زاسبيكين : أخطاء قد توصل إلى حرب نووية!
يبدو العالم مكاناً أكثر خطورة في عام 2019، من وجهة النظر الروسية. السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبيكين يكشف لـ«الأخبار» بعض التقديرات الروسية بسبب «التهور الغربي اللامسؤول»، فيما يؤكّد عزم روسيا على تطوير دورها في لبنان، واستمرارها في العمل على حماية سوريا ووحدتها
السفير ألكسندر زاسبيكين، يُعدّ نفسه ــ كغيره من زملائه الدبلوماسيين في العالم ــ لعامٍ جديد كثير العمل والمخاطر والتطورات. عام 2018 مرّ قاسياً، لكن منتجاً، على روسيا. وفي توقعات القيادة والإدارة الروسية، سيكون عام 2019 عام المخاطر الكبرى، في ظلّ التحولات على الساحة الدولية، وما يصفه الروس بـ«لا مسؤولية شركائنا الغربيين وجموحهم الاستعماري».
قبل الحديث عن سوريا ولبنان، يحلو للسفير الإضاءة على إنجازات روسيا العام الماضي، رغم كل المصاعب. بالنسبة إليه، كان عام 2018 مليئاً بالأحداث التي تؤكّد صوابية الموقف الروسي تجاه «الحفاظ على مبادئ الشرعية الدولية واحترام سيادة الدول وضرورة مكافحة الإرهاب وعدم خلق بؤر توتر في العالم»، فيما ظهرت أكثر من خلال تخبّط إدارات الدول الغربية، أزماتها الداخلية وخلافاتها في رؤية الاستقرار في العالم. وعلى ما يقول كبير الدبلوماسييين الروس في بيروت، فإن المواقف الروسية المستمدّة من خطاب الرئيس فلاديمير بوتين في ميونيخ عام 2007، لا تزال هي التي تحدّد المسار العام للسياسة الروسية، لناحية انتهاء زمن القطبية الواحدة وخطورتها على نفسها في داخل الولايات المتحدة الأميركية، في مقابل الخلافات المستعرة داخل الإدارة الأميركية في السياسية الخارجية والداخلية بسبب سياسات التوسع والهيمنة على حساب الدول الأخرى، القوية والضعيفة. إذ إن الإمبريالية الأميركية التي عاثت خراباً في العالم، بحسب السفير، لا بدّ أن تنعكس على الداخل الأميركي في أزمات متعددة الأشكال وصراع بين مراكز القوى، وهو ما سيتفاقم في عام 2019.
يمرّ زاسبيكين سريعاً على الممارسات الأميركية، منذ بداية المرحلة البوتينية، ولا سيّما في أوروبا الشرقية، مذكّراً بمحاولات أميركا لإحداث انقلابات في الأنظمة والإتيان بأنظمة معادية لروسيا، وتحريك الجماعات المتطرفة من بقايا النازيين ومتطرفين طائفيين وتغذية نزعات اليمين في كل أوروبا بذريعة أزمات اللجوء ودعم التنظيمات الإرهابية في الشرق الأوسط وشرق آسيا وشمال إفريقيا، وشقّ الكنيسة الأرثوذوكسية، وصولاً إلى نشر الدرع الصاروخية على حدود روسيا وإسقاط الاتفاقيات الدولية الواحدة تلو الأخرى، وآخرها اتفاقية الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى. و«كأننا في سباق تسلّح جديد وخطير» يقول السفير، «اليوم الأميركيون لا يفكّرون إلّا في تقوية مجمع الصناعات العسكرية الأميركية لمضاهاة ورفع سقف المنافسة مع روسيا». هذا السلوك، بالنسبة إلى روسيا، «مثيرٌ للقلق بسبب تهوّره الذي يدفع روسيا إلى ردود فعل قاسية».
وهنا، يكشف السفير عن مخاوف بدأت تُطرح في دوائر القرار الكبرى في العالم، إذ إن سلوك الولايات المتحدة، ومعها حلفاؤها الغربيون، وبعضهم مرغمٌ على مجاراة الموقف الأميركي بعكس مصالحه، «يدفع باتجاه الحرب من دون مسؤولية، حتى إن الحديث عن حرب نووية مقبلة من الممكن أن يتحول إلى حقيقة بسبب خطأ ما، وهو ما يهدّد البشرية بأكملها».
ومن العالم، إلى سوريا ولبنان. يقول السفير إن أحداث العام الماضي في سوريا، أثبتت جدوى الرؤية والدور الروسيين في حماية سوريا، أوّلاً بضرورة مكافحة الإرهاب الذي هدد العالم انطلاقاً من سوريا، وثانياً لجهة حماية الدولة السورية واستعادتها لعافيتها وعلاقتها مع الدول العربية، وثالثاً لجهة حماية سيادة سوريا ووحدتها، وهو ما يجري العمل عليه الآن، على الرغم من المحاولات الأميركية المتكررة لإقامة كانتونات في سوريا.
يقرأ السفير في قرار الانسحاب الأميركي من الشمال السوري، تطوّراً مهمّاً لجهة استعادة سوريا وحدتها، مؤكّداً أن المفاوضات التي تجري حالياً بشأن الشمال السوري ستفضي حتماً إلى استعادة الدولة السورية سيطرتها على المناطق التي تحتلها القوات الأميركية، معتبراً أن الدور التركي محدود، وفي نهاية الأمر ستنسحب القوات التركية من سوريا، وستعود كامل الأراضي السورية إلى حضن الدولة.
أما عن الضغوط الأميركية لمنع الدول العربية من استعادة علاقاتها مع دمشق، فيؤكّد السفير أن هناك مطلباً واضحاً من قبل الأميركيين وبعض العرب، هو محاولة فكّ التحالف السوري – الإيراني، وهو أمر غير منطقي برأيه، داعياً الدول العربية إلى إعادة علاقاتها مع سوريا من دون شروط وتخفيف الاحتقان في المنطقة، وإلى الإسهام في إعادة الإعمار من دون شروط أيضاً، لأن الدول الحليفة لسوريا مثل روسيا والصين والهند وإيران، ستبدأ هذه الورشة بمن حضر.