بعد عقود من الحرمان تمكّنت بلدة كفرشوبا من تحديد معالمها الإنمائية
في منطقة العرقوب من قضاء حاصبيا، وعند مثلث الحدود اللبنانية- السورية- الفلسطينية، تقع بلدة كفرشوبا ثاني أكبر قرية في العرقوب بعد شبعا، والأكبر من حيث الأراضي في حاصبيا.
هي إحدى قرى العرقوب السبعة، تعتلي إحدى الروابي الغربية المنحدرة من جبل الشيخ لتطل من خلالها على سهل الحولة والجليل الأعلى في فلسطين المحتلة وعلى جبل عامل، يحدها شرقاً، بلدة شبعا، غرباً، بلدات الماري، المجيدية وكفرحمام. جنوباً، الجولان وفلسطين، شمالاً، بلدة الهبارية. يتراوح ارتفاعها عن سطح البحر من 400م الى 1400م، يبلغ عدد سكانها حوالي 9000 نسمة موزعة على ثلاثة مجمعات سكنية، هي، مزارع حلتا، وادي خنسا، وكفرشوبا.
موقعها الاستراتيجي جعلها نقطة صراع دائم والخط المتقدم في مواجهة العدو الاسرائيلي منذ احتلاله لفلسطين في العام 1948، وكانت خاضعة للسيطرة الأمنية السورية لغاية أواسط الستينات. وبعد توقيع الدولة اللبنانية اتفاقية القاهرة عام 1969 مع منظمة التحرير الفلسطينية التي سمح بموجبها بتسهيل مرور العمل الفدائي الفلسطيني وتحديد نقاط الاستطلاع في مناطق الحدود، أصبحت المنطقة خاضعة للسيطرة الأمنية الفلسطينية، وباتت أراضيها تشكل مسرحا لعمليات المقاومة الفلسطيية ضد العدو الصهيوني. عام 1982، انتقلت السيطرة الأمنية لإسرائيل وجيش لحد، واستمرت لغاية العام 2000 حين انسحب الجيش الإسرائيلي بموجب القرار الدولي 425 وبضغط من المقاومة.
وتجدر الإشارة الى أن البلدة تم تدميرها من قبل العدو خمس مرات وهجر أهلها مرات عديدة، وكانت عند كل مفصل وفي كل محطة من محطات المواجهة تقدم كوكبة من الشهداء من خيرة شبابها ومجاهديها. ولغاية اليوم، لا تزال أجزاء من أراضيها ومزارعها تحت الإحتلال الإسرائيلي، كما يتعذر الوصول الى قسم كبير من الأراضي المحررة نتيجة انتشار القنابل العنقودية التي زرعها العدو الصهيوني في الأحراج والبساتين بشكل كثيف قبل انسحابه، والتي تهدد المقيمين لا سيما المزارعين منهم ورعاة الماشية. ويبقى هَم أبناء البلدة أولاً وأخيراً استرداد ما تبقى من أراضيها المحتلة.
تمتاز كفرشوبا بزراعة الزيتون والتين والعنب والجوز واللوز، وكانت قديماً تشتهر بزراعة مختلف أنواع البقوليات من قمح وشعير وعدس وحمص…
يترأس المجلس البلدي الدكتورقاسم عز الدين القادري، الذي يؤكد أن البلدة تعرضت لإهمال مزمن واجحاف ولحق بها دمار وخراب ما جعلها بلدة منكوبة بكل ما للكلمة من معنى، ومن واجب الدولة العمل جاهدة على إنمائها وإنصافها على اعتبار أنها جزء لا يتجزأ من هذه الدولة.
وقد أنجز القادري العديد من المشاريع التنموية بالتعاون مع الأعضاء رغم الإمكانات المادية المتواضعة، محاولاً نفض غبار الحرمان عن معالم بلدته الأبية وإيلائها رعاية مضاعفة.
فعلى صعيد الأشغال، قامت البلدية بتوسيع الطريق العام من بلدة راشيا الفخار الى بلدة كفرشوبا، إضافة الى توسيع عشرة مداخل للبلدة مع إنشاء حيطان دعم على جوانب الطرقات، وشق طرقات جديدة مع تزفيتها تسهيلاً للوصول الى مختلف المناطق الزراعية وخصوصاً الطريق الرئيسي الذي يوصل كفرشوبا بمزرعة حلتا ووادي خنسا. وفي سياق متصل، تم استحداث مداخل للبلدة بهدف منع المرور داخل الأزقة والشوارع الضيقة. أيضاً، تم إقامة حيطان دعم في كافة أنحاء البلدة مع أرصفة. ونظراً لأهمية المنحى البيئي والتجميلي في الحياة اليومية، عمدت البلدية الى إطلاق حملة تشجير واسعة أدت الى تشجير معظم المشاعات والطرقات.
وفي ما يتعلق بموضوع الكهرباء، تم توسيع شبكة الكهرباء وباتت تطال كل الأحياء الجديدة بمساعدة من مجلس الجنوب. أما بموضوع المياه، فقد تم استحداث شبكة مياه حديثة والعمل جار لاستكمالها، وتم تأهيل عين البلدة بمساعدة مدير عام إدارة حصر التبغ والتنباك السيد ناصيف سقلاوي. وفي السياق عينه، تم توسيع وتعميق بركة بعثائيل التي تبعد عن البلدة 3كلم بتمويل من المشروع الأخضر، ما أدى الى تأمين ري الأراضي الزراعية بعثائيل وعذرائيل. وهناك مشروع مائي آخر يتمثل بمد شبكة ري من بركة بعثائيل الى منطقة عذرائيل. كما تم حفر بئر ارتوازي بعمق 580م وقد جهز بكافة المستلزمات بمساعدة من المهندس عصام غانم الذي تبرع ب 60000 دولار لإنشائه.
أما على الصعيد الإجتماعي، أنجزت البلدية مدرسة إبتدائية بتمويل من مجلس الجنوب وقد سلمت الى وزارة التربية، إضافة الى إنشاء مدرسة ثانوية بتمويل من مجلس الجنوب. وإيماناً منها بأهمية التواصل بين المؤسسات الرسمية والمجتمع الأهلي، سعت البلدية الى لعب دور مكمل ومساعد للمؤسسات التربوية والإجتماعية وقدمت لها العون المعنوي والمادي في تأدية واجبها الذي يعود بالخير والمنفعة على أبناء كفرشوبا والقاطنين فيها.
وفي هذا الإطار قامت البلدية بتقديم المساعدات المادية للمدارس وللجمعيات الخيرية والإجتماعية والرياضية وغيرها الموجودة في المنطقة، وتأمين المحروقات لها. وبهدف إيجاد بيئة سليمة تحمي الشبيبة من الأخطار المحدقة بها والمنتشرة في مجتمعاتنا، تم إنشاء ملعب رياضي شمال البلدة، مساحته 3500م.م والذي يعتبر من المشاريع الحيوية التي وفرت للشباب واحة لتنمية مواهبهم وقدراتهم البدنية، ويجري العمل على إنشاء ملعب رياضي في مزرعة حلتا على مساحة 6000م.م وقد حصلت البلدية على مساهمة مادية من وزارة الشباب والرياضة بقيمة 90 مليون ل.ل.
وفي الإطار الصحي، تم بناء مستوصف صحي بتبرع من المرحوم محمد قصب ومركز للمسنين، والبلدية اليوم بصدد وضع دراسة حول إدارة المستوصف والمركز على السواء.
ونتيجة الصراعات التي استمرت عقوداً من الزمن والتدميرالكلي للبلدة، نزح ما يقارب 80% من السكان الى البقاع وصيدا وبيروت والى الخارج، ما أدى الى فراغ سكاني فاضح، واليوم هناك حوالي 20% من المقيمين شتاء بين كفرشوبا وحلتا ويرتفع العدد صيفاً. ولا شك أن النزوح السوري أرخى بثقله على مقومات البلدة ورتب ضغطاً على البنية التحتية المتهالكة بالأساس والبيئة المتدهورة، ما جعل البلدية تتحمل أعباء ضخمة في مجالات النفايات والصرف الصحي والتعليم والصحة العامة وأزاء الواقع البيئي المتردي قامت البلدية بتفريغ الجُور الصحية لكي تستوعب كمية الفائض منها.
وعلى صعيد النشاطات، تنظم البلدية في كل عام مهرجاناً قروياً فنياً يجمع الآلاف من المواطنين من أجل تعزيز الوحدة والإنصهار والتآخي. وتجدر الإشارة الى أن بلدية كفرشوبا انضمت الى اتحاد بلديات العرقوب وتمارس دورها الفاعل لتعميق الوحدة بين أبناء العرقوب بمختلف انتماءاتهم الدينية والمذهبية والسياسية.