الحريري خارج الحكم… والبديل جاهز!

قبل أن يُطلقَ رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع رصاصة الرحمة على استشارات التكليف التي كانت أصلًا واقفة على شوار التسمية الهزيلة والرفض الرئاسي للتعاون مجددًا مع الرئيس سعد الحريري، كان ا ل ح ز ب  يمرّر رسالة هي الاوضح بعد خطاب السيد  عبر النائب محمد رعد بالتأكيد، أنّ ال ح ز ب لم يعد يعنيه إسم الشخصية التي ستكلّف رئاسة الحكومة “لأن البرنامج أهمّ”، مسجّلًا خطوة الى الوراء في رصيد دعم ا ل ح ز ب  للحريري.

ووفق المعطيات، فإنّ مهلة الـ 72 ساعة التي فُرِضَت على الحريري ولم يخترها، إذ فضَّلَ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عدم منحِ رئيس تيار المستقبل وقتًا أطول لتذليل العقبات الحكومية، لن تكون كافية لتغيير واقعٍ لاحت بوادره منذ التأجيل الاول ثم تكرّس في التأجيل الثاني وعنوانه وضع رئاسة الجمهورية فيتو على عودة الحريري شخصيًا الى رئاسة الحكومة وذلك منذ اللحظة الاولى لتقديم استقالته في 29 تشرين الاول الماضي.

وبعيد الاعلان عن تأجيل الاستشارات وما رافقها من إخراجٍ أزعج الحريري، كرّت سُبحة المواقف لقيادات تدور في فلك التيار الوطني الحر أدّت الى استياء كبير في أوساط الحريري التي رأت فيها “نوعًا من الاهانة والفوقية التي سترتّب تداعيات سلبية جدًا على مآل العلاقة بين الطرفَيْن”، واستدعت ردًّا قاسيًا من “المستقبل” ساوى بين جعجع بالوزير جبران باسيل في “محاصرة موقع رئاسة الحكومة” بتوافقهما على حكومة اختصاصيين من دون الحريري.

وفيما يؤكد مطلعون، أنّ فيتو ميشال عون وباسيل على شخص الحريري يتقدّم الاسباب كلّها التي تحول دون إتمام الاستشارات يوم الخميس بغض النظر عن العوائق العديدة الاخرى التي تعترض تكليف الحريري والتأليف، فإنّ مؤشرات بارزة في الساعات الماضية أوحت بأنّ الحريري يخوض معركة الامتار القليلة قبل الاعتذار، وإن من دون بيان رسمي، فاتحًا المجال أمام “مناقصةٍ” جديدةٍ في سياق تسمية رئيس حكومة سني آخر .

يترافق ذلك مع معطياتٍ ليست لصالح الحريري الذي وصلت الى منزله في وادي ابو جميل للمرّة الاولى منذ دخول لبنان مرحلة الحريرية السياسية هتافات مندّدة لهذا الخط برفض تسمية “الشيخ سعد” مجدّدًا، فيما بقيَ الشارع الحريري الموالي لرئيس تيار المستقبل هامدًا وملتزمًا بالتوجيهات بعدم الانجرار الى أي استفزاز في الشارعِ.

في المقابل، التزمت دار الفتوى خيار البقاء خارج حلبة الكباش واستعاض رؤساء الحكومات السابقين عن البيان بطلّةٍ اعلامية للرئيس نجيب ميقاتي رأى فيها، أنّ مبرّرات الحريري غير مقبولة لطلب التأجيل. أما الحليف المسيحي المفترَض، فكان أول من أدار الظهر للحريري حاجبًا حتى التسمية عنه، فيما كان متوقعًا أن تمنح “القوات اللبنانية” حليفها في خط 14 آذار أصوات نوابها ثم تمتنع عن منحِ الثقة لحكومة غير مطابقة لمواصفات معراب. ولا يكتمل المشهد سوى بدخول موظفي تلفزيون “المستقبل” بشكل مفاجئ الى مبنى سبيرز مطالبين بقبض مستحقاتهم بعد خمس سنوات من الوعود، في تذكير بالنكبة المالية لسعد الحريري.

وقد علّق أحد نواب التيار الوطني الحر لموقع “ليبانون ديبايت”، قائلاً، “لا نرى أي من الحلفاء الى جانب الحريري، والشارع لا يريده. موقعه الميثاقي محفوظ بتسميته مرشّح آخر، لكن هذه المرة المناورات ممنوعة”.

في حزيران الفائت، كان خطاب وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي من دار الفتوى الجولة الاخيرة من التنظير في معادلة “حكم الاقوياء” التي روّجَ لها العهد مع المراحل التي رافقت انتخاب ميشال عون رئيسًا للجمهورية.

في تلك الزيارة تولى جريصاتي، موفدًا من عون توضيح وجهة نظر الرئاسة الاولى من جولات السجال الحادة بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، مسلّمًا بأنّ الانتخابات النيابية الاخيرة أمّنت الى حد بعيد التمثيل الصحيح “وأرست حكم الأقوياء، ونحن نعتبر أنّ الأقوياء في مكوناتهم هم على رأس السلطات الدستورية حاليًا، ورئيس الجمهورية يعتبر، أنّ رئيس حكومة لبنان هو الرئيس سعد الحريري حتمًا، وهو الأقوى في بيئته”.

اليوم، بات عهد ميشال عون أمام واقعٍ مغايرٍ تمامًا لا مكان فيه لثالث سيبة في “حكم الاقوياء”. ووفق المعلومات، تمّ التداول في الساعات الماضية في محيط رئيس الجمهورية بإسم بديل يفترض أن يشكّل في الكواليس محطّ تفاوض مع الحريري لأن لا رجوع حتى الآن عن خيار اعتبار الاخير ممرًا إلزاميًا لأي رئيس حكومة مقبل، وهو الأمر الذي كان متوقعًا أن يحصلَ بعد تعثر خيار المهندس سمير الخطيب لكن “تلزيم” رئاسة الحكومة للحريري من قبل دار الفتوى فرمل هذا المسعى مؤقتًا، على ما تقول مصادر التيار الوطني الحر.

“ليبانون ديبايت” – ملاك عقيل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!