ثروة داعش.. هذه خطة التنظيم التي أخفى بها 400 مليون دولار ليستفيد منها لاحقاً
ونقلت الصحيفة الأميركية عن مسؤولي استخبارات ومكافحة إرهاب إنَّه بعد مرور أكثر من عام على انهيار نظام الخلافة المزعوم الذي أعلنه داعش، يمتلك التنظيم الآن كمية مهولة من الذهب والأموال المسروقة، أخفاها قادته لتمويل العمليات الإرهابية وضمان استمرار التنظيم لسنوات قادمة.
وبحسب الصحيفة ، وفيما كان مقاتلو داعش ينسحبون من معاقلهم السابقة في العراق وسوريا، حملوا معهم مبالغ طائلة بالعملات الغربية والعراقية والعملات الذهبية -وهي غنيمة يُقدِّر خبراء مستقلون قيمتها بحوالي 400 مليون دولار- اكتسبوها كلها تقريباً من نهب البنوك أو عبر الشركات الإجرامية.
أين أخفى “داعش” هذه الثروة؟
وقال المسؤولون للصحيفة الأميركية، إنَّه في حين دُفِن جزءٌ من هذه الثروة، أو أُخفيت بعيداً عن الأنظار، غَسَلَ قادة التنظيم عشرات الملايين من الدولارات من خلال الاستثمار في أعمال شرعية في الشرق الأوسط على مدار العام الماضي. ويقول محللون إنَّ هذه الأموال الهدف منها جزئياً هو تمويل عودة مستقبلية لتنظيم داعش، وهو احتمال يخشى بعض الخبراء من اقتراب حدوثه بعد انسحاب القوات الأميركية السريع من سوريا الذي أعلنته إدارة ترامب هذا الأسبوع. وظهرت لمحات جديدة حول ممتلكات التنظيم المالية بعد مداهمات شُنَّت في الأسابيع الأخيرة على بعض الشركات في بغداد، وأربيل عاصمة إقليم كردستان ذي الحكم الذاتي والذي تقطنه أغلبية كردية. وتتبَّع المحققون تدفق ملايين الدولارات من عائدات تنظيم داعش من خلال شبكات مصرفية لها صلات ببعض الدول الشرق أوسطية.
وقال مسؤولون أكراد إنَّ تتبُّع مسار أموال داعش كشف عن مجموعة مذهلة من المؤسسات التجارية المشروعة، بما فيها الشركات العقارية والفنادق وتوكيلات السيارات.
6 مليارات دولار كان التنظيم يسيطر عليها
وتُعَد الملايين التي يمتلكها تنظيم داعش بقايا ثروة أكبر بكثير استولى عليها التنظيم الجهادي بعد سيطرته على المدن السورية والعراقية قبل أربع سنوات. إذ استولى التنظيم في حزيران عام 2014، على ثاني أكبر مدينة في العراق، الموصل، وسارع بإفراغ خزائن بنوكها، وطبقاً لبعض التقديرات، حصل على حوالي 500 مليون دولار من الأموال النقدية والذهب، بحسب الصحيفة الأميركية. واستولى التنظيم كذلك على حقول نفط ومناجم ومصانع ومزارع في العراق وسوريا، وسرعان ما أنشأ شبكة من شركات كسب الأموال التي جَنَت أرباحاً من المتاجرة في السلع التي تتراوح من البترول والمعادن إلى التحف الأثرية، يُباع معظمها في السوق السوداء. وبالإضافة إلى ذلك، كان ملايين المواطنين في دولة الخلافة المزعومة يخضعون لضرائب ورسوم باهظة، بحسب الصحيفة الأميركية.
وبحلول عام 2015، بلغ مجموع الموجودات والمكاسب المتراكمة لدولة الخلافةالمزعومة ما قيمته 6 مليارات دولار، وفقاً لتقديرات بعض المحللين المستقلين. قال دانييل غلاسر، وهو مسؤول سابق في وزارة الخزانة الأميركية كان مسؤولاً عن التحقيق في تمويل الإرهاب عندما كان تنظيم داعش في ذروته، إنَّ الثروة التي يستحوذ عليها التنظيم كبيرة بشكل مذهل وبكل المقاييس. وقال غلاسر، الذي أصبح الآن موظفاً رئيسياً في شركة Financial Integrity Network الكائنة في واشنطن: “إنَّ الحجم والموقع الهائلين لأراضي تنظيم الدولة الإسلامية أتاحا له الوصول إلى موارد النفط، وإيرادات الضرائب، والأموال النقدية في خزائن البنوك التي كانت مختلفة نوعياً في نطاقها عن أي شيء رأيناه من قبل”.
التحالف يصادر أموال التنظيم
وبدأ التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش يستهدف مصادر تمويل التنظيم استهدافاً حازماً عام 2014. فقصفت الطائرات الحربية الأميركية المناطق المملوءة بالأموال المسروقة والحقول النفطية والمصافي وناقلات النفط. وبدأ التحالف في تحرير المدن والبلدات العراقية والسورية من سيطرة داعش عام 2015، ووصلت عملياته إلى ذروتها العام الماضي، فقطع مصادر الإيرادات الرئيسية المتبقية له، كما تقول الصحيفة الأميركية. لكن وفقاً لمسؤولي الاستخبارات والخبراء، أدَّت خسارة مناطق النفوذ أيضاً إلى اختفاء أكبر أوجه الإنفاق التي كان داعش يوجه إليها الأموال: مثل الرواتب، والصيانة، والأعباء المالية الأخرى التي ترافق الحكم.
حيلة التنظيم في الحفاظ على أمواله
وقال كولين كلارك، وهو خبير في الشبكات المالية الإرهابية لدى شركة The Soufan Group الأميركية للصحيفة: “رأينا بعض الناس ينقلون الأموال عبر شركات وهمية ووكلاء إلى مصارف المراسلة، ومع وجود عدد قليل جداً من الأرصدة المدينة، فإنَّهم يملكون ما يكفي من الأموال الاحتياطية للأيام العصيبة. ومن السهل بما فيه الكفاية إدارة حركات تمرد محدودة في المناطق الحدودية وما حولها خلال العقد القادم، دون كسب المزيد من المال، وهو الأمر الذي يتطلعون لفعله الآن”. ومع ذلك، وكما يعترف بعض مسؤولي الاستخبارات، فإنَّ التحدي المتمثل في اكتشاف ووقف التدفقات غير المشروعة من أموال داعش يزداد صعوبة مع تقلص مناطق سيطرة التنظيم الإقليمية. كانت شبكة الراوي العراقية تعمل لسنوات باعتبارها شركة خدمات مالية مشروعة، قبل أن يعلم المُحقِّقون الأكراد أنَّ عناصر التنظيم الجهادي يستغلونها.
وقال المحقق الكردي من مديرية مكافحة الإرهاب الذي شارك في مداهمات أربيل، والتي أسفرت عن اعتقال ثمانية أشخاص في تشرين الأول الماضي: “راقبناهم لفترة، وعندما رأينا أنَّ أموال داعش تدخل في عملهم، تدخَّلنا”. وأضاف أنَّ المسؤولين لم يعلموا الحجم الحقيقي لعمل الشركة العراقية إلا خلال التحقيقات اللاحقة. وقال: “نُقِلَت ملايينٌ كثيرة من الدولارات”.