضاع السياسية والأمنية التي شهدتها البلاد منذ العام 2011، بالتزامن مع اندلاع الحرب في سوريا. ذلك أن استرجاع السياح مرتبط بهدوء الأوضاع. لكن انسحاب الموجة السلبية على قطاع العقارات، وصولاً إلى المحال التجارية والمطاعم، فذلك مؤشر على تجاوز الأزمة الاقتصادية اللبنانية حدود “الزَعَل” الخليجي، إلى حدود الأزمة البنيوية.

فبنيوياً، يحصد لبنان اليوم ثمار ربط اقتصاده بقطاع الخدمات حصراً، والذي كانت مؤشراته السلبية واضحة منذ مطلع التسعينيات، حين استسهل سياسيو البلاد بناء الاقتصاد على تلبية احتياجات الرفاهية التي يطلبها الأجانب. أما طلبات أبناء البلد، فلم تكن بالحسبان. والحصاد يُترجَم بعدم احتمال الكثير من المؤسسات، سوء الأوضاع الاقتصادية التي وصلتها البلاد. فمن لم يعلن إفلاسه، ضاق ذرعاً بتراجع نسبة أرباحه، إلى حد يدفع إلى التفكير بالإقفال. وكم من مؤسسة قلّصت عدد عمالها، وأخرى حزمت أغراضها، وغادرت السوق بصمت، خلال السنوات الخمس الماضية؟

قرارات “خوري هوم”
في حدث موازٍ، ومنفصل عن قرار شركة أسعد، عقدت شركة “خوري هوم” اجتماعات لموظفيها، أبلغتهم خلالها عن تعديلات داخلية، تطال دوامات العمل والرواتب، نزولاً تحت ضغوطات الواقع الإقتصادي. وأظهرت تسجيلات صوتية يتم تداولها بين الموظفين عبر “الوتسأب”، أن الإدارة قررت توحيد دوام العمل لكل الموظفين، بحيث يصبح “من الساعة 10 صباحاً حتى 8 مساءً، بعد أن كان الموظفون يوزعون دواماتهم بين دوام يبدأ من الساعة 9 صباحاً لغاية 6 مساءً، وآخر من 11 صباحاً حتى 8 مساءاً. كما قررت الإدارة اعتماد يوم الأحد كيوم عطلة، وقررت حسم مبلغ 100 ألف ليرة من راتب كل موظف”. واعتبر البعض هذا الإجراء “قراراً صائباً، حتى لا تظلم الإدارة أحداً، أو تضطر إلى الإقفال، فيخسر جميع العمال وظائفهم”.

المصدر : المدن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!