وسط غياب التحصين الداخلي.. استقرار لبنان عرضة للاهتزاز جراء عوامل خارجية
مصباح العلي
انحسرت سريعاً موجة التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة وربما أكثر من المتوقع، فمن المرجح العودة الى دوامة البحث عن مخارج في ظل تمترس كل فريق بشروطه والتمسك بمطالبه، غير أن الأزمة الاقتصادية والاوضاع الأمنية باتت لا تحتمل “الدلع السياسي” طالما ان انهيار الهيكل إن حصل فسيقع على الجميع.
في هذا الصدد، يشير أحد نواب “اللقاء الديمقراطي” الى أن صحة لبنان وعافيته باتت بحالة خطرة لا تنفع معها حقن المهدئات لتقطيع الوقت، فتشكيل الحكومة تجاوز عوارض الحرارة المرتفعة نحو حصول اشتراكات مع بروز مشاكل أخرى بات تهدد الجسد السياسي بأكمله.
كما يؤكد النائب المذكور، بأن جميع الاقتراحات التي جرى ضخها عقب نجاح الرئيس بري في مبادرته لطي صفحة توجيه رئيس الجمهورية رسالة الى مجالس النواب لم تشمل أية تنازلات، الرئيس عون وتياره على إصراره بالحصول على الثلث المعطل فيما حزب الله لم يتراجع عن المطالبة في توزير اللقاء التشاوري رغم الليونة في شكل وهوية الوزير الموعود، أما الرئيس المكلف فيتسلح بموقفه القائم على عدم قدرته تقديم المزيد من التنازلات.
على ان غالبية الاطراف إن لم يكن جميعها غير مدركة لحجم المخاطر جراء الفراغ الحكومي القائم وغياب مؤشرات جدية لفرج قريب، يزيد منها ارتفاع منسوب التوتر في الخطاب السياسي على خلفية التراشق حول مسؤولية التعطيل في حين ان الوضع المعيشي بات لا يحتمل بكل المقاييس.
الافق المسدود والتشاؤم المسيطر محليا، يضاف اليه تشاؤم اقليمي من مخاطر حقيقية تستهدف الاستقرار في لبنان، فحسب مصادر ديبلوماسية مواكبة للوضع اللبناني فإن الساحة اللبنانية تعكس سلسلة تطورات مقلقة ينبغي التعامل معها بجدية مطلقة، فالطرف الاسرائيلي المتربص شرا بلبنان لم يعمد للتحرش جنوبا عبر إثارة الانفاق المزعومة لولا شعوره بإمكانية استغلال الظرف الاقليمي والدولي لتحقيق مكاسب وهو يدفع باتجاه عقد جلسة لمجلس الامن من المرجح عقدها خلال الاسابيع المقبلة.
كما اعربت المصادر نفسها من مخاوف جدية على لبنان من توترات محتملة جراء محاولات دولية فرض ابقاء النازحين السوريين والعمل على توطينهم، خصوصا وأن وضع لبنان يفتقد للمناعة المطلوبة وسط انقسام سياسي حاد بسبل هذا الخطر الداهم دون الوصول لقرار وطني جامع.
وختمت المصادر بأن تراكم المشاكل الداخلية والعوامل الخارجية تعتبر مقدمة لمشهد مغاير تماما على المسرح الاقليمي، ولبنان له الدور الرئيسي انطلاقا من حيثية “حزب الله” جراء قوته وسطوته في الداخل كما نفوذه اقليميا، يضاف الى ذلك تشابك الوضع الداخلي مع نتائج الحرب السورية لناحية اعادة رسم خارطة الشرق الاوسط.