معطيات جديدة … هكذا فر وهاب الى الأحراج

الحياة

لم يمثل رئيس حزب “التوحيد العربي” الوزير السابق وئام وهاب أمام “شعبة المعلومات” في قوى الأمن الداخلي للاستماع إليه في الإخبار المقدم ضده، كما كان مساعده وعد ضباط الشعبة يوم الجمعة الماضي، بحجة أنه يتقبل التعازي بوفاة مرافقه محمد أبو دياب.

وتكشفت معطيات جديدة حول حادثة إصابة مرافق وهاب يوم السبت الماضي في بلدة الجاهلية وخلفيات وظروف دخول قوة من “شعبة المعلومات” في قوى الأمن الداخلي إلى البلدة لإحضار الأخير، فيما لجأ وكيل وهاب أمس إلى طلب كف يد المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود عن الادعاء ضده بتهمة تهديد السلم الأهلي وإثارة الفتنة نظرا إلى تصريحاته التي تناولت الرئيس الشهيد رفيق الحريري بعبارات خرجة عن المألوف، ونقل الدعوى إلى محكمة المطبوعات.

وقالت مصادر أمنية لـ”الحياة” إن قيادة قوى الأمن الداخلي اتخذت قرار إحضار وهاب للاستماع إلى أقواله بناء لطلب القاضي حمود، بعدما رفض تسلم تبليغه بوجوب الحضور إلى شعبة المعلومات 3 مرات من الرد على التبليغ الذي حصل شفهيا بالتواصل من الشعبة مع مساعده الخاص. وأوضحت المصادر أن وهاب أقفل هاتفه وامتنع عن الرد على الاتصالات به على هواتف أخرى بحوزته وتهرب من تسلم التبليغ.

وأشارت المصادر الأمنية إلى أن قوى الأمن بوصفها ضابطة عدلية مكلفة من القضاء نفذت طلبا قضائيا بوجوب إحضار وهاب إلى التحقيق، وأن قيادتها قررت تنفيذ ذلك بعد ظهر يوم السبت بإرسال دورية إلى منزل وهاب، بعد أن أجرى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان اتصالات بكل من رئيس الجمهورية العمادة ميشال عون، قائد الجيش العماد جوزيف عون، ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، ووزير الداخلية نهاد المشنوق، وشرح لهم سبب صدور مذكرة إحضار في حق وهاب وأن قوة أمنية ستتوجه إلى منزله لتنفيذها.

وقائع حادثة الجاهلية

وذكرت المصادر أن “الكثير مما جرى تسريبه من الوزير وهاب وما قاله في شأن الوقائع الميدانية مخالف لمجريات الأمور”. وأفادت رواية المصادر الأمنية أنه عند حضور دورية “المعلومات” إلى منزل وهاب في ‏البلدة حاملةً مذكرة إحضار بحقه، تبيّن أنّ وهاب كان قد علم مسبقاً، من إحدى الجهات، بتوجّه القوى الأمنية لإحضاره، غادر المنزل وانتقل إلى الأحراج القريبة ليتوارى عن القوة الأمنية. وفيما ذكرت مصادر أخرى أنه ربما انتقل إلى منزل أحد أنصاره في البلدة، قالت المصادر الأمنية أنه ترك هاتفه الخليوي في المنزل مخافة كشف مكان تواريه عبر تعقب هاتفه من خلال أجهزة التعقب التي بحوزة القوى الأمنية، ‏وليتفادى إحضاره مخفوراً إلى التحقيق، وبقي قرابة الساعتين مختبئاً إلى أن عاد في نهاية إلى منزله بعد ‏مغادرة القوة الأمنية المكان إثر تعهد مختار البلدة أجود أبو دياب إبلاغه بوجوب الحضور إلى “شعبة المعلومات”.

ولفتت المصادر الأمنية إلى أنه من الطبيعي عند تنفيذ مذكرة إحضار أن ترافق العناصر التي تقوم بالمهمة قوة أمنية تحسبا لأي امتناع أو مقاومة للأمر القضائي، خلافا لمذكرة التبليغ التي هي مجرد رسالة إلى الشخص المعني يتسلمها كي يأتي على الموعد المطلوب إلى الضابطة العدلية أو الجهة القضائية المطلوب المثول أمامها. وحول ما أثير عن الحجم الكبير للقوة الأمنية التي توجهت إلى الجاهلية أكدت المصادر الأمنية أنه يعود للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عثمان تحديد القطعة الأمنية وحجمها في مهمات ‏كهذه بموجب إشارة قضائية، وفي حالة وهاب من البديهي إرسال تعزيزات أمنية إلى الجاهلية لأن وهاب معروف بأن معه عشرات ‏المسلحين وكان يردد بأنّ “الجاهلية عصيّة على الدولة”

وأوضحت المصادر أن الضابط المكلف تنفيذ مذكرة الإحضار ‏القضائية، كان وصل إلى منزل وهاب وتأكد من غيابه عنه فالتقى المختار أبو دياب الذي أبلغه بأنه يجهل مكان وجوده وأن وهاب كان أبلغه أنه سيمتثل أمام التحقيق الإثنين. إلا أن عناصر القوة الأمنية كانوا لاحظوا تمركز بعض الأشخاص المسلحين على أسطح بعض الأبنية المحيطة بمنزل وهاب. وأفادت المصادر الأمنية بأن هذا حصل بإيعاز من وهاب، وبأن هؤلاء بادروا بعد وصول سيارة ‏الضابط ومرافقه إلى المنزل، إلى إطلاق النار عشوائياً، في حين أن عناصر “المعلومات” امتنعوا عن إطلاق النار بالمثل منعا لأي سقوط ضحايا أو إصابات. واستندت المصادر إلى إفادة مختار البلدة أمام “شعبة المعلومات” لاحقا ب‏أنه لم يشاهد عناصر القوى الأمنية الرسمية تطلق النار. وكررت المصادر الأمنية بأنه نتيجة رصاص مسلحي وهاب أصيب مرافقه بو دياب برصاصة ‏من بندقية إم 16 .

رواية وهاب…والطبيب الشرعي

وفيما قال وهاب لاحقا إن الرصاصة التي اخترقت خاصرة أبودياب في جيبه بعد أن استخرجها الطبيب من جسد مرافقه هي من نوع إم 16 أو إم 4 وأن هذا سلاح أميري رسمي وأن الرصاصة، في حوزة القوة، وفق ما جاء حسب قوله في تقرير الطبيب الشرعي، (الدكتور حسين شحرور) الذي عاد ونفى ظهر أمس في تصريح الى محطة “إل بي سي” التلفزيونية أن يكون حدد في تقريره نوع السلاح المستخدم لأن هذا ليس من اختصاصه، وأنه استخرج الرصاصة وسلمها إلى الأجهزة الأمنية المختصة وأن الرصاصة دخلت من يمين الجسم وسط الخاصرة، وقال: “حددت المسار وأجريت الصور الشعاعية اللازمة إضافة إلى Scanner واعددت التقرير بكل حرفية وسلمته لمفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية”.

ووأشارت المصادر الأمنية إلى أن في كل الأحوال فإن أسلحة من نوع إم 16 أوإم 4 موجودة مع مسلحي عدد من الأحزاب ومن بينهم مرافقو وهاب الذين ظهروا في صور موثّقة ‏يحملون منها، نشرت أمس على مواقع التواصل الاجتماعي، بينهم مرافقه سماح حسام الدين.

وأضافت المصادر الأمنية أن التقرير الطبي اشار إلى أن الرصاصة التي أصابت أبو دياب أصابته من فوقه بينما كان هو على الطبقة الأولى من ‏منزل وهاب الأمر الذي يدحض أي مزاعم بأنّ الرصاصة أصابته من سلاح “المعلومات” التي كان يتمركز عناصرها على الأرض ‏وبالتالي من المستحيل أن تكون أسلحتهم مصدر الرصاصة التي أصابته.

وتعتبر المصادر الأمنية أنه على رغم الضجة الإعلامية في شأن حادث الجاهلية فإنها جرت بخلاف ما يشتهي وهاب لأن الدولة برهنت عن حضورها وحق الدولة في حفظ الأمن لا يموت، وأن وهاب بات بمثابة فار من العدالة، وسألت: “هل المطلوب أن يعيش اللبنانيون في ظل دولة ونظام أم في شريعة الغاب؟”، وأردفت: “قوى الأمن أثبتت هيبة الدولة وكل من يقف في وجه الشرعية وهيبتها سيكون هو الخاسر”.

تدخل “حزب الله”

ولاحظت المصادر أنه بعيد وقوع الحادث اعتذر وهاب من الرئيس الحريري وقال إنه سيمثل أمام القضاء، لكنه عاد ليدلي بمواقف عنترية بعدما تلقى وعدا بحمايته من “حزب الله” ويرمي التهم يمينا وشمالا ويتعرض للمسؤولين بالتهديد والوعيد، لكن هذا لن يغير في الأمر شيئا. ونقل غير مصدر عن أوساط وهاب في هذا المجال أن “حزب الله” أجرى اتصالات بالمراجع الأمنية اعتبر فيها أن إرسال “المعلومات” إلى الجاهلية يستبب بدماء وحرب، وأن الحزب لا يقبل باستفراد وهاب وتوقيفه، وأن تطبيق القانون عليه لا يتم بهذه الطريقة لأنه لم يحصل على غيره من الذين قطعوا الطرقات احتجاجا على التعرض للرئيس الحريري في الأيام الماضية، أو حيال ظواهر سابقة مثل ظاهرة أحمد الأسير وغيره.

وقالت مصادر سياسية لـ”الحياة” أنه في وقت اعتبرت أوساط رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط أن عراضة وهاب المسلحة حين نظم تظاهرات سيارة بلغت المختارة ليل الخميس – الجمعة الماضي، جاءت في سياق الضغوط لعرقلة تأليف الحكومة وتعطيل تشكيلها من قبل ما سماه محور الممانعة، فإن الهدف مواجهة مواقفه الرافضة لمحاولات فرض أمر واقع بالقوة على الصعيد الحكومي والرد على حديثه عن “وزراء علي المملوك” في تعليقاته على شرط “حزب الله” تمثيل النواب السنة الستة، في الحكومة. كما رأت أن هناك سعيا من أجل ترجيح كفة هذا المحور على الصعيد اللبناني وفي الجبل أيضا، وهو لذلك أعطى التغطية الكاملة للقوى الأمنية لمواجهة استخدام السلاح في فرض التوجهات السياسية. وقالت المصادر إن جنبلاط جنب الجبل مواجهة بين أنصاره وبين مسلحي وهاب، بترك الجيش اللبناني يسحب هؤلاء من الشارع ويوقف 57 عنصرا منهم تفاديا لمواجهة كان يمكن أن تتسبب بدماء كثيرة. وفي المقابل، فإن “حزب الله” رأى في تحرك “شعبة المعلومات” ضد وهاب تحركا ضد حلفائه الذين يسعى إلى إعطائهم أدوارا في الحكومة وعلى الأرض.

من جهة ثانية قامت عناصر من مباحث الأدلة الجنائية ومخفر بعقلين وشعبة المعلومات بإجراء تحقيقات في مكان حادثة الجاهلية وجمع أدلة.

وسعى مناصرو وهاب إلى تحييد الأنظار عن مسألة خضوعه للتحقيق عبر قيام محاميه معن الأسعد ظهر أمس بتقديم 3 طلبات أمام محكمة التمييز كما قال: “الأول تنحية القاضي حمود عن القضية ونقل الدعوى إلى محكمة المطبوعات وشكوى أمام التفتيش القضائي بحق حمود ليتم اتخاذ القرارات المناسبة بحقه”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!