هل تتراجع إيران أو تحدث المواجهة الشاملة..وماذا عن الحشد الشعبي؟ 

حسين حمية

 لنترك التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل الذي نشب ما بعد منتصف الليل لهذا اليوم، إن بالغارات الإسرائيلية الكثيفة على مواقع فيلق القدس او بالصاروخ الإيراني الذي استهدف جبل الشيخ، فما حدث كان متوقعا، لا بل هناك من كتب منذ أسبوع (اليكس فيشمان) في صحيفة “يديعوت” الإسرائيلية، أن في تل أبيب من له مصلحة في رفع التصعيد على الجبهة الشمالية وصولا للمواجهة الشاملة.

الانعطاف نحو التصعيد، بدأ منذ أكثر من أسبوع بقليل، عقب الغارة الإسرائيلية على مستودعات في مطار دمشق الدولي، بعدها بيوم أعلن رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو مسؤولية إسرائيل عن كل الهجمات التي استهدفت المراكز الإيرانية وقوافل سلاح حزب الله في سوريا، ومن ثم تصديق رئيس الأركان الإسرائيلي غادي إيزنكوت قبل أيام قليلة من تقاعده على هذا الاعتراف وقال في لقاء مع أكثر من وسيلة إعلامية “لقد نفذنا آلاف العمليات في سوريا من دون أن نعلن مسؤوليتنا”، ثم أوضح”في عام 2018 وحده، أسقطت إسرائيل 2000 قنبلة على أهداف إيرانية في سوريا”.

قبل هذا، كانت إسرائيل تعتمد سياسة ضبابية وتلتزم الصمت حيال هجماتها في سوريا، وكانت هذه الضبابية وهذا الصمت بمثابة اعتراف إسرائيلي بقوة الردع الإيراني، وهو ما أعفى طهران من الرد الفوري. لكن فقط، عندما أعلنت تل أبيب عن مسؤوليتها عن مهاجمة مطار تي فور الربيع الماضي، وجد الإيرانيون وقتذاك أنهم ملزمون بالرد، فكان إرسالهم طائرة مسيّرة، ومن ثم كانت ليلة الصواريخ.

إعلان إسرائيل مسؤوليتها عن الهجمات في سوريا كما فعلت قبل أسبوع وفي هذا اليوم، هو مس بالردع الإيراني، لن تمر طهران عليه مرور الكرام، وإطلاقها صاروخا باتجاه جبل الشيخ أمس، هو دعوة إيرانية للدولة العبرية بضرورة التزام بقواعد الاشتباك السابقة.

في إسرائيل هناك شكوك بأن أسبابا انتخابية هي وراء تصعيد نتنياهو، لكن هذه وحدها لا تفسر الجرأة الإسرائيلية، فلا يُستبعد أن تكون حسابات تل أبيب، بأن الإيرانيين حاليا في ظل الحصار الأميركي القاسي على بلدهم ليسوا بوارد خوض حرب شاملة، كما يمكن أن يُضاف إليها، استغلال إسرائيل ما تبقى من وقت قبل خروج الأميركيين من سوريا باعتبار أن طهران لن تنجر إلى مواجهة في ظل وجود عسكري أميركي، كذلك حصول الإسرائيليين على تسهيلات روسية في استهداف الإيرانيين في سوريا، فالغارات الأخيرة حصلت بعد زيارة وفد عسكري إسرائيلي إلى موسكو، وصفتها تل أبيب بالناجحة وأنهت الأزمة في العلاقات الإسرائيلية الروسية على خلفية إسقاط الطائرة الروسية في أيلول الماضي فوق اللاذقية.

جرى الحديث في تل أبيب أن لقاءات الجانبين الروسي والإسرائيلي، توصلت إلى آليات لتحاشي الأخطاء السابقة، ويؤكد هذا، عدم استخدام صواريخ “اس 300” في صد الغارات الإسرائيلية الأخيرة، إضافة إلى صمت روسي مطبق عن هذه الاعتداءات، فلم تصدر من موسكو أية إدانة أو استنكار كما جرت العادة، غير أن هذا ليس صمتا مطلقا، فهو ينتهي عند حدود تهديد مصالحها في سوريا ومنها عدم المس بقدرات النظام. لكن الإيرانيين قادرون على إدارة اللعبة وجر الروس الإسرائيليين إلى تصادم في المصالح، فبإطلاقهم الصاروخ باتجاه جبل الشيخ، كانوا يتوقعون توسع الغارات الإسرائيلية لتطاول “المحرمات” الروسية في سوريا، وهذا ما يؤكده كثافة الهجمات أمس التي تزعج الروس ولا يمكنهم احتمالها لا هم ولا النظام السوري نفسه.

بكل الحالات هناك مصلحة إسرائيلية في التصعيد سواء أكتنت انتخابية ليستثمرها نتنياهو أو استراتيجية باعتبار أن الفرصة مواتية لتغيير قواعد الاشتباك في سوريا، بالوقت نفسه ولو كانت إيران في وضع مكشوف في سوريا أمام القصف الإسرائيلي، يبقى لديها ما يحمي معادلة الردع في سوريا التي يحاول كسرها نتنياهو، باعتمادها على العمق العراقي، وتحويله إلى خط أمامي يتزويد حلفائها صواريخ تصل غلى المدن الإسرائيلية.

كان لافتا الأسبوع الماضي تحذير وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لرئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي من أن إسرائيل ستقصف الحشد الشعبي في العراق، وليس بعيدا أن يكون الرد الإيراني برفع علم الحشد الشعبي على الحدود اللبنانية أمام أعين الجنود الإسرائيليين!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى