كانت الرشوة بالدولار… أصبحت بالليرات الذهبية
مع ازدياد عدد «الراغبين» بالتطوع في الجيش، تطورت أساليب «الدفع» لأصحاب النفوذ أو «الواصلين»، من ذوي هذه «المصلحة» وفق التعابير التي يستخدمها ضحايا هؤلاء. فبعد أن كان «الدفع» يتم بالدولار الأميركي ونادراً بالعملة الوطنية، الليرة اللبنانية، أصبح يتم بالليرات الذهبية.
هذه «المجموعة» التي تضم «الوسيط» و«الواصل» والضحايا، حاكمت أفرادها المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن حسين عبدالله بعد اتهام ثلاثة منهم بالاستيلاء على أموال وليرات ذهبية من باقي المدعى عليهم الثلاثة الآخرين، بعد إيهامهم بقدرتهم على التأثير في مسلك السلطات وتطويعهم في القوى المسلحة.
كان للمدعى عليه ربيع ن.أ. طموح بالترشح إلى البلدية في قريته، وهو العائد من «الغربة بعد 20 عاماً في المهجر، ولذلك أراد أن يكسب ودّ أبناء بلدته وثقتهم بمساعدتهم بأي شكل من الأشكال، حين لجأ إلى المدعى عليه الآخر بلال ع. الذي لديه مروَحة واسعة من المعارف وعلى علاقة وطيدة بأحد الأحزاب، فضلاً عن «آدميته» وفق ما وصفه ربيع الذي أراد أن «يُكرمه»، ولذلك كان يطلب من الذين يلجئون إليه لمساعدتهم في التطوع في الجيش، ليرات ذهبية وفي بعض الأحيان مبالغ مالية، قال ربيع إنه سلّمها إلى بلال الذي أوهمه أن صهره عميد في الجيش ويستطيع مساعدته، فيما العميد المذكور المتقاعد حالياً لم يكن على علم بكل ما كان يفعله باسمه صهره.
يقول ربيع إن علي ح. وابنه علاء والمجند م.ن.أ. قصدوه في منزله طالبين مساعدته في إدخال الأخير وعلاء إلى الجيش، فعرض الأمر على بلال الذي كان يشتري من ربيع مواد تجميل فوعده خيراً. وإن طالبي المساعدة دفعوا له مليون ليرة و9 ليرات ذهبية «لأنني أردت أن أُكرم بلال فأكرمناه بذلك»، مضيفاً أنه «استرجع المال والليرات الذهبية من بلال» بعدما لم يلمس أي مساعدة من الأخير.
أما بلال فنفى ما أسند إليه وأنكر أن يكون قد أوهم ربيع بأن ما استحصل عليه منه من أموال وليرات ذهبية سيعطيها لصهره العميد مقابل تطويع «الشباب»، مؤكداً أنه لا يعرف «الشباب» وأن ثمة«حسبة» بينه وبين ربيع من خلال شراء أدوات تجميل منه، وهذه «الحسبة» هي بحدود أربعة ملايين ليرة. ويضيف بلال أنه لا يعرف «شو في بين ربيع والشباب».
وحول اعترافه في التحقيقات الأولية بقبضه مبالغ مالية وليرات ذهبية من ربيع بعد إيهامه أن لديه معارف في السلك العسكري وأن لا علاقة لصهرك بهذا الأمر إنما كان يأخذ المال والليرات لأنه يتعاطى المخدرات؟ أصّر بلال على نفيه متراجعاً عن تلك الاعترافات، فـ«أنا لم اعترف بشيء سوى بتعاطي المخدرات، ولم استلم من ربيع ليرات ذهبية».
وتدخل ربيع ليوضح أنه سلّم بلال تسع ليرات ذهب واستطاع أن يسترجع منه ليرتين فقط.
وأفاد المدعى عليه حسن ظ. بأن لا علاقة له بهذه القضية لا من قريب او بعيد، فـ«أنا قبضت أجار تاكسي مقابل نقلي شاباً وفتاة من المشرفية إلى معهد قوى الأمن وذلك مقابل مئة دولار استحصلت عليها من ربيع». واستوضح رئيس المحكمة المدعى عليه ربيع حول هذه الواقعة فأكدها «لأنني كنت أريد أن أكسب ثقة الناس بتأمين تنقلهم كوني كنت مرشحاً على البلدية».
وأكد المدعى عليه علي ح. أنه كان «حابب يفوت ولدا علاء عا الجيش»، فالتقى بالمدعى عليه ربيع عند الجيران حيث أعلمه أنه يستطيع ذلك فطلب منه مقابل ذلك 10 ليرات ذهبية على أن يدفع نصفها كدفعة أولى وعند تطوعه يدفع الباقي. وبالفعل – يضيف الوالد – «أرسلت الليرات مع أبني علاء ليسلمها إلى ربيع الذي طلب مبلغ 700 دولار إضافي، ولم يُعد لي أحد لا المال ولا الليرات».
وأكد علاء ح. أقوال والده مضيفاً أنه عندما قصد ربيع لتسليمه المال كان بلال موجوداً معه.
وفي إفادة م.ن. أ. الذي أصبح مجنداً، أنه تقدم للتطوع بصفة رتيب خمس مرات ولم يحالفه النجاح، وعندما حضر ربيع إلى البلدة «طلب منه والدي المساعدة فتقدمت للامتحان ورسبت»، إنما ربيع طمأن والده «منقدر ننجحو بتلات ليرات دهب»، ثم عاد ربيع وردّ ليرات الذهب لأنه لم يكن يوجد أي دورة للتطوع، وأوضح المجند أنه عاد وتقدم للتطوع «وأنا الآن مجند». وحول هذه الواقعة أوضح ربيع أنه كان سيعطي الليرات إلى بلال الذي نفى ذلك قائلاً: «عم بيحطني ببوز المدفع».
وقبل ان ترفع المحكمة الجلسة إلى كانون الثاني المقبل للمرافعة والحكم، قررت إخلاء سبيل ربيع ن.أ. وحسن ظ. مقابل 500 ألف ليرة لكل منهما بعد توقيفهما لأكثر من ثلاثة أشهر فيما أبقت على بلال ع. موقوفاً.
المصدر : الرأي