اسرائيل تُحضّر لفتنة بين اليونيفيل وحزب الله

 

“لا يوجد جدار أو سياج يفصلُ بين القوات الإسرائيلية واللبنانية حيث يجري هدم الأنفاق. كل ما يتطلبهُ الأمر هو جندي لبناني واحد يسبّب نشوب حريق يصعبُ إطفائه”، هذا ما كتبه قبل أيام الكاتب الإسرائيلي عاموس هاريل في صحيفة “إسرائيل هيوم”. كلام هاريل يؤكّد أن إسرائيل تخشى إندلاع مواجهة عسكرية مع لبنان، وتفضل “عملية سياسيّة”، وهذا ما يبرزه الكاتب في سياقِ مقاله.

تتحدثُ المصادر الصحافية الإسرائيلية عن العثور على ٤ أنفاق تعودُ لحزب الله. من جانبٍ آخر، يروي معلّقون صهاينة، أن جزء من هذه الأنفاق اكتشفَ قبل ٤ أعوام، تحديداً عام ٢٠١٤، لا بل يذهبُ بعضهم إلى ذكرِ أن أحد تلك الأنفاق، أي ذلك الذي حُفرَ عند كفركلا، تعلمُ بأمره القوات الإسرائيلية منذ عام ٢٠١١! فلماذا كل هذه الجلبة؟ القصّة ببساطة، بحسب رأيهم، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يبحثُ عن ذريعة، من جانبٍ يتقوّى بها على حزب الله ويستطيعُ توظيفها دولياً، ومن جانبٍ آخر يكسبُ فيها داخل مجتمعه في ذروةِ نزاله مع خصومه في موسم الإنتخابات، وهو ما دفعَ ببعضهم مثلاً لإطلاق اسم “درع نتنياهو” على العمليةِ وليس “درع الشمال”.

من الواضح أن إسرائيل ذاهبة صوب تدويل القضية. هذا ما يتبين من خلالِ دعوة مندوبها في مجلس الأمن، داني دانون، الذي طلب الدعوة إلى جلسة نقاش أنفاق حزب الله في موعدٍ حُدد اليوم، وهذا ايضاً ما يلتقطُ من فلتات لسان الكاتب الإسرائيلي يؤاف ليمور، الذي أعربَ عن اعتقادهِ أن تدويل القضية سيبلغُ حدوداً لم يبلغها في السّابق.

هذا اسرائيلياً، أما في بيروت، فثمّة من بدأ يجولُ على صالونات سياسيّة مبلغاً تحذيرات وردته من نيويورك، وتدلُ على أن إسرائيل تعاونها الولايات المتحدة الأميركية، ذاهبتان صوب عرض القضية “بطريقة مختلفة” في مجلسِ الأمن، وقد فسرَ أن الأمر “يُقصد من خلفه التدويل”. إلى جانبِ ذلك، هناك معلومات يقول أنه يمتلكها، حول مسعى تخوضه تل أبيب، يرادُ عبره إدخال تعديلات على نصِّ قرار مجلس الأمن رقم ١٧٠١، يتعلقُ بمهام قوات الطوارئ الدّولية المؤقتة في جنوب لبنان.

وبحسبِ ما يجري تداولهُ، ينصُ الإقتراح على ادخالِ تعديل على المُهمة الأساسية، بحيث يصبحُ من صلاحياتِ القبعات الزرق القيام بدوريات داخل القرى واجراء عمليات مداهمة وتفتيش لأي مكان يُدرج تحت خانة “الشّك” وهذا ما له أن ينقل المسألة في الجنوبِ إلى سياقِ المواجهة مع بيئة حزب الله، ومع الحزب نفسه.

لكن لا يبدو أن المشروع الإسرائيلي المدعوم اميركياً قابل للحياة بظل وجود معارضة روسية بارزة، على ما ينقلُ نفس المصدر، بحيث يتوقع “بدرجة عالية” أن تستخدم روسيا حق النقض الفيتو في حالِ عرضت مثل هذه الخطوة على التصويت. ما يصلحُ للدلالة إليه، هو تعمد الكاتب يؤاف ليمور، الذكر في مقالته، أن بنيامين نتنياهو، قال في إتصالهِ مع الرّئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن إسرائيل تسعى إلى طرح قضية الإنفاق وقضية تعزيز الحماية لإسرائيل على طاولةِ مجلس الأمن، ما يصبُ في خانةِ نفس القضية.

لكن وأمام هذه المسألة هناك وقائع لا يستطيع، لا مجلس الأمن ولا الدول المشاركة في القوةِ الدولية تجاوزه، وهو الإلتصاق الكامل بين البيئة الجنوبية وبيئة حزب الله، وما يدلُ إلى ذلك التجارب السابقة التي خاضتها بعض تلك القوات التي سعت إلى الإلتفاف على دورها عبر القيام بدوريات داخل القرى، وهذا ما تمت مواجهته من جانبِ الأهالي بشكل حاد.

أمرٌ بالغ آخر، أنه وإذا افترضنا ان تعديلاً ادخل على المهمةِ الأساسية للقوات الدولية، فإن الفريق المؤيد للمقاومة والذي يتألفُ من أكثر من نصفِ اللبنانيين، والذي يحظى بإستحواذ وسيطرة على أكثر من نصف مجلس النّواب، لن يعترفوا بأي تعديل، بل سيتخذون قرار المواجهة من خلالِ طرح مصير إستمرارية هذه القوات على الطاولة.

ويجبُ على من يقف خلفَ أمرٌ طرح التعديل، ومن يراهنُ عليه في الدّاخل، الإلتفات إلى أن أي تعديل في المهمة، قد يجعلُ القوة، بالنسبة إلى الطرف الأكثري في البلاد، تشبهُ قوة الإحتلال أو أقلّه اعتبارها قوة غير شرعية، ما سيبررُ مواجهتها لاحقاً، وهذا الأمر ومن المؤكد، لن تتحمله بعض الدُّول المشاركة سيّما تلك التي تنظرُ بقلق إلى مصير جنودها أو أخرى لا تمتلك أجندات سياسيّة من وراء المشاركة.

وفي ظلِ هذا الواقع، بحال حصل، سيعرض وجود القوة إلى مهبِ الريح وبالتالي انتفاء سبب المهمة الأساسية التي حضرت من أجلها، وسيحولُ الجنود إلى لقمةٍ سائغة وسط مخاطر شديدة، ما سيجبرُ دولاً على الإنسحاب، ما يعني أن حجم القوة سيتقلص ما سيجلب عليها وضعاً سيئاً يصعبُ تنفيذ أي مهمة.

ونظراً إلى هذا الواقع، قد تجد دولاً إستحالة في قبولِ إدخال أي تعديل إلى نص القرار ١٧٠١، تماماً كما حصل في مناسبتين بين عامي ٢٠١٦ – ٢٠١٧، وقت طرحت واشنطن الفكرة. لا بل أن دولاً اوروبياً، بحسب ما ينقلُ المصدر، لم تبدِ تشجيعاً لإدخال أية تعديلات، بل يمكنُ أن يُطرح من أجلِ غَض النّظر عن هذه الحالة، تعزيز العقوبات على حزب الله، وسط نبيه بإحتمال الموافقة على طلبٍ قد وضعه نتنياهو أمام وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، الذي التقاهُ في بروكسل، وفحوه “وضع عقوبات على الدّولةِ اللبنانية”.

عبدالله قمح

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى