بحث شامل حول داء الكلب والاجراءات التي يجب اتخاذها من أجل الحد من هذا المرض
Rabiesداء الكلب
ما هو داء الكلب : يُعرف ب Rabies , و هو مرضٌ فيروسي من فصيلة الفيروسات الربدية Rhabdoviridae يصيب الحيوانات ذات الدم الحار في الدماغ , و قد تم تطوير لقاح ضده في عام 1885م من قبل لويس باستور و إميل رو . و قد استخلص هذا اللقاح من الأرانب المصابة بالفيروس و ذلك باضعاف الفيروس في الأنسجة العصبية ليجف من خمس إلى 10 ايام …و يوجد حالياً لقاح جديد ناتج من أجنة الدجاج و هو أقل تكلفة ولقاح نقي يستخلص من خلايا الفيروس, و هناك أيضاً لقاح مزدوج يدعى V-RGتم استخدامه بنجاح في بلجيكا فرنسا ألمانيا والولايات المتحدة للحد من انتشار داء الكلب بين الحيوانات غير الداجنة .. و يتم استخدام التطعيم للبشر و غير البشر حالياً كوسيلة للحماية من الفيروس قبل التعرض له , كما يُعد تطعيم الحيوانات الأليفة من داء الكلب هو مطلب أساسي . وينتقل عن طريق فم الكلب إلى دم الشخص الذي تعرض للهجوم , و يسبب هذا الفيروس مهاجمة الخلايا العصبية الموجودة في مخ الشخص ممّا يُسببُ التهاب الدماغ . فمن لحظة دخول الفيروس يكون موجهاً للعصب حيث ينتقل بسرعة عبر الممرات العصبية إلى الجهاز العصبي المركزي ,و من ثم الى أعضاء أخرى . و تستقبل الغدد اللعابية تركيزاً عالياً من الفيروسات و هذا ما يسمح بمزيد من التنقل .
أعراضه: يسبب هذا الداء الصداع , والضيق والحمى التي تتزايد لتتحول إلى ألم حاد و حركات عنيفة, و تهيج لا إرادي , و ينتاب المريض في النهاية نوبات من الجنون والعدائية المفرطة , والخمول مما يؤدي إلى غيبوبة , و شلل في عضلات البلع و تدهور الوظائف الادراكية للشخص , و فقدان القدرة على الانتباه , وقد ينتج عن هذه الاصابة داء الخرف , و رهاب الهواء , والاكثر حدوثاً هو رهاب الماء لأنه عرف عن المرضى بهذه الاصابة أنهم يصابون بالتهيج عند رؤية الماء , واضطرابات قد تؤدي الى الوفاة … كما يؤدي هذا المرض الى ارتفاع درجة الحرارة ’ كما يؤدي للوفاة عندما يصيب الانسان بمجرد ظهور الأعراض الا في حال تلقيه الوقاية اللازمة ضد المرض …و تسبب هذا المرض بوفاة 55000 شخص تقريباً في جميع أنحاء العالم .و تمكنت الولايات المتحدة من مراقبة الحيوانات و برامج التطعيم للقضاء على الكلاب المحلية للمرض .
** تشخيصه : من الممكن ان يكون صعب التشخيص اذ يمكن الخلط بينه و بين الأمراض الأخرى المعدية خاصة في مراحله المبكرة , و يمكن تشخيصه عن طريق أخذ عينات من الجلد قبل الوفاة أو عن طريق عينات من اللعاب والبول والسائل النخاعي و لكنها ليست بالغة الدقة …ويبقى التشخيص في المراحل المتقدمة مثل عارض رهاب الماء مع حمىّ مستعرة وغيرها من العوارض المذكورة ..
* آلية حدوثه : بعد الاصابة بالمرض بواسطة العض يدخل الفيروس إلى الجهاز المناعي الطرفي لينتقل بعدها عبر الأعصاب إلى الجهاز العصبي المركزي و في هذه المرحلة يصعب اكتشاف الفيروس داخل الشخص المضيف له , وعندما يمنح اللقاح فان مناعة الخلايا قد تمنع ظهور أعراض الداء , عنما يصل الى الدماغ يتسبب مباشرة بالتهاب خلايا الدماغ و هذه مرحلة بداية ظهور أعراضه ,و عندما تصبح الأعراض واضحة فان المعالجة غالبا ما تكون غير فعالة و نسبة حدوث الوفاة تصل الى 99%”, وغالباً ما يحصل هذا الأمر عند تناول لقاح فاسد يؤدي الى هذه العواقب الوخيمة ” كما يسبب داء الكلب التهاب خلايا الحبل الشوكي . و قد لا تنتقل العدوى دائماً عن طريق العض ..
*أسباب حدوثه : يحتوي لعاب الكلاب المصابة على نوع من الحمى الفيروسية التي تكون موزعة على لسان الكلب , والعقد العصبية الموجودة في الغدد اللعابية , و تظهر بعد أسبوع على فمه , لذا من المتوجب التطعيم للكلاب الأليفة التي يتم تربيتها داخل المنازل .
* ماذا يحدث للمصابين بداء الكلب :إن مسبب هذه العدوى هو فيروس مما يؤدي الى انتقال العدوى بالحمى الفيروسية للأشخاص الذين تعرضوا للاصابة عن طريق الجروح والخدوش التي يسببها الهجوم , و كلما كانت الاصابة قريبة من الدماغ كلما ازدادت الخطورة , و كلما كان الجرح المسبب من عضة الكلب عميقاً كلما انعكس ذلك ازدياداً في نسب الاصابة بالحمى الفيروسية .
* فترة الحضانة لفيروس داء الكلب : بادىء ذي بدء ماذا تعني كلمة فترة حضانة الفيروس أو الجراثيم ” فترة الحضانة بالإنجليزية: Incubation period هي المدة الزمنية المنقضية بين التعرض لأحد الكائنات المسببة للمرض، مادة كيميائية أو إشعاع، وبين أول ظهورلأعراض وعلامات المرض. قد تكون هذه الفترة قصيرة بقدر دقائق أو لفترة طويلة جدا كثلاثين عاما في حالة من مرض كروتزفيلد جاكوب المتغير.”
و عليه إن فترة حضانة فيروس داء الكلب هي من 4 إلى 6 أسابيع , ولكن في بعض الأحيان تستمر إلى أكثر من 6 أشهر وأحياناً تمتد لسنة, وهناك باحثون أخرون قد تحدثوا عن سبع سنوات أو أطول من ست أعوام وذلك يعتمد على مكان و خطورة الجرح الملقح ,و على كمية الفيروسات التي دخلت . .أما تشخيصه فيتم عن طريق إجراء إختبارات للأجسام المضادة الموجودة في الجسم للكشف عنها عن طريق البول واللعاب . و من أهم الدلالات على داء الكلب هو رُهاب الماء أولاً و من ثم رهاب الهواء …
* كيفية إنتقاله : لا تنتقل العدوى فقط عبر عضة الكلب من خلال ريقه, وإنما أيضاً عبر العديد من الحيوانات التي قد تحمل هذا الداء و هي من الحيوانات ذات الدم الحار بما في ذلك الانسان و التي ممكن أن تصاب بفايروس هذا الداء و نذكر منها : القرود القطط الثعالب النمس ابن آوى حيوان الراقون أو الراكون , الضباع الخفافيش الماشية الذئاب الظربان القيوط الراكون .. وقد ينتشر أيضاً عن طريق التعرض للحيوانات المصابة بالعدوى على غرار الماشية والجرذان وابن عرس والدببة والراكون والظربان وغيرها من آكلات اللحوم البرية . انتقال المرض بين إنسان وآخر هو نادر الحدوث إلا أنه سُجِّلت بعض الحالات التي انتقل فيها الفايروس عبر عمليات زراعة الأعضاء بعد إصابة الانسان العادي بالعض. و حسب منظمة الصحة العالمية فإن النسبة الأعلى من الذين أصيبوا بداء الكلب من جرّاء عضة الخفافيش قد أصابتهم المنية , وهذه الدراسات قد بينت حدوث ذلك بنسبة كبيرة في القارة الأمريكية و كندا ..
* كيف يتم القضاء عليه : – من خلال الحفاظ على النظافة العامة والعناية بالبيئة , وفرز النفايات وإقامة مصانع لها , وعدم نشر المكبات …
– اللقاحات لبعض اصناف الحيوانات البيتية التي تسبب نقله وأولها الكلاب : ففي سويسرا على سبيل المثال تم القضاء على الفيروس نسبياً بعد أن وضع العلماء رؤوس دجاج يحتوي على اللقاح الموهن الحي في جبال الألب السويسرية . و قد اكتسبت الثعالب في سويسرا التي ثبت أنها السبب الرئيسي لداء الكلب في البلد المناعة لنفسها ضد هذا المرض عندما اكلت رؤوس الدجاج ..
– الحد من الحيوانات الشاردة ولا سيما الكلاب عبر خصيِها وتحويلها للأبحاث العلمية .
* من هم الأكثر عرضة لداء الكلب : حسب منظمة الصحة العالمية الأكثر تعرضاً لهذا الداء هم الاطفال من عمر 4 سنوات إلى 15 سنة , و الأغلب هم الذكور و ذلك نتيجة حب هؤلاء للكلاب واللعب معهم .
* علاج داء الكلب : عند الاصابة بعضة الكلب من المتوجب غسل الجرح , أو مكان العضة جيداً بالماء والصابون لمدة 10-15 دقيقة واستعمال القفازات المصنوعة من المواد الطبية , و من ثمّ وضع المطهرات على الأنسجة المنتهكة – المصابة في الجلد التي تفتك بالجراثيم والفطريات , و من ذلك نذكر على سبيل المثال لا الحصر : البوفيدون اليودي iodine povidone –betadine solution , أو Dakin solution و محلول صبغة اليود أو محلول اليود المائي أو الكحول ” الإيثانول غيرها من المعقمات الجلدية , و يجب أن تُشطف بالماء جيداً الأغشية المخاطية التي تعرضت للفيروس مثل العين والأنف أو الفم ……. ومن ثم التوجه إلى المركز الطبي المخصص لعلاج داء الكلب حيث يقوم الاختصاصي بإعطاء الغلوبولين المناعي لتقوية جهاز المناعة في مواجهة الفيروس و تحديداً دواء ال imunnoglobuline -20 unités / kg على أن يُعطى نصف المقدار داخل الجرح أو القضمة , والنصف الآخر عبرطريق الحقن العضلي العميق بحيث تكون بعيدة عن موضع اللقاح .. ومن ثمَّ إعطاء اللقاح مرتين عبر حقنة في كلِّ كتف على أن يُكرر هذا الأمر مرة واحدة في اليوم السابع و في اليوم 21 …إنه من المتوجب عزل المريض سواء داخل المشفى أو داخل البيت و عزل أدوات طعامه حتى لا ينقل العدوى لشخص آخر . في عام 2004 نجت المراهقة الاميركية جيانا جيزي من عدوى داء الكلب من دون تطعيم حيث وضعت في حالة غيبوبة مسببة عند بداية ظهور الأعراض وأعطيت الكيتامين , ميدازولام , ريبافيرين , و آمانتادين . أُعطيت هذا العلاج اعتماداً على فرضية الآثار الضارة لداء الكلب التي تنتج عن اختلال وظيفي مؤقت في الدماغ , لذا يمكن تفاديها عن طريق التسبب بتوقف جزئي في وطائف الدماغ مما سيقوم بحمايته من التلف مع اعطاء الجهاز المناعي الوقت الكافي للقضاء على الفيروس . بعد 76 يوما من العزل الصحي و 31 يوما من التنويم في المستشفى نجت جيزي تقريبا من دون آثاردائمة واعتباراً من عام 2009 كانت قد بدأت في السنة الثالثة من دراستها الجامعية ..و قد أصبح النظام العلاجي الذي اتبع في حالة جييز معروفا باسم بروتوكول ميلوواكي , و قد اجريت له تعديلات عدة من ذك الحين و من ضمنها النسخة الثانية والتي لم يستخدم فيها الريبافيرين . نجا اثنان من أصل 25 مريضاً تم علاجهم بطريقة البروتوكول الأول . و تم علاج 10 مرضى آخرين بطريقة البروتوكول المعدل الثاني ممّا أسفر عن نجاة و شفاء مريضين ’آخرين ايضا. لكن من الواضح أن التطعيم واستعمال الغلوبولين المناعي هو الأضمن على أن لا تكون اللقاحات فاسدة!!
** التوصيات لمربي الحيوانات المنزلية : – عند إصابة أحد الحيوانات أو استعارها أو الاصابة منها بخدوش يتوجب أخذ اللقاح مباشرة .
-عند لمس لسان الحيوان لمكان به جروح أو تلوث جرح يجب حقن اللقاح المحتوي على مواد مضادة لداء الكلب , بالاضافة إلى تطهير الجرح .
-إعطاء الحيوانات اللقاحات الخاصة بها باستمرار ” تطعيم الكلاب والقطط والأرانب والقوارض ضد داء الكلب .
-إبقاء الحيوانات الأليفة تحت الاشراف
-عدم لمس الحيوانات البرية أو الضالة
-الفحص المستمر و مراقبة الحيوانات المنزلية .
-الابلاغ عن الحيوانات البيتية التي تسبب العض .
** خلاصة : نظراً للاصابات المتكررة من جراء الاستعار المفاجىء للكلاب ندعو إلى أخذ الحيطة والحذر واتخاذ الاجراءات التالية :
– دعوة المسؤولين في وزارة الصحة اللبنانية إلى تأمين اللقاحات المجانية اللازمة الفعالة لمنطقة النبطية بأسرع وقت ..
– دعوة منظمة الصحة العالمية إلى الدعم بتأمين اللقاحات والوسائل اللازمة لمنطقة النبطية للحد من هذا المرض
– عند أية إصابة يجب غسل مكانها جيدا ً كإجراء أولي ومن ثم التوجه إلى المستشفى الحكومي في النبطية أو مركز داء الكلب في مدينة صيدا ..
– تصفية الكلاب المسعورة , والحد من الكلاب الشاردة عبر تظافر جهود جميع البلديات, وتأليف لجنة تنسيقية ذلك لان الحدود الجغرافية لتنقل هذه الحيوانات هي مباحة دون رقيب أو حسيب , و على أن تقوم كل بلدية على حدة بالحد من الكلاب الشاردة بالوسائل اللازمة …
– التنبه إلى أن الكلاب الشاردة قد تتحول فجأة إلى كلاب مستعرة بسبب كونها مرَّت في مرحلة إحتضان المرض كما يحصل في النبطية ومنطقتها ..
– إن مرض الكلب لا يحدث فقط من خلال العض بل و من أسباب أخرى ذكرتها آنفاً..
– التطعيم الفوري للحيوانات البيتية من قطط وكلاب وغيرها
– الحد من تراكم النفايات والمكبات في المناطق والحفاظ على النظافة العامة كي تحد من انتشار هذه الحيوانات ..
مع خالص شكرنا …
” إعداد عضو المجلس البلدي في مدينة النبطية الصيدلي د.عباس حسن وهبي “
المصدر:موقع جنوب لبنان