السترات الصفراء: هل تذكرون ما حصل مع ديغول في 1968؟ وبيروت قريبة جداً من باريس!
لكنّ الازمة السياسية استمرت، لا بل تصاعدت، لتصبح خانقة. ما دفع الرئيس الفرنسي الى دعوة الفرنسيين للمشاركة في استفتاء شعبي حول الاصلاحات، في محاولة للخروج من المأزق الحاصل. لكنّ نتيجة الاستفتاء سجّلت خسارة لديغول الذي أعلن استقالته تنفيذاً لِما كان قد وعد به سابقاً.
صحيح أنّ عناوين الازمة التي أدت الى إطاحة رجل فرنسا التاريخي شارل ديغول، كانت داخلية فرنسية بَحتة، إلّا انّ أسرار التاريخ تروي أنّ جهاز المخابرات المركزية الاميركية CIA لم يكن بعيداً عمّا حصل، فهو عمل على مزيد من التحريض ضد الرئيس الفرنسي وصولاً الى إزاحته، إنتقاماً من القرار الفرنسي بالخروج من حلف شمال الاطلسي عام 1966.
كثيرون استذكروا ما حصل مع ديغول، وحاولوا إيجاد بصمات اميركية في التظاهرات التي وضعت فرنسا على حافّة أزمة كبيرة.
حتى الآن لا وجود لبصمات، ولا حتى لمصلحة اميركية، في الذي يحصل في عاصمة النور باريس كما يعتقد البعض ويشيرون، وهم بغالبيتهم من رجال الادارة الفرنسية، إلّا انّ طبيعة تحرّك المتظاهرين، وعدم وجود هيكلية فعلية لهم، وافتقادهم الى القيادة والتنظيم، كما ثبت لأجهزة الامن الفرنسية، لا يدفع الى الاعتقاد بوجود قوة تقوم بتحريكهم.
في المقابل، لا يوافق الفريق الآخر على «براءة» تحليل الفريق الثاني. ويعتقد هؤلاء انّ عدم وجود قيادة فعلية للمتظاهرين يعطي الدليل الاكيد على وجود بصمات خارجية، حيث تتولى وسائل التواصل الاجتماعي، وفي طليعتها «الفيسبوك»، تحريك هؤلاء وإثارتهم عبر حسابات وهمية. ومعروف مَن هو قادر على التحكم بهذه الوسائل، كما أنّ الخلافات الاميركية الفرنسية واضحة من الأمن الى الاقتصاد وأسواق ايران.
لكن، أيّاً يكن الاستنتاج الصحيح للاحداث الفرنسية، إلّا انه لا بد من الاعتراف والاقرار بأنّ فرنسا دخلت مرحلة جديدة قد تشهد في نهايتها تعديلات جديدة على الدستور، ما يعني ولادة الجمهورية السادسة”.
وأضاف: “وفي الازمة الفرنسية كثير من وجوه الشبه مع الواقع الذي يرزح تحته لبنان، صحيح انّ التركيبة اللبنانية لا تشبه التركيبة الفرنسية بشيء، لكن من الخطأ إشاحة الوجه عن تَشابُه كبير في بعض وجوه الازمة.
منذ العام 2005 واللبنانيون يَعِدون أنفسهم بآمال، ويبنون احلاماً على انقاض الانسحاب السوري من لبنان. لكن سرعان ما كانت آمالهم تتبدد وأحلامهم تتكسر إثر اصطدامهم بالواقع المر عند كل استحقاق، لا بل أكثر، فإنّ الطبقة الوسطى تتراجع لمصلحة الطبقة الفقيرة مع نشوء طبقة الفقر المدقع. أما طبقة الأثرياء فتشهد أعضاءً جدداً، يُصادف أنهم يدخلونها من باب السياسة.
والفساد ينخر معظم جسم الادارة اللبنانية، والصفقات المشبوهة باتت حديث وسائل الاعلام والصالونات. وفي المقابل لا يوجد موقوف واحد بتهمة الفساد، لا بل على العكس يجري استهداف وسائل الاعلام والمنتقدين على أساس “هل لديك دليل؟”.